ما لي سواكا ...

إني جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي فالجسم مني للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيس *** أحبك حُبَّيْن: حبّ الهوى، وحباً لأنك أهل لذاكا فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمّن سواكا وأما الذي أنت أهل له فكشفك للحجب حتى أراكا فلا الحمد في ذا، ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكا *** واحسرتاه! العلة التي أشكوها ليست مما يستطيع الطبيب علاجه. إنما دواؤها الوحيد رؤية الله. وما يعنيني على احتمال هذه العلة إلا رجائي أن أحقق غايتي هاتيك في العالم الآخر. *** نظرت بقلبي إلى الجنة فآذاني، فتبت أن لا أعود. *** ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً لجنَّته، فأكون كالأجير السوء. عبدته حباً وشوقاً إليه. *** إنما أعبده لذاته. أفلا يكفيني نعمة منه أنه يأمرني بعبادته؟ *** وتخللت مَسلك الروح مني وبه سُمّي الخليل خليلا فإذا ما نطقتُ كنت حديثي وإذا ما سكتهُ كنتَ الغليلا *** إن ثمرة العلم الروحي هي أن تصرف وجهك عن المخلوق كما توجهه إلى الخالق وحده، لأن المعرفة هي معرفة الله. *** فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك العزم فالكل هيّنٌ وكل الذي فوق التراب تراب *** يا سروري ومنيتي وعمادي وأنيسي وعدّتي ومرادي أنت روح الفؤاد أنت رجائي أنت لي مؤنس وشوقك زادي أنت لولاك، يا حياتي وأنسي، ما تشتت في فسيح البلاد *** يا حبيب القلب ما لي سواكا فارحم اليوم مذنباً قد أتاكا يا رجائي وراحتي وسروري قد أبى القلب أن يجيب سواكا *** قد هجرت الخلق جمعاً أرتجى منك وصيلاً، فهو أقصى منيتي *** نعم الرجل أنت لولا أنك تحب الدنيا! *** إني لأستحيي أن أسأل الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها؟ *** ما يسرني أنك عبد لي، وأن كل مالك لي، وأنك شغلتني عن الله طرفة عين! *** إني والله أحبه حباً شديداً، ولكن حب الخالق شغلني عن حب المخلوقين. *** ما كنت أحب أن في قلبك موضعاً فارغاً لمحبة غيره. *** إلهي أتحرق بالنار قلباً يحبك؟ *** أستغفر الله من قلة صدقي في قولي: «أستغفر الله!». *** أي أخي! أعلمت أن العبد إذا عمل بطاعة الله أطلعه الجبار على مساوئ عمله، فتشاغل به دون خلقه! *** حبيب ليس يعدله حبيب ولا لسواه في قلبي نصيب حبيب غاب عن بصري وشخصي ولكن في فؤادي ما يغيب *** وزادي قليل ما أراه مبلّغي ألِلزاد أبكي أم لطول مسافتي؟! أتحرقني بالنار يا غاية المنى فأين رجائي فيك! أين مخافتي! *** إني لأضمن باللقمة الطيبة أن أطعمها نفسي، وإني لأرى ذراعي قد سمن فأحزن. *** صلاتك نور والعباد رقود ونومك ضدّ للصلاة عنيد وعمرك غنم إن عقلت ومهلة يسيرٌ ويفنى دائماً ويبيد *** ما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي يوم القيامة، وما رأيت الثلج إلا ذكرت تطاير الصحف، وما رأيت الجراد إلا ذكرت الحشر. *** إنما أنت أيام معدودة، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم فاعمل. *** إلهي إن قلبي مضطرب وسط هذه الدهشة. أنا لبنة والكعبة حجر. وما أريده هو أن أشاهد وجهك! *** يجب على المرء ألا يغتر بحيل الشيطان. *** إني حارسة رباط فعلاً، لأني لا أدع شيئاً يخرج مما في داخلي، ولا أدع شيئاً يدخل مما هو خارج. *** إن حبي لله قد شغلني عن الاشتغال بكراهية الشيطان. *** وا أسفاه! إن العلة التي أشكو منها من نوع لا يستطيع طبيب أن يشفيه، ودواؤها الوحيد هو رؤية الله. وما يعينني على احتمال هذه العلة هو رجائي في أن أبلغ رغباتي في العالم الآخر. المختارات من كتاب «رابعة العدوية شهيدة العشق الإلهي»، د. عبد الرحمن بدوي و «رابعة العدوية في محراب الحب الإلهي»، مأمون غريب