الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند.. صراع ضد التضخم

17 يونيو 2015 22:26
يعتبر محافظ «بنك الاحتياطي الهندي» «راغورام راجان» نموذجاً غريباً في آسيا، ففي حين يقدم محافظو البنوك المركزية الآخرين في المنطقة على ضخ مزيد من الهواء في فقاعات الأصول، حيث قلصت نيوزيلندا وكوريا الجنوبية أسعار الفائدة الأسبوع الماضي وربما تحذو أستراليا حذوهما قريباً، ينتهج «راجان» سياسة «التقدم ببطء». وبالطبع سيحسب له إظهار مثل هذا الانضباط وسيصب في مصلحة الهند. وقد أخذ محافظ «بنك الاحتياطي الهندي» نصيبه من التيسير النقدي خلال العام الجاري، مؤخراً في الثاني من يونيو الماضي. ولكنه لم يحاول التنافس مع أقرانه في المنطقة: إذ لا تزال أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند 7.25?، مقارنة بـ 5.1? في الصين، و3.25? في نيوزيلندا، وأقل من صفر في اليابان. كما أن «راجان» لم يقتف أثر الآخرين في التلاعب بمتطلبات الاحتياطيات البنكية وقواعد هوامش الإقراض لدفع أسعار الأسهم صعوداً. وليس من قبيل المصادفة أن أسعار الأسهم في بورصة «مومباي» تراجعت خمسة في المئة خلال العام الجاري، بينما قفزت أسهم «شنغهاي» 60 في المئة. وبدلاً من ذلك، واصل «راجان»، أستاذ الاقتصاد البارع في جامعة «شيكاغو»، الضغط على رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي». وجعل زيادة التيسير النقدي مشروطاً بإحراز تقدم في الإصلاحات الهيكلية التي وعد بها «مودي» قبل أكثر من عام مضى، عندما خاض حزبه «بهاراتيا جاناتا» الانتخابات العامة قبل عام مضى. وأثناء تحذيره من «التيسير النقدي التنافسي» الأسبوع الماضي، كان «راجان» يخبر الحكومة بأنه لن يخضع لضغوط خفض أسعار الفائدة في الدول الأخرى. ويدفع «راجان» الحكومة على وجه الخصوص إلى زيادة إنفاقها على البنية التحتية، ويرغب في التأكد من أن «مودي» يفعل الصواب إزاء «موازنته المقترحة»، التي يعد فيها بقفزة في النفقات على الطرق والجسور والموانئ بهدف زيادة التنافسية الهندية. وربما أن «راجان» و«مودي» حصلا على دعم من الأخبار الأخيرة التي تشير إلى عزم شركة التكنولوجيا «فوكسكون» تصنيع جهاز «آيفون» من شركة «آبل» في الهند. وتعتبر هذه شهادة إثبات للمهارة الاقتصادية الحالية في الدولة، ودليل على الإمكانات الكبيرة للهند كمحور تصنيع، خصوصاً في ضوء عزم الصين على الانتقال بسوق إنتاجها من الصناعات الأساسية إلى تصميم البرامج والفضاء وصناعات الإنسان الآلي، غير أن مودي يأمل في الوصول إلى الإمكانات الكاملة لحملة «صنع في الهند» التي دشنها، ويتطلب ذلك تحركاً حكومياً جريئاً. ولا تزال هناك أمور كثيرة على «راجان» أن يفعلها، خصوصاً أن فريقه يعيد صياغة القواعد كي يساعد البنوك على التعافي من قروض للشركات المتعثرة، وعليه أن يعجل من هذه الجهود. وحتى بعد خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات، لا يزال نمو القروض في الهند ضعيفاً، وبحسب المستشار الحكومي «أرفيند سوبرامنيان»، فإن قطاع الشركات متوتر بدرجة غير معتادة، وفي الحقيقة من المرتقب أن يزيد التوتر في أصول الدولة إلى أعلى مستوياته في 15 عاماً خلال 2016، بينما ترتفع مخاطر عجز البنوك عن السداد مقارنة بأي دولة آسيوية أخرى. ومن أجل التعامل مع مشكلة التضخم في الهند، والتي تنبع- على عكس أية مكان آخر في آسيا- من ضعف الكفاءة والفساد، على «راجان» تشجيع الحكومة على تخفيف الضرائب وتقليص الإجراءات الروتينية وفتح قطاعات محمية من المنافسة، والقضاء على المحسوبية، وتحرير القوانين العقارية. وإضافة إلى تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ستساعد مثل هذه الخطوات على جذب مزيد من الأعمال من «فوكسكون» ونظرائها العالميين. ويليام بيسك * *يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©