اعداد - أيمن جمعة:
لم يصدق الصحفيون آذانهم عندما أعلن بيل جيتس بصوت تغلفه الكآبة، أنه لا يشعر بالسعادة لحصوله على لقب 'أغنى رجل على وجه الارض' بثروة اجماليها 50 مليار دولار، وتعهد الرجل الذي يكسب 250 دولارا كل ثانية بالتبرع بـ 95 % من ثروته قبل مماته··! جاءت تصريحات جيتس خلال مؤتمر لشركة مايكروسوفت وبعد أسبوع واحد فقط من مأدبة الطعام التي أقامها للرئيس الصيني هو جين تاو ·
وبيل جيتس هو رئيس مايكروسوفت وكبير مهندسي البرامج في الشركة التي تحقق ايرادات بلغت 39,79 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو 2005 ويعمل بها أكثر من 61 ألف موظف في 102 دولة · ورغم هذه القوة الاقتصادية، فان جيتس قال 'يا ليتني لم أكن أغنى رجل في العالم·· صدقوني لم أستفد بأي شيء اطلاقا من كل هذه الضجة· لقد سئمت هذا الوضع تماما' مشيرا الى انه لم يعد يستطيع تحمل الاضواء التي تجذبها ثروته· وعندما سئل عما اذا كان يحيط نفسه بالمستشارين الماليين، قال جيتس 'لا·· فأنا أحب الجلوس بمفردي' مشيرا الى انه لا يسمح لنفسه بالانزلاق في الامور المالية مثل الضرائب وغيرها·
وجيتس (51 عاما) الذي رفض اكمال دراسته في جامعة هارفارد ليتحول الى مبرمج كمبيوتر هو أغنى رجل في العالم متقدما على كل أباطرة النفط والاستثمار· وهو يحتل هذا اللقب منذ ثمانية أعوام متتالية، وتقول مجلة فوربس إن ثروته وصلت الى ذروتها عام 1999 عندما بلغت 90 مليار دولار لكنها تقلصت الآن الى 50 مليارا··!
ويشتهر جيتس الذي أسس أكبر شركة لبرامج الكمبيوتر في العالم سنة 1975 بالتعاون مع أحد أصدقاء طفولته، بانه لا يحب الاضواء· وربما هذا ما جعله ينفي وبقوة اثناء المؤتمر الصحفي ان تكون لديه اية نوايا للتوجه الى العمل السياسي، وعندما سئل عن السبب قال 'هناك عدد هائل من الاسباب، وانا أفضل ان أظل على ما أنا عليه·'
ويعيش هذا الرجل الذي لا يشعر بالسعادة بسبب مكانته وسط الاثرياء، في منزل مساحته 40 الف قدم مربع بولاية واشنطن، ويقال انه يضم مكتبة خاصة وملعبا للجولف من 18 حفرة ودارا للسينما و24 حماما (وهو ما يمكن ان يعطي انطباعا عن عدد غرف المنزل)، وتتضمن مقتنياته من عالم الفنون والاداب، 'كوديكس ليستر' للكاتب ليوناردو دافينشي التي اشتراها جيتس مقابل 30,8 مليون دولار· وهذا المؤلف يضم ما اجماليه 72 صفحة فقط ويتضمن كل افكار دافينشي التي وضعها بعد الانتهاء من لوحة الموناليزا الشهيرة· وبسرعة تجدد الجدل حول العلاقة بين المال والسعادة، وما اذا كان الثراء هو مفتاح الشعور بالرضا والسعادة النفسية ام ان هناك عوامل أخرى· وتقول صحيفة 'الجارديان' البريطانية 'لم يصدق حضور المؤتمر آذانهم·· فهذا الرجل الذي يعيش في أفخم المنازل في العالم ويمتلك مجموعة من أندر الكتب واللوحات الفنية ولا يجلس الا مع رموز الفكر والاقتصاد والسياسة، يقول وبوضوح انه غير سعيد ويتمنى لو ان مكانته بين الاثرياء تتراجع كثيرا لتذهب الاضواء عنه·' وتقول صحيفة 'التايمز' في تعليق على تصريحات جيتس 'بيل جيتس هو الرجل الذي حطم المفهوم التقليدي لرجل الاقتصاد، الذي ينظر اليه الناس على انه صاحب شركة للاستيراد والتصدير وبيع المنتجات·· فقد قدم لنا نموذجا لكيف يمكن ان تصبح الفكرة هي نواة الاقتصاد·' لكنها رفضت موافقة بيل جيتس على مشاعره قائلة 'صحيح ان جيتس ومن قبله عدد كبير من الشعراء والادباء والمفكرين يؤكدون ان المال ليس كل شيء وان الكثير من الملوك فقدوا رؤوسهم فوق عروشهم الذهبية·· رغم هذا كله فان هذه الفكرة لم تستطع قط طوال التاريخ ان تجمع قاعدة عريضة من الانصار·'
عدد اليوم
