السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البعض يراه قفصاً ذهبياً وآخرون يعتبرونه سجناً مع وقف التنفيذ

البعض يراه قفصاً ذهبياً وآخرون يعتبرونه سجناً مع وقف التنفيذ
30 يناير 2010 20:53
تنهدت زينب بصوت متهدج، وهي تقول: «ماذا أفعل لقد اكتشفت بعد زواجي ببضعة أشهر أن زوجي غير قادر على تحمل المسؤولية، على الرغم من أنني كنت أقول له إننا سنتحمل أعباء الحياة الزوجية معاً، إلا أنه كان يهرب، وأخيراً، قرر أنه يريد العودة إلى حياة العزوبية على الرغم من كوني حاملاً بطفلنا الأول». حكاية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، صفاء محمد زوجة لديها ثلاثة من الأبناء، وزوجها لا يبالي بمسؤولية الزواج، ويعيش حياة العزوبية، يضيع وقته هباءً، متناسياً أنَّ لديه أسرة عليه تحمل أعباءها. هذا قليل من كثير، فكم كبير من النساء يشتكين غربة أزواجهن، وتبرمهم بالحياة الزوجية، لكن في مقابل ذلك ثمة من يشاع بينهم بأن الزواج قفص ذهبي، أو حديدي، وفي الحالين يبقى قفصاً يحد من الحرية. في الوقت نفسه نرى الكثير من الفتيات يسعين إلى الزواج سعياً، ويعتبرنه غاية المراد في الحياة، عازمات على إسعاد أزواجهن، فهل المنازل الزوجية سجون حديدية أم أعشاش بلابل؟! متنزه عطر يشير محمود حسن لهذا القفص الذهبي الذي يرى البعض أنه يحد من حريته وعطائه، يقول: «لا أرى أن الزواج يفقد الرجل والمرأة شيئاً من حريتهما، لأن كلاً منهما يتفق مع الآخر على كيفية تسيير حياتهما اليومية بالأسلوب الذي يُتفق عليه، ولابد من وجود بعض المشكلات التي تعرقل حياتهما عند بداية الزواج، والتي قد تكون سبباً، نوعاً ما، في تقييد الحرية وحرق الأعصاب. ويضيف محمود مؤكداً: «لابد لكلا الطرفين أن يدركا أنَّ الحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر على وتيرة واحدة، لكن الزوجين الواعيين يتجاوزان الأخطاء والاختلافات التي تقع بينهما، شرط ألا تمس جوهر العلاقة ونقاءها، والزواج من وجهة نظري هو متنزه جميل تفوح منه عطور التفاهم والمحبة». زواج دبلوماسي سيف سالم، موظف، يعتقد من وجهة نظره أن الحياة الزوجية لابد من أن تتميز لدى كل من الطرفين بشيء من الدبلوماسية في التعامل، بحيث يكملان بعضهما بعضاً من دون أن يفرض أحدهما نفسه على الآخر، فالعلاقة الزوجية إذا بنيت على أساس من التفاهم والود هي أفضل من قصر ذهبي، حسب رأيه، أما إذا بنيت على المشاحنات فإنها تكون سجناً حقيقياً. دخول اختياري بدورها ترفض منى الضباح (ربة بيت) أن يكون الزواج قفصاً ذهبياً ما لم تغمره سعادة حقيقية، تقول معلقة في هذا الشأن: «لأن الدخول إلى هذا القفص يكون اختيارياً، ومن اختار الدخول لا بد له من أن يمنح شريكه كل ما يستطيع من احترام وتقدير، ويبحث عما يمكن أن يدخل البهجة إلى قلبه، والمشاركة هنا يجب أن تكون حقيقية، لأن الحياة الزوجية تفترض اقتراناً بين رجل وامرأة يعيشان معاً، بل يعيش كل منهما للآخر». لكنَّ منى تستدرك: إلا أن هذا القفص يمكن أن يكون سجناً حقيقياً حين تسيطر عليه المتاعب والخلافات، لذلك من الضروري أن ينهض من المشكلات والعثرات التي تعترض حياته. الزواج محبة بينما ترى شهد عبد الله (موظفة) أنَّ الزواج سنة الحياة، ولا صحة لتفسيره بأنَّه قفص حقيقي يحد من حرية الزوجين. وتضيف شارحة:«الحرية تقاس بأصول وقواعد، وهذه مرتبطة بتفسير الزوجين معاً لها، لا أن يفسرها كل منهما على هواه، فالعلاقة الزوجية تبنى على أساس التعاون والتفاهم، وحسن تقدير كل من الزوجين للدور الذي يقوم به الطرف الآخر، وتبقى الحياة الزوجية في أغلب الأحوال هي الجنة التي يبحث عنها الإنسان مهما كان». رأي الأهل يشكو الأب جاسم أمين من عزوف ابنه عن الزواج، قائلاً: «لدي ثلاثة أبناء، تزوج الأكبر أحمد، وتزوج الأصغر، خالد بينما يرفض بدر فكرة الزواج مطلقاً». وبالطبع فإن لدى بدر 37 عاماً ما يؤهله للزواج، فالبيت، كما يروي والده، مجهز ومؤثث ويشغل وظيفة مرموقة. وعما يتركه هذا العازب في نفس والده وأسرته، جاء صوت الوالد حزيناً: «يوماً بعد يوم يزداد القلق ويتعاظم الهم. الجميع يسألني متى سيتزوج ابنك، وأنا لا أملك إجابة». ويستدرك معترفاً: «لم أكن أعرف أن الأولاد قد يشكلون عبئاً أكثر من البنات، في أوقات كثيرة أتمنى لو أن بدر كان فتاة، ربما حينها لم أكن لأفكر كثيراً بالأمر». كذلك تصرح أم سيف أن بقاء ابنها الأوسط «سيف» من دون زواج يؤرقها ويسبب لها التعب الشديد، وتقول: «أنظر إليه وقد تزوج جميع إخوانه وهم أصغر منه، فيصيبني الألم وأشعر بالإحباط. عمره تجاوز الثلاثين أخشى عليه الوحدة. سيقترب من العقد الرابع، ولا زوجة لديه ولا أطفال، من سيؤنس وحدته غداً ومن سيرعاه، ولماذا لا يحب الزواج، فهو استقرار وأمان له». الجانب النفسي قال الجميع ما لديه واعترف المتزوجون والأهل بما يقلقهم، ويبقى لأهل العلم والاختصاص آراؤهم، فرأينا أن نبسط على طاولتهم الداء لعلنا نعرف الدواء. حنان عبد الناصر الكربي، استشارية نفسية، تعلق على الأمر قائلة: «كثيراً ما نسمع متزوجين في بداية زواجهم يعانون من كون الزواج تقييداً للحرية، ومواجهة لالتزامات لا حصر لها، وذلك بفعل صورة ذهنية برمجت عليها أذهان هذا البعض، ولذلك قد يتخذ البعض قرار تأجيل الزواج هروباً من المسؤوليات، ومن هذا التقييد الخانق، كما يرونه، إلا أن الزواج هو بداية الحرية لمن فهمه بمنظوره النفسي و الشرعي الصحيح، وعلى ضوء هذا الفهم لن يشعر أحدهما أن الآخر عبء عليه، وحاجز لحريته، وذلك بفعل توحد الهدف والرؤية لدى الطرفين». تسترسل الكربي مضيفة: «الزوجان يكونان أحياناً خطين مستقيمين لا يلتقيان في هدف ولا في رغبة مشتركة، لكنَّ تحمل المسؤولية في الزواج دليل على الرشد والأهلية لحمل هذه الأمانة، والمساهمة في البناء، وعليه يجب أن يكون السلوك متوافقاً مع هذه الرؤية، الزواج ستر واستقرار نفسي، وحب سامٍ، وصناعة أجيال، فماذا ستجلب لنا الحرية غير هذه المعاني النبيل»؟ وعلى الرغم من كل ذلك تضيف الكربي: «يجب تهيئة كلا الزوجين للدخول لهذه الحياة الجديدة برؤية واضحة، وعمق في الفهم، حتى يتسنى لكل واحدٍ منهما أن يعطي بحب ورغبة في العطاء من دون شعور بالتقييد، فالعطاء إن كان من الطرفين وحاول كلاهما مشاركة الآخر في اهتماماته، فإنَّ هذا القفص سيتحول إلى مملكة حب يأوي كلٌ منهما إليها. رفقة ومؤانسة أكدت دراسة أميركية حديثة أن الزواج له فوائد كبيرة للبعض، في حين أنه لا يؤدي الغاية نفسها للأشخاص الذين كانوا في قمة صحتهم الذهنية قبل الدخول إلى القفص الذهبي. وأفادت معدتا الدراسة، أدريان فريش ومكريستي ويليامز، من جامعة أوهايو، بأنهما افترضتا مع بدء الدراسة أن الاكتئاب يؤثر سلباً في الحياة الزوجية لمن يعانون منه، وبالتالي فهو لا يشكل أي فائدة بالنسبة إليهم، ولكنهما وجدتا بعد التعمق في البحث أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق. شملت الدراسة 3066 عازباً تحت سن الـ55، واستخدم فيها اختباراً من 12 سؤالاً لتحديد المصابين بالاكتئاب من بينهم، وبينت النتائج، التي نشرت في مجلة «السلوك الصحي والاجتماعي»، أن المكتئبين لا يتمتعون بقدر كبير من السعادة الزوجية، ولديهم نزاعات كثيرة، ولكنه في جميع الأحوال حسن مزاجهم. وذكر الباحثون أن الزواج ربما يوفر نوعاً من الرفقة التي يفتقر إليها الأشخاص العزاب، وبالتالي يساهم بالتخفيف من حدة الاكتئاب لديهم
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©