الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الغريب فيها

17 يناير 2015 00:35
«هذا اليوم ، مررت بتجربة استثنائية هي الأجمل في حياتي. لقد أجريت مقابلة مع الكاتب. وأنا أقوم الآن بإعدادها للصحيفة التي سمحت لي بأن أمضي يومي في أروقتها. ورغم أن هذه التجربة مهمة وهي حلم للقراء والكتاب الشباب، إلا أنني لم أخبر بها أحداً من زملائي في الفصل أو أحداً من المعلمين في المدرسة. لماذا فعلت هذا الشيء، لماذا أبقيتها سراً على الرغم من أهميتها؟ ببساطة لأن أحداً لا يستسيغها». هذه اعترافات فتاة مراهقة موهوبة وجدت نفسها تعشق القراءة إلى حد يفوق التصور، ما جعلها تقبل على تجربة استثنائية وهي العمل كمتعاونة مع إحدى الصحف الكبرى، من أجل أن تتسع تجربتها في مجال القراءة من خلال التفاعل كمحررة ناشئة، لكن هوايتها هذه ظلت سراً لا خوفاً من الحسد، ولكن خوفاً من نظرة زملائها في المدرسة من الجيل الذي يعتبر القراءة «موضة» قديمة. وأنت ماذا تفعل، هذه المشكلة ليست غريبة، لكن الغريب فيها أنها تحدث في مكان آخر من العالم، في بلادهم، بلاد الثورات الثقافية، فتحزن صاحبتها وتضطر للتخفي. بينما تتوقع مثلا أنه لو حدث الشيء نفسه عندنا فإن هذه الطفلة التي ابتليت بالقراءة حتى كرهت الناس فيها ربما عانت، بسبب موهبتها التي ليست «في خاطر» أحد، البنيّات في هذه السن لن يستسغن إلا شيئاً «كشخة» مثل الماركات، والملابس التي تشترى من خارج البلاد، أو شيء من الإنستجرام كل يريد أن يعرف «من وين» فلا أحد لديه شيء عالمي مثله. أما في مدارس تدرس فيها الثقافة الجنسية والجندر والعرقية وما أبعد منها فلا تتوقع أن يحدث شيئاً من هذا! تستأنف الفتاة صاحبة المشكلة حديثها عن نفسها، مستنكرة أن تكون غير عادية وغير سوية اجتماعياً لهوسها بالقراءة، بأنها تشبه أي فتاة في مثل سنها فهي تهتم بانوثتها، تضع المكياج على وجهها أيام العطل، وتلتقي أصدقاءها في عطلة آخر الأسبوع، وتتحدث في الهاتف باستمرار، وتستخدم «فيسبوك» وتتكلم مع زملائها عن المعلمين أيهم تحب وأيهم لا تحب. لكنها كما تؤكد تقرأ، بكثافة، فما الذي يجعلها مملة في نظر زملائها؟ الحقيقة أن من رأى مصائب غيره هانت عليه مصائبة. فكل ما نعرفه عن هذا العالم المتقدم أنه «غير عنا وخلاص».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©