الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستثمارات الأوروبية تتسابق على الطاقة البديلة في مصر

الاستثمارات الأوروبية تتسابق على الطاقة البديلة في مصر
19 يونيو 2011 21:55
تسارعت تحركات شركات أوروبية تعمل في مجالات الطاقة البديلة وتحديداً طاقة الشمس والرياح، على توسيع أعمالها في السوق المصرية. وتقود شركات فرنسية وألمانية هذه التحركات؛ بهدف إقناع الحكومة المصرية بالتركيز على توليد الكهرباء من المصادر المتجددة المتوافرة في مصر لا سيما الطاقة الشمسية، حيث ترى هذه الشركات إمكانية أن تمد مصر بلدان أوروبا الغربية بكامل احتياجاتها من الكهرباء الشمسية باستثمارات تتحملها الشركات الأوروبية. وتقدمت شركات فرنسية بعرض مغر للحكومة المصرية تلتزم بموجبه بتنفيذ جدول زمني يتضمن إحلال الطاقة الشمسية محل الكهرباء المولدة من البترول بنسبة 50% على الأقل خلال 6 سنوات مما يعني أن تبدأ الحكومة المصرية بالتوازي مع هذا البرنامج تنفيذ خطة لتحرير أسعار الطاقة وتخفيف فاتورة الدعم البالغة 99 مليار جنيه في موازنة العام الجديد 2011 – 2012 طالما سيتوافر بديل من الطاقة الشمسية. وعرضت الشركات الفرنسية عدة مشروعات تتضمن مصادر التمويل التي تعتمد بالدرجة الأولى على قروض ميسرة طويلة الأجل من البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وبنوك فرنسية كبرى ونوعية التكنولوجيا المستخدمة وتدريب كوادر مصرية على إدارة محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبيع الطاقة الناتجة بأسعار تنافسية. وتشمل المشروعات مشروعاً عملاقاً بمنخفض القطارة يمكن أن يبدأ العمل به فور توقيع الاتفاق لاكتمال دراساته التي تكلفت 50 مليون يورو، وكذلك إنشاء محطة جديدة لتوليد الكهرباء من الرياح بمنطقة الزعفرانة على ساحل البحر الأحمر لإمداد مناطق التطوير السياحي الجديدة هناك بالطاقة غير الملوثة للبيئة للحفاظ على تنافسيتها السياحية إلى جانب مشروع ثالث في صعيد مصر من الطاقة الشمسية يخدم خطط التوسع العمراني التي تعتزم الحكومة المصرية تنفيذها هناك وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروعات الثلاثة 2,6 مليار يورو. وعرضت الشركات الفرنسية عدة بدائل للتمويل لتدرسها الحكومة المصرية وتختار المناسب منها على أن يتضمن جزء من التمويل بعض المنح والمساعدات التي عرضتها بعض دول الاتحاد الأوروبي خلال قمة الثماني الأخيرة لدعم الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة. وتأتي تحركات الشركات الفرنسية والألمانية في هذا التوقيت لتلبي احتياجاً عاجلاً لدى الحكومة المصرية، حيث تمثل لها قضية تكلفة الطاقة سواء كانت مدعومة أو غير مدعومة مأزقا اقتصاديا ملحا وتسعى مصر إلى تخفيف أثار هذه التكلفة على الموازنة العامة بعد أن كادت تقترب من المعدلات العالمية وفي ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط على ضوء مؤشرات الأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن ترتفع هذه التكلفة لتشكل قيداً على خطط التنمية والتوسع الصناعي بالبلاد، إلى جانب التكلفة البيئية المدمرة للاستمرار في الاعتماد على توليد الطاقة من المصادر التقليدية. وتأتي عروض الشركات الأوروبية في وقت طرحت فيه بعض الدوائر الاقتصادية والسياسية في مصر فكرة تأجيل إنشاء مشروع المحطة النووية في منطقة الضبعة بالساحل الشمالي الغربي لأسباب تتعلق بمعايير الأمان النووي التي تعرضت لاختبار صعب بعد انفجار إحدى المحطات النووية اليابانية قبل شهرين، إلى جانب التكلفة المرتفعة لإنشاء محطة الضبعة وما يردده البعض من أن الحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال لا يحق لها اتخاذ قرارات استراتيجية على هذا المستوى من دون أن تحصل على تفويض مباشر من الشعب، مما يعني إحالة ملف المحطات النووية بالكامل إلى الحكومة المنتخبة القادمة لتقرر ما تراه بناء على التفويض الشعبي الذي حصلت عليه عبر صناديق الاقتراع. وتأتي العروض الأوروبية لتمثل البديل العملي لمشروع المحطات النووية في ظل غموض الموقف التمويلي حيث كان النظام السابق يخطط لتمويل المشروع عبر المزج بين برامج للاقتراض الخارجي والداخلي آي أن بند الاستثمارات العامة في موازنة الدولة لم يكن يتضمن أي مخصصات لإنشاء محطة الضبعة، وهو ما كشفت عنه الموازنة الجديدة التي سيبدأ العمل بها بعد أيام، وهذا يعني عدم القدرة على اتخاذ قرارات تنفيذية مباشرة في هذا الملف رغم إعلان وزارة الكهرباء عن قرب طرح المشروع أمام الشركات والمكاتب الاستشارية العالمية لتقديم العروض المالية والفنية لإنشاء المحطة. وحسب خبراء يعملون في مجال الطاقة، فإن توليد الطاقة من المصادر المتجددة في مصر وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يعد “كعكة” استثمارية مغرية أمام الشركات الأوروبية نظراً للتكلفة المنخفضة لتوليد الطاقة من هذين المجالين في مصر مقارنة بدول أخرى في شمال أفريقيا لامتلاك مصر مزايا نسبية تشمل طول عدد أيام وساعات سطوع الشمس في المناطق الساحلية القريبة من أوروبا وتوفر كوادر بشرية مؤهلة ومدربة وجاهزة للعمل في هذا المجال، إلى جانب حماس المؤسسات المالية الغربية لتمويل مشروعات مصرية من هذا النوع لربحيتها المرتفعة وتنامي الطلب على الطاقة البديلة مستقبلاً سواء في بلدان الجنوب الأوروبي التي ستعد سوقاً استهلاكية مثالية للطاقة النظيفة المصرية أو في السوق المحلية ذاتها المتوقع لها أن تشهد توسعا في السنوات العشر المقبلة على ضوء التحولات الديموقراطية المرتقبة والرغبة في إعادة توزيع السكان جغرافيا على المناطق المختلفة لخلخلة الكثافة السكانية في المدن القديمة. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن حجم الاستثمارات المطلوبة في المرحلة الأولى لإطلاق عدد من مشروعات توليد الطاقة الشمسية في مصر يدور حول 5 مليارات دولار، وهي استثمارات توفر على الخزانة المصرية نحو 50 مليار جنيه “توازي 9 مليارات دولار بالأسعار الحالية” عند اكتمال تنفيذ هذه المشروعات ودخولها حيز التشغيل، مما يعني الفوائد المالية الكبيرة التي تجنيها السوق من الدخول بقوة مجال الطاقة البديلة لا سيما في ظل عقود جاهزة لتصدير جانب من الطاقة المتولدة إلى السوق الأوروبية، ويفسر ذلك صراع الجانبين الألماني والفرنسي على الفوز بحصة الأسد من هذه “الكعكة” المغرية، حيث استقبلت القاهرة وفداً يضم أكثر من ثماني شركات فرنسية كبرى متخصصة في هذا المجال. وتتوافق رغبة الشركات الأوروبية في الاستثمار بمجال الطاقة البديلة في مصر مع استراتيجية طموحة لوزارة الكهرباء المصرية المعروفة باسم استراتيجية الطاقة البديلة 2020 والتي تعتمد على تخصيص 67 بالمئة من الاستثمارات المطلوبة في هذا المجال للقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي والتزام الشركات الحكومية بتنفيذ الحصة المتبقية. كما تهدف هذه الاستراتيجية أن تشكل الطاقة البديلة نحو 20 بالمئة من استخدامات الطاقة في مصر بحلول العام 2020 مما يوفر عشرات المليارات من الجنيهات كاستثمارات مطلوبة لإنشاء محطات تقليدية لتوليد الطاقة لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وتسعى وزارة الكهرباء المصرية إلى جذب مزيد من الاستثمارات العالمية في هذا المجال عبر تقديم التيسيرات والحوافز المالية والضريبية والفنية والدعم اللوجيستي والقانوني لتشجيع الشركات الدولية على الدخول إلى السوق المصرية للعمل في إنشاء محطات للطاقة الشمسية، حيث تستهدف الخطة الحكومية المصرية توليد نحو 920 ميجاوات من الطاقة الشمسية كمرحلة أولى. ويكشف الدكتور حسين الجمال، استشاري مشروع منخفض القطارة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح، عن وجود مستقبل كبير للطاقة البديلة في مصر. ويشير إلى إمكانية أن تتحول مصر إلى أكبر مصدر للطاقة النظيفة لبلدان أوروبا الغربية مما يوفر موارد مالية هائلة ومستدامة للبلاد. وقال الجمال إن الاتجاه إلى الطاقة البديلة أصبح إجبارياً خلال السنوات المقبلة لارتفاع تكلفة الطاقة التقليدية وقرب نضوب مواردها الطبيعية من الغاز أو النفط وتضرر البيئة من الآثار السلبية للطاقة الملوثة وفي نفس الوقت لم يصبح الخيار النووي لتوليد الكهرباء خياراً مقبولاً لأسباب تتعلق بالأمن والتسرب الإشعاعي ورفض قطاعات واسعة من المجتمع المدني في مختلف دول العالم هذا الخيار النووي طالما توفر بديل أكثر أمناً ومحافظة على البيئة. وأضاف أن سرعة دخول مصر هذا المجال عبر التحالف مع شركات عالمية ذات خبرة كبيرة يعني اختصار مرحلة مواجهة أزمة “جوع الطاقة” الذي سيهدد العديد من بلدان العالم خلال السنوات المقبلة ومن ثم فان التيسيرات التي سيتم منحها لهذه الشركات تلعب دوراً حاسماً في تفضيل هذه الشركات للعمل في السوق المصرية مقارنة ببلدان شمال أفريقيا خاصة تونس والجزائر والمغرب التي تتمتع بمزايا مماثلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويؤكد محمد الديب، العضو المنتدب للبنك الأهلي سوسيتيه جنرال، والذي لعب دوراً ملموساً في اجتذاب الشركات الفرنسية للعمل في السوق المصرية في السنوات الأخيرة أنه لا توجد مشكلة تمويلية في مجال الطاقة البديلة، حيث إن البنوك العالمية الكبرى ترحب بالدخول بقوة في هذا المجال الواعد المضمون الربحية وهو التوجه المستقبلي، بالإضافة إلى أن مشروعات الطاقة بصفة عامة سواء كانت تقليدية أو غير تقليدية مرحب بها من جانب البنوك الدولية أو المحلية لأهمية هذا القطاع الاستراتيجي وعلاقته المباشرة بالنمو الاقتصادي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©