السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مشروع قانون جديد للبنوك في مصر يعزز الصيرفة الإسلامية

مشروع قانون جديد للبنوك في مصر يعزز الصيرفة الإسلامية
17 يونيو 2012
(القاهرة) - فاجأ حزب “الحرية والعدالة” الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين القطاع المصرفي ودوائر الأعمال المصرية بإعداد مشروع قانون جديد للبنوك بدلاً من القانون 88 لسنة 2003. وأرسل الحزب بنسخ من المشروع إلى البنك المركزي واتحاد بنوك مصر وعدد من رؤساء البنوك العامة لإبداء الرأي بشأنه وتسجيل الملاحظات عليه. ورغم المفاجأة التي عبرت عنها الأطراف المعنية، وفي مقدمتها البنك المركزي لانفراد الحزب في سرية تامة بإعداد مشروع القانون، فإن بياناً صدر عن الحزب كشف عن عقد سلسلة من الاجتماعات شارك بها عدد من الخبراء المصرفيين لمناقشة مشروع القانون على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، وهي الاجتماعات التي أكد كل من البنك المركزي واتحاد بنوك مصر عدم علمهما بها، ومن ثم عدم مشاركتهم فيها. واعتبرت الدوائر المصرفية أن قانون البنوك الذي أعدته جماعة الإخوان المسلمين هو بمثابة “الطلقة الأولى” في معركة أسلمة الجهاز المصرفي المصري. وأضافت أن القانون يفسح الطريق أمام إنشاء المزيد من البنوك الإسلامية أو تحويل البنوك التجارية القائمة إلى بنوك إسلامية عبر خلق بنية تشريعية محفزة لنشاط الصيرفة الإسلامية في مصر. «إنتربنك» إسلامية وتضمن مشروع القانون عدداً من المواد التي تلزم البنك المركزي بإنشاء هيئة للرقابة الشرعية داخل قطاع الرقابة بالبنك المركزي تتولى مراجعة أعمال البنوك الإسلامية وإلزام البنك المركزي باستحداث سوق موازية لعمليات “الإنتربنك” ـ أي الاقتراض بين البنوك ـ تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية أي خلق سوق “إنتربنك” إسلامية، إلى جانب السوق التقليدية القائمة بهدف مساعدة البنوك الإسلامية على توظيف فوائض السيولة التي قد تتوافر لها مستقبلاً وتسمح لها للمرة الأولى بالاستثمار في أدوات الدين الحكومية ـ أي شراء وبيع السندات وأذون الخزانة التي تصدرها وزارة المالية على مدار العام ـ بما يفتح الطريق أمام البنوك الإسلامية، لتصبح لاعباً فاعلاً في عمليات إدارة السيولة بالقطاع المصرفي بدلاً من دورها الهامشي في الوقت الراهن. وتضمن مشروع القانون عدداً من التعديلات الجوهرية التي من المفترض أن تلتزم بها البنوك العاملة في السوق وخلال مدة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر هي فترة توفيق للأوضاع حددها مشروع القانون. وفي مقدمة هذه التعديلات التزام البنوك كافة العاملة في السوق بزيادة رأسمالها بمعدلات تتراوح بين 4 و6 أضعاف، حيث يلزم مشروع القانون البنوك المحلية بزيادة رؤوس أموالها من 500 مليون جنيه ـ حسب الوضع الراهن ـ إلى ملياري جنيه وزيادة رؤوس أموال فروع البنوك الأجنبية من 50 مليون دولار إلى 300 مليون دولار، وكذلك زيادة رأسمال البنك المركزي نفسه من 2 إلى 4 مليارات جنيه. كما يلزم مشروع القانون البنوك كافة بما فيها البنوك الحكومية بالتخلص من أصولها العينية ـ مثل الأراضي والعقارات ـ خلال مدة زمنية لا تتجاوز 5 سنوات، بدعوى أن امتلاك الأصول والمضاربة على الأراضي والعقارات ليست من المهام الأصلية لعمل البنوك. وشملت التعديلات إلزام البنك المركزي بتقديم تقاريره الدورية للبرلمان ومجلس الوزراء إلى جانب رئيس الجمهورية، حيث كان الوضع في السابق يقتصر على تقديم هذه التقارير إلى رئيس الجمهورية وحده. وكذلك إخضاع صندوق تطوير الجهاز المصرفي ـ الذي أثار جدلاً كبيراً حول إهدار أمواله على رواتب ومكافآت لبعض القيادات المصرفية طيلة السنوات الماضية ويمول من معونة أوروبية ونسبة من أرباح بنوك القطاع العام ـ لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات لضبط عمليات الإنفاق المالي من مخصصات الصندوق التي تزيد على المليار جنيه. التأمين التكافلي وكذلك السماح بالتأمين التكافلي على الودائع في البنوك الإسلامية وإلغاء المجلس التنسيقي الذي أنشئ بهدف تنسيق السياسات المالية والنقدية بالتعاون بين البنك المركزي والحكومة وتحديد مدة تولي منصب محافظ البنك المركزي بفترتين فقط مدتهما الإجمالية 8 سنوات لا يجوز التجديد بعدهما للمحافظ. ويرى البعض أن هذا التعديل يهدف إلى الإطاحة بالمحافظ الحالي الدكتور فاروق العقدة بعد أن جدد له المجلس العسكري 4 سنوات إضافية بعد 8 سنوات قضاها في منصبه منذ عام 2004 ـ كما تشمل التعديلات إلزام البنك المركزي بإعداد سجل خاص يضم أسماء العلماء الذين يمارسون الرقابة الشرعية بالبنوك الإسلامية القائمة. ويرى خبراء مصرفيون أن التعديلات التي تضمنها مشروع القانون الجديد للبنوك سوف تثير متاعب للسوق خاصة التعديلات المتعلقة بزيادة رأس المال، حيث إن هذه الزيادة والمدة القصيرة نسبيا لتوفيق الأوضاع قد تدفع البنوك الأجنبية للانسحاب من السوق نظراً لعدم قدرتها على الوفاء بشرط زيادة رأس المال بما يوازي ستة أضعاف لاسيما وأن معظم البنوك الأجنبية العاملة في السوق المصرية أوروبية تعاني مراكزها الأم في اليونان وإيطاليا وفرنسا متاعب جراء أزمة اليورو والديون هناك، وقد تضطر لبيع وحداتها التابعة في السوق المصرية وهو ما يجري حالياً بالفعل. وقد تقدم بنك “اتشيه” التركي لشراء وحدة بنك بيريوس اليوناني في مصر، وكذلك يعرض بنك “بي أن بي باربيا” الفرنسي بيع وحدته في مصر للوفاء بالمخصصات المطلوبة منه في فرنسا لمعالجة ديون رديئة على شركات أوروبية. كما يرى هؤلاء الخبراء أن الزيادة سوف تشكل عبئاً على البنوك المحلية، حيث ستؤدي إلى تجنيب أرباحها بالكامل للوفاء بهذا الشرط وسوف يتضرر أكثر من 32 بنكاً محلياً من هذا الالتزام. ويرى هؤلاء الخبراء أن قصر مدة توفيق الأوضاع على 6 أشهر فقط سوف يشكل أزمة خانقة لكافة الوحدات المصرفية العاملة في السوق وأن هذه الفترة يجب ألا تقل عن ثلاث سنوات حتى تستطيع البنوك إنجاز ما هو مطلوب منها. استقلالية البنك المركزي في المقابل، يرى الدكتور محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية في حزب “الحرية والعدالة” التي أعدت مشروع القانون وتتبنى الفلسفة الحاكمة له ـ أن مشروع القانون يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز استقلالية البنك المركزي ويعلي مبدأ سيادة القانون وتهيئة البيئة التشريعية لتطوير ونمو الصيرفة الإسلامية بما يعني تعبئة المزيد من المدخرات وتوفير أدوات تمويل غير تقليدية. وقال ان الهدف الأساسي هو العمل على حماية الاقتصاد من أي ممارسات ضارة ويحصن المحافظ ونائبيه من العزل وتقليص ممثلي الحكومة في مجلس الادارة الى ممثل واحد لوزارة المالية، وحث البنك المركزي على زيادة رأسماله من موارده الذاتية من دون الرجوع الى وزير المالية. كما سيؤدي مشروع القانون حال اقراره الى إلغاء جميع أشكال تعارض المصالح في مجلس ادارة البنك المركزي مثل وجود رؤساء بنوك في مجلس الادارة أو وجود أصحاب شركات للمراجعة المالية مثلما كان قائما قبل فترة، حيث كان مجلس ادارة البنك المركزي يضم حازم حسن رئيس احدى شركات المراجعة التي تتولى في ذات الوقت مراجعة ميزانيات البنوك وقوائمها المالية. وقال محمد جودة، ان الزيادة المقررة لرؤوس أموال البنوك في مشروع القانون الجديد ليس مبالغا فيها لأنها تتواءم مع التزامات “بازل 3” الخاصة بكفاية رأس المال. وأوضح أن البنوك المصرية كانت ستلتزم بها سواء صدرت ضمن القانون الجديد أم لا، كما أن رأس المال الحالي لمعظم البنوك لم يعد مجديا فقد تحدد بمبلغ 500 مليون جنيه في عام 2003 وبعد مرور عشر سنوات وبفعل التضخم أصبح هذا المبلغ لا يساوي أكثر من 200 مليون جنيه من الناحية الواقعية ومن ثم فإن الزيادة الجديدة تعوض تأكل قيمة رؤوس أموال البنوك. وفيما يتعلق بفروع البنوك الأجنبية، فإن الهدف من زيادة رؤوس أموالها الى 300 مليون دولار ( 1?8 مليار جنيه) هو حماية النظام المصرفي من دخول بنوك ضعيفة ومن ثم يصبح وجود البنوك الأجنبية، اضافة الى السوق، كما ان البنوك التي لن تستطيع توفيق أوضاعها ليس أمامها سوى الاندماج في كيانات كبيرة قادرة على الصمود والمنافسة في المرحلة القادمة، حيث إن خطط التنمية الاقتصادية تستلزم وجود جهاز مصرفي قوي قادر على حشد المدخرات وتمويل المشروعات الكبرى. ومن جانبه، أكد محمود عبداللطيف رئيس بنك الاسكندرية السابق أن القانون الجديد للبنك المركزي يجب أن يخضع لحوار مجتمعي شامل نظرا لحساسية وضع الجهاز المصرفي وأهميته لقضية النمو، ومن ثم لا يجب التسرع في اقرار القانون خاصة في هذه الفترة التي يعانى فيها الاقتصاد تداعيات سلبية، وبالتالي يجب أن يمثل القانون الجديد قاعدة ارتكاز للانطلاق الاقتصادي المتوقع في مصر في الفترة القادمة بعد انجاز عملية التحول الديموقراطي واكتمال بناء المؤسسات السياسية وحدوث نوع من الاستقرار العام. وأشار عبداللطيف الى ضرورة منح مزيد من الوقت أمام البنوك لاجراء عمليات زيادة رؤوس أموالها؛ لأن هذه الزيادة الكبيرة تتطلب مراحل لاجرائها وعقد جمعيات عمومية للبنوك لاقرارها وادخال تعديلات على القوائم المالية لامكانية استخدام جانب من المخصصات أو الأرباح المرحلة وتوظيفها في هذه الزيادات، اي أن هناك العديد من الأمور الفنية التي يجب أخذها في الاعتبار عند مناقشة القانون، ولكن في المجمل هناك اتفاق على أهمية تعزيز استقلالية البنك المركزي وانهاء تعارض المصالح في مجلس ادارته وغيرها من الأمور الايجابية التي وردت في مشروع القانون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©