الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللغز المحيّر

اللغز المحيّر
14 مايو 2006

امرأة ثرية تموت بالسم· لغز موتها حير الجميع· اعداؤها كثيرون، وهي لم تكن امرأة صالحة وقد دمرت من حولها· حاولت ان تحصل على السعادة بأي ثمن فلم تستطع، فكانت نهايتها الموت··· هل انتحرت؟ كيف تنتحر وهي تحب الحياة بشكل جعلها شرسة تريد ان تحصل على كل شيء فيها·
بقي اللغز محيراً، فلا احد يستطيع ان يجزم بما حدث لها بعد ان ماتت وتركت وراءها ثروة كبيرة آلت إلى زوجها واخويها من بعدها·
جاءت تلك المرأة إلى البلد مع اسرتها عندما كانت طفلة صغيرة· توفي والدها، فتزوجت والدتها من رجل دجال، كان يكسب رزقه من تلك المهنة· اصبح لديها شقيقان من أمها، وصارت تعتني بهما بنفسها·
كانت الاسرة تعيش في بيت قديم متهالك كأنه حاوية نفايات، وكلما طالبت الأم بإصلاحه أو الانتقال منه، رفض زوجها ذلك بحجة ان البيت ملائم لعمله، وهو من مكملات ذلك العمل·
احد زبائن زوج الأم من التجار، كان يتردد عليهم باستمرار، فوقعت عينه على البنت فخطبها وتزوجها وهي في الثامنة عشرة من عمرها·
بعد الزواج عرفت بان زوجها كان يتعاطى المسكرات والمخدرات ويتاجر بها· كان ذلك الزوج يجبر زوجته على مشاركته لياليه وسهراته الماجنة، كما أجبرها على شرب المسكرات· كانت تمانع في البداية، ولكن سرعان ما تعود جسمها على تلك السموم فأدمنتها·
كان زواجاً عقيماً لم تذق فيه طعم الأمومة ولا رائحتها، وقد حمدت الله على ذلك فما ذنب الاطفال الذين يولدون في مثل هذه البيئة المنحلة؟
كبرت الزوجة الفتية وقوي عودها مع تقدم زوجها في السن· أخذت تتعرف على طبيعة عمله وصارت تدريجياً تدير ممتلكات الزوج وشركاته، فتأكدت ان معظمها تجارة غير شرعية· راحت تجمع المال لحسابها الخاص، حتى اصبح لديها أرصدة وعقارات باسمها، ثم فكرت بالتخلص منه، فقامت بالتبليغ عنه للشرطة بتهمة الاتجار بالمخدرات· ألقي القبض على الزوج واودع السجن· لم تكتف الزوجة بما فعلته وأرادت التخلص منه نهائياً لتبدأ حياتها من جديد، فراحت تزوره في السجن وتمرر له المخدرات ليتعاطاها وهي تعلم جيداً بانه مريض ولم يعد يحتمل ذلك، فكان ان تعاطى جرعة كبيرة أودت بحياته·
تخطيط جديد
بعد انقضاء العدة، قررت الأرملة ان تمنح نفسها شيأً من الاهتمام والتفرغ من أعباء العمل، فاستعانت بأخويها لإدارة شركاتها وأملاكها، فذاقا العز والنعمة بعد طول انتظار·
أحست بأن ثروتها لا تساوي شيئاً لانها لم تتمتع يوماً بحياتها مع زوج شاب يمنحها الحب والدلال، فقررت ان تجد ذلك الشاب فيمن حولها· بدأت تبالغ في لبس الاشياء الغالية ولكنها لم تكن تحسن الاختيار، فكانت تظهر بعد كل ذلك الانفاق والبذخ وكأنها احدى فتيات السيرك بألوان متنافرة لا يمكن ان يتقبلها الذوق السوي·
لم يتحرك أحد ولم تجد من يحاول التقرب منها وخطب ودها، عندها قررت أن تبادر هي في المحاولة· وجهت اهتمامها لشاب كان يعمل محاسباً في احدى شركاتها· كان شاباً جميلاً بهي الطلعة· صارت ترسم الخطط للإيقاع به كان الشاب متعلقاً بفتاة من بلده ينوي الارتباط بها، فلم يكترث لتلك المرأة ولم يتجاوب معها· اضطرت لمفاتحته علناً وقالت له إنها تريده زوجاً لها، ولكنه قابل عرضها بالرفض والتجاهل، فامتلأ قلبها بالحقد عليه وصارت تخطط للإيقاع به، فقامت بالتبليغ عنه بعد ان ادعت بأنه تلاعب في حسابات الشركة، فتم إدخاله السجن·
حاولت ان تنسى أو تتناسى حاجتها لوجود رجل في حياتها ولكنها لم تقدر· خصوصاً وانها كلما قامت بزيارة بيوت اخوتها وشاهدت اطفالهم وحياتهم الأسرية المستقرة، أحست بالحسد والغيظ لأنها لا تمتلك تلك النعمة فتتحسر على حالها، فهي على الرغم من ثروتها، إلا أنها عاجزة عن الحصول على أبسط ما يسعد الانسان، وهو وجود اسرة تضمه فينعم بالحب والسعادة·
أعادت عملية البحث عن رجل آخر لتتزوجه، فكان الاختيار هذه المرة قد وقع على مهندس شاب يعمل لديها· صارت تفتعل الأسباب للتحدث معه· نقلته إلى مكتب قريب من مكتبها وصارت تشتري له الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة، ثم بعد أخذ ورد عرفت أنه متزوج حديثاً وهو متعلق بزوجته ويحبها· لم تتركه لحاله وعرضت عليه ان يتزوجها مع زوجته، فرفض ذلك واستقال من عمله وهرب عائداً إلى بلده خوفاً من بطشها·
البحث المستمر
انتشرت الشائعات حولها وعلم الجميع أنها تبحث عن زوج بأي ثمن· تقدم احد الشباب الوصوليين لخطبتها، ولكنه لم يحظ بإعجابها لأنه لم يكن وسيماً· فالمرأة تبحث عن شاب جميل ووسيم تعوض به حرمانها طوال تلك السنين·
وصلت الشائعات إلى مسامع اخويها، فحاولا نصحها بأن تكف عن البحث عن زوج وان لا تترك المجال للطامعين في ثروتها واخبراها بحقيقة أرعبتها بشدة، وهي كونها اصبحت كبيرة في السن ولم تعد مثار إعجاب الشباب ونصحاها بأن لا تجعل من نفسها أداة للسخرية والتهكم·
أغاظتها صراحة اخويها، فطردتهما من عملهما وأبعدتهما عن العز والنعمة التي كانا يعيشانها بسببها·
لم تيأس وبقيت تبحث عن شاب يملأ عينيها، فاختارت احدهم وهو فقير جداً ويعمل موظفاً بسيطاً في الاستقبال ولكنه جميل ووسيم· خشيت ان تعرض عليه الزواج فيرفضها كما فعل الآخرون، فذهبت إلى زوج أمها وطلبت منه ان يشعوذ من أجلها لتفوز بقلب ذلك الشاب فيتزوجها·
كان الرجل كبيراً جداً في السن يعيش في خرابته وحيداً بعد ان توفيت زوجته ـ أمها ـ وتخلى عنه أولاده لأنه بقي متمسكاً بهذه المهنة ولا يريد ان يتخلى عنها·
وعدها العجوز بأن يجعل ذلك الشاب كخاتم في أصبعها وطلب منها مبلغاً كبيراً من المال· أحضرت له المبلغ وانتظرت ثلاثة أيام كما اخبرها فلم يحضر ذلك الشاب إليها ولم يفاتحها بالزواج، فعادت إلى زوج أمها فلم تجده في خرابته فاعتقدت بانه قد غدر بها واختفى هارباً منها، فقامت بالتبليغ عنه فلاحقته الشرطة وألقت القبض عليه·
إحباط جديد
أحست بالإحباط الشديد لانها غير قادرة على تحقيق السعادة لنفسها على الرغم من كل الثروة التي تملكها· فها هي تعيش أيامها وحيدة في كآبة وحزن، فبماذا ينفعها لبس المجوهرات واقتناء الاشياء الثمينة، وكل تلك الثروة وهي لا تجد انساناً واحداً يحبها فتعيش معه بسعادة·
قررت ان لا تيأس· عاودت المحاولة من جديد مع ذلك الشاب، فصارت تتقرب إليه وتغريه بالمال والثراء فوجدت منه بعض التجاوب· سعدت لذلك أيما سعادة، ثم تشجعت وطرحت عليه فكرة الارتباط بها، فأخبرها بأنه يتمنى حدوث ذلك بأسرع وقت·
أخيراً تحقق حلمها وتزوجت ذلك الشاب الذي يصغرها بعشرين عاماً، ومن شدة حبها له وخوفها عليه، صارت تتحكم به بشكل غير معقول، وصارت تبخل عليه ولا تعطيه إلا القليل· كانت تعلم جيداً بأن أسرته الفقيرة ليس لها معيل سواه، فلم تعينه على مساعدتها· ضاق بها ذرعاً وفكر في طلاقها، فهددته بأن مصيره سيكون في السجن كمصير المحاسب، وانها ستدمر عائلته ان فكر بطلاقها·
لم يدر ما يفعل بهذه المرأة المتجبرة وكيف يتخلص منها·
ازدادت شراستها معه وضيقت عليه الخناق، فأصبحت حالته النفسية سيئة للغاية لأن أمه واخوته باتوا بلا مصدر للرزق، لذلك فر منها هارباً وعاش بعيداً عنها·
في احد الأيام وجدت تلك المرأة مقتولة في سريرها بتأثير السم الذي تناولته مع طعامها· اصبح موتها لغزاً عجيباً يصعب حله··· فمن قتلها؟
هل قتلها زوجها الشاب ليتخلص من سطوتها وهيمنتها على حياته؟
هل قتلها زوج أمها لأنها قامت بالتبليغ عنه وادخلته السجن لفترة وهو في مثل هذا السن؟
هل قتلها اخواها لأنها طردتهما من العمل ودمرت حياتهما؟
هل قتلها الشاب المحاسب الذي أدخلته السجن ظلماً وعدواناً؟
أم هل انتحرت بعد ان وجدت نفسها لا تزال تعيسة على الرغم من كل ما حصلت عليه؟
لا زال موتها لغزاً محيراً بعد ان عجزت الشرطة عن إثبات التهمة على احد هؤلاء المستفيدين من موتها وتم تسجيل الحادث ضد مجهول·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©