السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا... وعيوب التغطية الإعلامية للأزمة السورية

روسيا... وعيوب التغطية الإعلامية للأزمة السورية
17 يونيو 2012
سيرجي لويكو موسكو القصص الخبرية حول سوريا في العديد من الأماكن عبر العالم كثيراً ما تركز على تقارير الهجمات الحكومية على النشطاء والسكان المدنيين. أما في روسيا، فلا يكاد يمر يوم دون أن تقوم وسائل الإعلام بنقل الرواية الرسمية لدمشق: أن "الإرهابيين" وقوات أجنبية هم من يتحملون المسؤولية عما يحدث، حيث يقوم التلفزيون والصحف الروسية بشكل روتيني بنشر عناوين من قبيل "السعودية وبلدان أخرى تمد المتمردين السوريين بالأسلحة"، و"بشار الأسد: المسؤولية تتحملها بلدان أجنبية"، و"النفاق يقتل مثل الرصاص". "أودناكو"، برنامج تحليلي يحظى بشعبية واسعة على القناة الأولى، وهي واحدة من الشبكات التلفزيونية الرئيسية الثلاث، التي تخضع لسيطرة الكريملن، شبه الأسبوع الماضي الانتفاضة في سوريا بالاستفزازات المسلحة لألمانيا هتلر، والتي أدت إلى الحرب العالمية الثانية وبالدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فيتنام. ويوم الخميس، التقى رياض حداد، سفير سوريا إلى موسكو، بصحفيين من وسائل الإعلام الروسية المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية. وقال خلال مؤتمر صحفي: "إن المجموعات المسلحة التي تتلقى المساعدة من لاعبين إقليميين ودوليين تريد أن تجعل الأمر يبدو كما لو أن حرباً أهلية تدور في سوريا"، مضيفاً: "ويتم القيام بهذا من أجل خلق ذريعة للتداخلات الأجنبية". ويقول "حداد" إن المتمردين، الذين عادة ما يشار إليهم من قبل الحكومة السورية بـ"المجموعات الإرهابية المسلحة"، يتسببون في أوضاع خطيرة، ولكن الحرب "لا توجد سوى في مخيلة الغرب". ويشار هنا إلى أن التصريحات لم تكن مصحوبة، في حالة العديد من وسائل الإعلام الروسية، بأي رد أو تعليق من دبلوماسيين أو نشطاء المعارضة. غير أن بعض الخبراء الإعلاميين في البلاد نددوا بالتغطية الإعلامية الروسية للانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد باعتبارها أسوأ حالة للتغطية المنحازة التي تعتمد رواية طرف واحد فقط منذ تفكك الاتحاد السوفييتي. وفي هذا الإطار، يقول "أندري بيونتكوفسكي"، مدير معهد تحليل الأنظمة، وهو مركز أبحاث في موسكو، إن التغطية الروسية، وبخاصة تغطية الشبكات التلفزيونية الفيدرالية وكل وسائل الإعلام الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة، باتت تمثل على نحو متزايد تذكيراً بالتغطية التي كانت سائدة في عهد الزعيم السوفييتي الراحل ليونيد بريجنيف. ويقول بيونتكوفسكي: "إن تقديم الغرب على أنه العدو الرئيسي الذي يحاول تدمير كل حلفاء روسيا، أولاً، ثم روسيا نفسها، هو السمة الرئيسية للتغطية الأجنبية هنا خلال كل العقد الماضي"، مضيفاً أن الزعماء الغربيين "يعاملون (الرئيس فلاديمير) كواحد منهم ويحثونه على العمل معهم، ولكنه يعتبر نفسه واحداً من المجموعة الأخرى، من الحكام المستبدين الذين يسقطون الواحد تلو الآخر، ولا يرغب في أن يعرف نفس مصيرهم، ولذلك فإنه يتمسك بالأسد حتى آخر رمق، إن بوتين يعتقد أن الأمر كله يتعلق في نهاية المطاف بمؤامرة ضده وضد روسيا التي يقود". التوتر بين روسيا والغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، كان واضحاً وجلياً في بعض الأوقات خلال الانتفاضة السورية التي اندلعت قبل 15 شهراً وحصدت أرواح 10 آلاف شخص على الأقل. وفي هذا الإطار، نفى وزير الخارجية الروسي هذا الأسبوع ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من أن موسكو ترسل طائرات مروحية هجومية إلى الجيش السوري، قائلاً إن العقود مع سوريا تتعلق بأنظمة دفاع جوي. كما تقول روسيا إنها ترفض "تدخلاً" أجنبياً في شؤون سوريا، وتشعر بالقلق بشأن استقرار البلاد في حال لم يعد الأسد هو زعيم البلاد. لكن كلينتون تقول إن السياسات الروسية تساهم في ما يقول كثيرون إنه يمكن أن يصبح حرباً أهلية في سوريا، والجدير بالذكر هنا أن روسيا تزعمت مرتين استعمال "الفيتو" ضد قرارات في مجلس الأمن الدولي تدين أعمال الأسد. يذكر أيضاً أن كلا الجانبين يقولان إنهما يدعمان خطة المبعوث الخاص الأممي كوفي عنان للسلام المؤلفة من ست نقاط، والتي تم تجاهلها إلى حد كبير من قِبل حكومة الأسد. ورغم كل ما يحدث، فإن العديد من ممثلي وسائل الإعلام الروسية ومراقبين آخرين لا يصدقون أي ادعاءات بالانحياز الإعلامي، قائلين إن التغطية الإعلامية في بلادهم تنقل الأحداث كما هي. وفي هذا السياق، يتساءل ميخائيل ليونتييف، وهو مقدم برنامج كاريزمي ومعروف بمواقفه المناوئة للولايات المتحدة والغرب خلال برنامج بث مؤخراً: "لماذا سيقدم الأسد على ارتكاب مذبحة؟ وعشية زيارة كوفي عنان؟"، مضيفاً "في الواقع من السهل فهم القصة. إن من يقاتلون من أجل الديمقراطية السورية... أثاروا مواجهة مسلحة مع الجيش السوري". ومن جانبها، قالت "أرجومنتي إي فاكتي"، وهي صحيفة أسبوعية ذات شعبية واسعة في روسيا، إن "حمام الدم" في سوريا إنما يخدم مصالح الغرب. وفي هذا السياق، كتب "جورجي زوتوف"، مراسل الصحيفة في دمشق، يقول: "في حوارات معي، شدد العديد من السوريين على... رواية (نظام الأسد): إن الأمر يتعلق باستفزاز. فالناس قُتلوا من قبل الإسلاميين. والبعض واثقون من أن حمام الدم ارتُكب من قبل قوة قُطرية، ولكن الغرب دائما لا يرى سوى وجهة النظر التي تعجبه". وفي تقرير سابق "من دمشق المحاصرة"، كان "زوتوف" قد تلقى تحذيراً من أحد سكان المدينة: "في حمص، أقسم المقاتلون على قتل جميع الروس. إذا ذهبت إلى هناك، فتظاهر بأنك أميركي". "ماكسيم شيفشينكو"، وهو مقدم لبرنامج "أحكم بنفسك" الذي يبث على القناة الأولى ويحاول استضافة خبراء لديهم وجهات نظر مختلفة، يقول إن التغطية الروسية للنزاع تعد أكثر موضوعية من الروايات الغربية أحياناً. وقال "شيفشينكو" في مقابلة صحفية: "لدي رأيي الخاص وموقفي الخاص حول الموضوع، وهو يتفق إلى حد كبير مع الموقف الحكومي"، مضيفاً "لقد التقيتُ مع "الأسد" في أكثر من مناسبة، وأستطيع القول إنه ليس طاغية، ناهيك عن متوحش، ولذلك فإنه لا يمكنني أن أصدق أنه أعطى أوامر بتدمير قرية، سكانها، بالمناسبة، لا يعارضونه". "إن المذبحة الأخيرة في سوريا كانت أولاً، وقبل أي شيء مفيدة للمعارضة المدعومة من قوة أجنبية ترغب في إعاقة العملية السلمية". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©