الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين والتبت.. الاستثمــارات تشتري السلم الاجتماعي

الصين والتبت.. الاستثمــارات تشتري السلم الاجتماعي
21 نوفمبر 2016 20:42
لاسا (أ ف ب) تكثف الصين استثماراتها في المقاهي والمتاجر في لاسا لإنعاش اقتصاد المنطقة، لكن البعض يرى في هذه الصفقات وسيلة لشراء السلم في التبت. ويؤكد جيسان، أحد سكان حي بايي، «لا ابه للسياسة». وبات الشاب البالغ من العمر 22 عاماً يعمل اليوم في شركة تأمين بعدما خدم سنتين في صفوف الجيش. وهو يقر «حياتي لا بأس بها الآن». وبعد 60 عاماً على وصول الجيش الصيني إلى التبت، باتت المنطقة بدورها تستفيد من النمو الصيني القوي، حتى أنها سجلت في عام 2015 أعلى معدل نمو إقليمي في الصين (11%). وتتجلى المساعدات العامة في مشاريع طرقات وسكك حديد وعمارات في هذه المنطقة التي لا تزال من الأفقر في العالم. ويؤكد شاب آخر من سكان لاسا أن «لهذه الاستثمارات أثراً إيجابياً، لكنها وسيلة لشراء السلم الاجتماعي واحتواء أي محاولة تمرد»، وهي فرضية تبدو راهناً بعيدة عن الواقع، في ظل توافد الكثير من أبناء اتنية هان (كبرى الاتنيات الصينية) إلى لاسا للاستقرار فيها في خلال السنوات الستين الأخيرة. وتؤكد بكين التي تتهمها «الحكومة التبتية في المنفى» بقمع الحرية الدينية والممارسات الثقافية واستخدام اللغة التبتية، أنها حسنت ظروف العيش في التبت. فبين 1951 و2013، ارتفع أجل الحياة المتوقع من 35,5 إلى 68,2 عام، بحسب الأرقام الرسمية. ويقر ينس-أوي هارتمان، المتخصص في شؤون التبت في جامعة لودفيج ماكسيميليناس في ميونيخ الألمانية، بأن «لاسا انتقلت من القرون الوسطى إلى الحداثة، لكن أبناء التبت لم يختاروا بأنفسهم سبيل الحداثة هذا». في حي بايي، على بعد بضعة كيلومترات غرب قصر بوتالا، المقر السابق للدالاي لاما، ترفض مديرة أحد مقاهي الشاي خوض مناقشات سياسية تجنباً «للمشاكل»، لكنها تشيد بالتنمية الاقتصادية التي «تنعكس إيجاباً على مقهاها»، قبل أن توجه تحية إلى زبونة من اتنية هان قدمت لاحتساء شاي بالحليب. وعلى مقربة من المقهى، تختار نيكون، وهي طالبة من مدينة شيجاتسيه الواقعة على بعد مئتي كيلومتر، فساتين مع صديقاتها. وتخبر الطالبة بلغة صينية متقنة تعلمتها في المدرسة إلى جانب لغتها الأم «التحقت مؤخراً بجامعة لاسا». وإتقان اللغة المندرية شرط أساسي للانتساب إلى المؤسسات الحكومية أو التعليم أو بكل بساطة التواصل مع أفراد اتنية هان. لكن التكلم عن إبادة ثقافية، كما يفعل الدالاي لاما، لم يعد أمراً ملائماً، بحسب ايمي هيلير، المتخصصة في شؤون التبت وتاريخ الفن المقيمة في سويسرا. وتقول هذه الأخيرة «التهديد الأكبر اليوم هو ذاك المحدق باللغة. فالمواد تعلم في الجامعات باللغة الصينية، وقد فقدت اللغة التبتية من أهميتها في سوق العمل، على الرغم من مواصلة تدريسها». وعلى الرغم من النمو المطرد «يدرك سكان التبت أنهم يعيشون في مستعمرة صينية»، بحسب كاتيا بوفتريل، المتخصصة في علم الاتنيات في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس التي تعتبر أن الشباب هم كبار المستفيدين من النمو الاقتصادي، لكنهم يرزحون تحت وطأة سياسات بكين التي تحظر مثلاً نشر صور الدالاي لاما وتنتهك حرمة المواقع المقدسة، وتلحق أضراراً بالبيئة لأغراض التنقيب المنجمي. وفي الشارع الرئيس من حي بايي، تتذمر شابة أنيقة في التاسعة والعشرين من العمر قائلة «يتعذر على أبناء التبت الحصول على جواز سفر، لكن الأمر مختلف بالنسبة لأفراد اتنية هان، فلماذا هذا الاختلاف؟». غير أن النفوذ الصيني في المنطقة يلقى استحسان بعض أبنائها، مثل لوسانج، ويعزو الرجل الستيني الفضل لماو تسي تونج في إنهاء النظام الإقطاعي. وعلى الرغم من النفوذ المتعاظم للصين «لا يزال أبناء التبت يحافظون على شعور انتماء قوي يتجلى في حبهم لأرضهم وثقافتهم، آملين أن تتغير الأمور في أحد الأيام»، على حد قول بوفتريل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©