الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنها القاعدة !

6 فبراير 2008 01:59
في هذا الوقت في العلاقات الشرق أوسطية، من الأمور الحاسمة أن تكون على صواب، وبسرعة· لماذا؟ لأن الرهان مرتفع جداً· سوف يكون للفشل في تحقيق سلام شامل بين العرب والإسرائيليين نتائج وتداعيات ذات حجم لم نره بتاتاً من قبل، فالفشل ليس خيارا· حتى الآن يبدو الذين يتوقعون فشل ''أنابوليس'' أكثر عقلانية وأكثر ثقة من هؤلاء الذين يراهنون على نجاحه؛ فالأمر ليس مجرد شعور داخلي، الأحداث على الأرض تتحدث عن نفسها، فإسرائيل مستمرة في منع حصول الفلسطينيين جماعياً على حقوقهم الإنسانية بسبب ما تفعله حماس وغيرها من المتشددين، بينما تستمر حماس في إثارة وتهديد إسرائيل من خلال إرهاب شعبها؛ فلنتوقع أيا منهم ستكون له اليد العليا في إفشال عملية السلام، قد يكون أي واحد منهم أو جميعهم، منفردين أو مجتمعين، فقد تكون إسرائيل من خلال عدم استعدادها تجميد التوسع الاستيطاني، وقد تكون حماس وهي تقوم بعملية إرهابية تؤدي إلى ضحايا وإصابات عديدة، وقد يكون أولمرت، أو حتى عباس من خلال عدم قدرتهما على تحقيق وعودهما، بسبب كونهما زعيمين ضعيفين· ولكن وجود العملية، حسبما يقولون لنا، أفضل من عدم وجودها بالمرة، هذا صحيح، ولكن ما تغير بشكل أساسي هو ظهور شرير جديد أكثر تطرفا في الشرق الأوسط، ألا وهو تنظيم ''القاعدة'' الذي اصبح لاعباً حقيقياً في العملية السلمية، وصوته أكثر ارتفاعاً وأعماله أشدّ فتكاً من أصوات وأعمال المخربين الآخرين الموجودين في المنطقة· لا شك أن في استمرار الوضع الراهن، حيث لا سلام وإنما مجرد عملية سيمكّن القوى التي أصبحت قوية أصلاً، والتي تولّد التطرف في المنطقة، من تمكين الإحباط الشعبي واليأس، بعد تأكيد أن ''أنابوليس'' لن يعطي أية نتائج ذات معنى، ولن يعطي الفلسطينيين دولة قادرة على البقاء، وسيقنع شعوب المنطقة بأن استخدام القوة هو الأداة الوحيدة لتحقيق أهدافهم، وهو ما يعني المزيد من المتطوعين في القاعدة· نستطيع أن نتصور السيناريو القبيح الذي يمكن أن يقع إذا ما توسعت القاعدة في الشرق الأوسط، من المحتمل أن تصبح غزة إمارة إسلامية في فلسطين، وفي لبنان، التي تعاني من واحدة من أخطر أزماتها السياسية منذ حربها الأهلية الثانية، والتي يمكن أن تقع في الهاوية إذا أُعيد تكرار سيناريو نهر البارد في مخيم آخر للاجئين· كما تستطيع القاعدة، من خلال الانطلاق خارج العراق إلى دول مجاورة والحصول على أكثر من ملاذ أمين، أن تبدأ العمل على أهدافها التكتيكية والاستراتيجية· فعلى المستوى التكتيكي، تستطيع القاعدة العمل على إشعال حروب بين أعدائها، وقد بدأت تحاول ذلك فعلاً، وفي الوقت نفسه ستعمل القاعدة بجد واجتهاد على التسبب بحرب بين إسرائيل وسوريا، وجولة ثانية بين إسرائيل وحزب الله، من الواضح أن أكبر جائزة للقاعدة هي إشعال الحرب بين إيران والولايات المتحدة، وهو أمر تحدث عنه زعيم القاعدة في العراق، عمر البغدادي في رسالة نشرت له مؤخراً· وعلى المستوى الاستراتيجي، سوف تبدأ القاعدة بالتخطيط لواحد من أثمن أهدافها، نقل الحرب إلى الفناء الخلفي لإسرائيل من خلال دعم الجهاديين الفلسطينيين المتطرفين في حربهم ضد الدولة اليهودية؛ كيف نستطيع إذن وقف هذه السيناريوهات الرهيبة من الحدوث؟ وكيف يمكننا عكس التوجه القوي نحو التشدّد والتطرّف؟ الإجابة الوحيدة لتلك الأسئلة هي ''السلام''، فمعه يأتي الأمل والازدهار والتنمية البشرية، من منظور مناهض للإرهاب، يقوم السلام بشكل جميل بتجفيف مستنقع الإرهاب· لقد تحولت القاعدة، أكثر من أي وقت مضى، إلى أيديولوجية تفتقد إلى الجنود العاملين، ونستطيع أن نحيّد هذه الأيديولوجيا إذا أدركنا أن سحقها بشكل نهائي سوف يتطلب كسب حرب الأفكار· لقد اختلط الأمر على إدارة الرئيس ''بوش'' في أنابوليس، ليس هناك من خطأ في حشد الدول العربية المناصرة لأميركا حتى تستطيع احتواء التهديد الإيراني بعيد المدى بصورة أفضل، لكن الخطر الحقيقي الآنيّ ليس هو الجمهورية الإسلامية، وإنما القاعدة· باحث في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في مؤسسة بروكنجز ينشر بترتيب خاص من خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©