الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبكة الجواسيس... سلاح جديد لحركة «الشباب»

شبكة الجواسيس... سلاح جديد لحركة «الشباب»
14 سبتمبر 2010 22:17
أثناء النهار يحصي أحدهم أعداد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي المتمركزة في العاصمة الصومالية مقديشو، ويدون المواقع التي يتمركزون فيها في مفكرته. وفي المساء يعطي تلك المعلومات للمشرفين عليه في ميليشيا حركة الشباب الراديكالية، لاستخدامها في شن هجمات على تلك القوات التي تحمي قوات الحكومة المدعومة أميركياً. في الصراع الدامي من أجل السيطرة على العاصمة ينشط جواسيس مثل هذا الشخص، الذي يرصد عدد السنوات، الذي يقول إن الميليشيا التي يقدم المعلومات لها قد نجحت في إضعاف الحكومة، وحدت من قدرتها على حماية السكان من خلال اتباع نفس التكتيكات المستخدمة من قبل المتمردين في بغداد، وكراتشي، وكابول. والأحاديث الصحفية التي تتم مع الجواسيس الحاليين والسابقين توفر فرصة نادرة للنظر في الكيفية التي تعمل بها حركة "الشباب" -المصنفة من قبل الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية - في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. والدور المتزايد الذي تلعبه الحركة في تلك المناطق يبين مدى الفشل الذي منيت به الحكومة المركزية المدعومة بستة آلاف جندي من قوات حفظ السلام، والتي تتلقى مساعدات تقدر بمئات الملايين من الدولارات من واشنطن وحلفائها، في قمع مقاتلي تلك الحركة الفقيرة الإمكانيات والتي لا تحظى سوى بالقليل من الدعم الشعبي. وقد تمكنا من الوصول إلى شخص يصل عمره (41 سنة) عن طريق وسيط، ووافق أن يتحدث إلينا بشرط عدم ذكر اسمه، وتأكدنا من صحة الكلام الذي قاله لنا من خلال مراجعة بعض المسؤولين الحكوميين. وقال لنا إن ميليشيا الشباب تدفع له 100 دولار شهرياً نظير خدماته، وتساعده في توفير الطعام والمأوى لعائلته المكونة من عشرة أفراد، ولكنه شدد مع ذلك أنه لا يتجسس من أجل المال وحده، ولكن" لأنه يؤمن بكل ما تدافع عنه حركة شباب المجاهدين". وكان الشخص المذكور قد التحق في البداية بالجناح المسلح لحركة إسلامية معتدلة، كانت قد ثارت ضد أمراء الحرب الصوماليين الفاسدين عام 2005. وبحلول عام 2007 وجد نفسه يقاتل في الخطوط الأمامية لحركة الشباب التي كانت قد برزت كقوة راديكالية مستقلة أثناء الحرب التي خاضتها ضد القوات الأثيوبية المدعومة سراً من قبل الولايات المتحدة التي كانت قد غزت البلاد عام 2006. وبعد انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال العام الماضي، عززت الحركة من قبضتها على أجزاء كبيرة من جنوب ووسط الصومال وفرضت حكماً متشدداً أشبه بحكم "طالبان" في أفغانستان فرضت من خلاله حظراً على العديد من الأنشطة الترفيهية مثل مشاهدة مباريات كرة القدم، وسماع الموسيقى والأغاني. وآخر الهجمات التي شنتها الحركة، وقعت يوم الخميس الماضي عندما قام انتحاريون بتفجير قنبلتين في مطار مقديشو، الذي يضم القاعدة الرئيسية لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، مما أدى إلى مصرع ما لا يقل عن تسعة أشخاص على الأقل كان من بينهم جنود. وقد حدث الانفجار في نفس الوقت تقريباً، الذي وصل فيه مسؤولون كبار من الأمم المتحدة، لإجراء لقاء رفيع المستوى لم يعلن عنه مع المسؤولين الصوماليين، مما يدل على أن المتمردين كانت لديهم معلومات مسبقة عن تلك الزيارة. وفي الأيام السابقة كانت الحركة قد أحكمت سيطرتها لفترة قصيرة على طريق استراتيجي يخترق العاصمة، وقتلت أربعة من جنود حفظ السلام في هجوم بقذائف الهاون على القصر الرئاسي كما هاجمت فندق"منى" الواقع في منطقة تقع بها العديد من مقار الوزارات الحكومية، وقتلت 31 شخصاً منهم أربعة من نواب البرلمان. ويقول "عبد السلام حاجي آدان"وزير الأمن الوطني الصومالي مشيراً لحركة الشباب:"إنهم يغيرون تكتيكاتهم باستمرار وهدفهم ليس هو الاستيلاء على أكبر قدر من المساحة بقدر ماهو إحداث أكبر قدر من التخريب وبث الخوف والرعب" وأضاف" آدان:" نحن بحاجة إلى محاربة الاستخبارات باستخبارات مضادة وإلى الحصول على معلومات أفضل، وإلى تنظيم أنفسنا بشكل أفضل". ويقول أحد الجواسيس إن هدف الحركة "هو الاستيلاء على كامل البلد، وحكمه كإمارة إسلامية مستقلة"، ويؤكد أن المقاتلين الأجانب الذين تدربوا في أفغانستان وباكستان، قد أصبحوا نافذين، كما يتوقع أن تمتد هجمات الحركة إلى الدول المتحالفة مع القوى الغربية مثل أوغندا التي شنت فيها الحركة هجوما دمويا أدى إلى مصرع ما لا يقل عن 70 شخصاً، كانوا يشاهدون مباريات كأس العالم (معظم جنود حفظ السلام في الصومال أوغنديون)، وأضاف، "لن نكتفي بالوقوف عند حدودنا". كان"أنيس شيخ عبدالله " يقود خلية من انتحارييّ الحركة تعمل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وتشمل قائمة أهدافها قادة الجيش والشرطة، والزعماء الدينيين، والمسؤولين الحكوميين، وكبار رجال الأعمال، وأي شخص يعارض الميليشيات، وذلك قبل أن يفر إلى صفوف الحكومة، بعد أن علم أنه قد بات مستهدفا بالقتل من قبل قادة آخرين في الحركة، لأنه عصى أمراً كانوا قد أصدروه له. يقول "عبدالله": لقد اختارتني القوات الحكومية باعتباري قائداً سابقاً في الحركة للتصدي لجواسيسها وخلاياها التي تعمل في مناطقها". وهو يؤكد أن القوات الحكومية قد نجحت بفضل المعلومات، التي يزودها بها في قتل اثنين من مقاتلي الحركة الأسبوع الماضي بالإضافة إلى خمسة آخرين كانت قد قتلتهم في الشهر المنصرم. ويقدر عبدالله عدد الجواسيس العاملين في مناطق الحكومة بألف جاسوس على الأقل، يتمركزون في أماكن ومناطق استراتيجية مثل المطار والميناء والقصر الرئاسي كما يعمل البعض منهم من داخل المساجد ومدارس تعليم القرآن. ويقول"عبد الرحمن عمر عثمان"، وزير الإعلام الصومالي إن الميليشيا تستغل حالة الإحباط والغضب الشعبي من تردي الأحوال، وتقوم بإغراء جنود الحكومة، الذين لا يتقاضون رواتبهم بصفة منتظمة، بالمال ويقول إنهم قد تمكنوا من خلال ذلك من اختراق العديد من الوزارات الحكومية بما فيها وزارة الداخلية. وقد برز مدى نجاح الحركة في اختراق الوزارات الحكومية في الهجوم الذي وقع على فندق" منى"والذي دبرته خلية كانت تقيم في واحد من أفقر أحياء مقديشو، قامت بدراسة المكان بتأنٍ وقدرت عدد الحراس الموجودين، والحماية الشخصية للمسؤولين، وأعدت الخطة لتفجيره، ونجحت في ذلك. ولكن العنصر الرئيس في استراتيجية الحركة، هو عنصر المفاجأة والتخفي... فالانتحاريان اللذان نفذا الهجوم واللذان كانا قد وضعا حزامين ناسفين حول وسطيهما كانا يرتديان ملابس الجيش الصومالي، وهو ما مكنهما من الاقتراب إلى أقصى مدى ممكن على الرغم من الحراسة المشددة. ويقول أحد أعضاء الحركة "من السهل للغاية الحصول على ملابس الجيش... فلقد اشتريناها من جندين مقابل عشرة دولارات فقط". سودارسان راجافان - مقديشو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©