الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استنساخ المشهد السويسري

14 سبتمبر 2010 22:22
إليكم قصة قد تبدو معروفة: حاول زعيم جالية مسلمة بناء مسجد بدعم من عمدة المدينة، إلا أن طلبه أثار احتجاجات على صعيد وطني مما أدى إلى رفضه. حدثت هذه القصة في سويسرا قبل بضع سنوات، ولكن لأنها حدثت أثناء فترة الانتخابات الوطنية هناك، فهي توفر بعض الأفكار المهمة مع دخول الولايات المتحدة موسم حملتها الانتخابية في خضمّ خلافات تحيط ببناء مركز للجالية المُسلمة قرب "جراوند زيرو". في عام 2006، سعى"مطالب كاراديمي" الألباني المولد، الذي عاش في سويسرا منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، للحصول على موافقة حكومة المقاطعة في بيرن لبناء مسجد في بلدته "لاغنثال". ورغم موافقة السلطات المحلية، أوقفت المعارضة الشعبية لمئذنة طولها 16.5 قدم المشروع، علّق "كاراديمي" على الأمر قائلاً: "اعتقدت في الواقع أن الأمر سوف يشجع الحوار". ناقش معارضو المشروع من السويسريين أنهم ليسوا ضد المسلمين أو قدرتهم على ممارسة شعائر دينهم. عارضوا بدلاً من ذلك الأسلوب الذي اختار فيه المسلمون بناء منشآتهم الدينية. "ليس لدينا شيء ضد المسلمين، ولكننا لا نريد المآذن، فهي رموز للإسلام السياسي العدائي"، كما صرح "أوسكار فريسنغر"، عضو البرلمان من حزب "الشعب" السويسري الذي يشكل أقصى "اليمين". هناك أمور موازية مزعجة إلى حد ما مع ما يحصل في الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن العديد من الأميركيين، بمن فيهم زعماء سياسيون تقدميون، لم يتعلموا من الحالة السويسرية، التي يمكن أن تكون لها معانٍ ضمنية لانتخابات نوفمبر للكونجرس وما وراءها. وقع الخلاف السويسري في وقت يسوده عدم الوضوح الاقتصادي، وسط مخاوف أثارها "المحافظون" حول هوية الدولة المتغيرة، وعلى خلفية انتخابات عام 2007 البرلمانية، وهو مناخ مماثل للمناخ السائد في الولايات المتحدة. ففي الحالة السويسرية شن حزب "الشعب" السويسري حملة خلافية خاطبت مخاوف السكان، ليس فقط من خلال معارضة المسجد ومئذنته، وإنما المناداة كذلك بطرد المهاجرين إذا ارتكب أبناؤهم جرائم. فاز حزب" الشعب" السويسري في تلك السنة بتسعة وعشرين بالمائة من الأصوات الانتخابية، وهي أعلى نسبة بين كافة الأحزاب، وأعلى نسبة فاز بها حزب سياسي منذ أكثر من 90 سنة. وكما هو الحال في سويسرا، أثارت قضية محلية استراتيجية أوسع في سنة انتخابية وطنية من قبل مرشحين "محافظين" يخاطبون أسوأ مخاوف السكان. تمخّض عن ذلك في الولايات المتحدة مناشدة مخاوف مجموعة موتورة من الناخبين المحتملين، هم أعضاء حركة "حفل الشاي" المحافظين. في وقت لا تُعتبر فيه أجزاء من السكان موتورة سياسياً، جعلت المعارضة المفوّهة التي أثارتها حركة "حفل الشاي" ضد السياسات التي يقترحها الرئيس، مضافاً إليها حماسها السياسي، جعلت أعضاءها جمهوراً يلجأ إليه المرشحون "الجمهوريون". نتيجة لذلك، ومثل الحملة السويسرية، لم ينادِ العديد من المرشحين والمسؤولين السياسيين في الولايات المتحدة بنقل المركز الاجتماعي الإسلامي المعروف بـِ "بارك 51" إلى أبعد من مربعين بعيداً عن "جراوند زيرو" فحسب، ولكنهم ساندوا كذلك إجراءات معارضة للهجرة تلائم مجموعة "حفل الشاي"، مثل عقد جلسات تحقيق في الكونجرس حول إمكانية إلغاء أحكام دستورية تقضي بإعطاء الجنسية للذين يولدون في الولايات المتحدة رغم وجود والديهم في أميركا بشكل غير قانوني. يشكّل ما يحصل في الولايات المتحدة اليوم أكثر من مجرد تعبير عن الإحباط من عدم وضوح الأوضاع الاقتصادية السائدة. إنه عدم موافقة من جانب "المحافظين" على الاتجاه الذي تسير نحوه هوية الدولة. نتيجة لذلك، كان "مايكل بلومبرج" عمدة مدينة نيويورك على حق عندما ناقش بأن ما يمكن خسارته في الجدل الدائر هو الحقوق الدستورية ومبادئ الولايات المتحدة الجوهرية. ويتوجب على "الديمقراطيين" والزعماء السياسيين التقدميين أن يفعلوا الشيء نفسه، ويقدموا رسالة متماسكة موحدة لا ترفض جهود معارضي بارك 51 فحسب، وإنما تعمل على صياغة موقفهم حول الاتجاه الذي يتوجب على الولايات المتحدة السير فيه. لن يساعد طرح رسالة تضم الدفاع عن حقوق الجماعات الدينية والعرقية على حشد الناخبين التقدميين في الانتخابات المقبلة فحسب، وإنما سيساعد كذلك على حماية قيم الدولة في المستقبل. بعد سنتين من الانتخابات البرلمانية السويسرية، أقرت الدولة استفتاء دستورياً لمنع بناء المآذن، قد يناقش البعض أن شيئاً كهذا لا يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة، ولكن تذكروا: يضمن دستور سويسرا، مثله مثل دستور الولايات المتحدة الحريات الدينية. آريل كاستنر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©