الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

متخيلات الرواية العربية الجديدة

4 يوليو 2014 01:34
محمد نجيم (الرباط) أصدر الناقد والأكاديمي المغربي الدكتور محمد المسعودي كتابه النقدي بعنوان «فتنة التأويل في قراءة متخيل الرواية العربية الجديدة» وذالك عن دار «النايا» السورية (2014) وقد قدم الروائي والناقد المغربي الدكتور محمد أنقار لهذا الكتاب بقوله: محمد المسعودي واحد من النقاد المغاربة القلائل الذين يحسنون التفكير والاشتغال بالصورة. أقصد تحديداً الصورة النثرية الروائية المستلهمة من نصوص هذا الجنس الأدبي «الإمبريالي» الواسع الضفاف. وفي كل مناسبة يُطرَح فيها إشكالُ «حدود» هذا المصطلح النقدي الدقيق الموسوم بـ«الصورة الروائية» إلا وأعود إلى الأصول لكي استخلص أن إدمان قراءة النصوص الروائية هو السبيل العملي الكفيل بالتمثل الواعي لهذا المصطلح. هو السبيل الذي يعلمك كيف تقرأ الرواية بالصور النثرية، ثم كيف تمارس النقد اعتماداً عليها. وأنا أعرف جيداً أن المسعودي، قبل أن يكتب هذا الكتاب، قد صال وجال مدة طويلة بين النصوص الروائية العالمية إلى الدرجة التي خولته القدرة على «تمثل» الفروق الجمالية الدقيقة بين سمات التصوير في الرواية الإسكندنافية على سبيل المثال، وسمات الرواية الأميركية، والرواية الفرنسية، والرواية الإنجليزية، والرواية الروسية، والرواية اليابانية، والرواية المغربية، وعموم الرواية العربية. هذا الرصيد الجمالي والنقدي أتاح له، من ناحية أخرى إمكان عقد المقارنات الواسعة والضيقة في نفس الآن بين الروايات ذاتها أو بين صورها. أقصد بالمقارنات الواسعة والضيقة تلك التي تدخل إلى معالجة الإشكال أو تطرح الأسئلة من منظور نقدي شامل قبل أن تنتهي إلى رصد التفاصيل الجمالية لبعض الروايات المعنية بالنظر. يبدأ المسعودي على سبيل المثال فصل «تشكل متخيل الحب في الرواية العربية» بطرح مجموعة من الأسئلة ذات الطابع الشمولي، ثم يضيف: «انطلاقاً من هذه الأسئلة سننظر إلى تمثل الرواية العربية لإشكال الحب وتجلياته الفردية والاجتماعية في تشكيل متخيلها السردي وبناء عوالمها الحكائية ومقاربتها للحب تخييلاً». ثم يحصر المتن المعالج في خمس روايات، ثم ينطلق في التحليل ورصد التفاصيل وعقد المقارنات. ويتكرر، تقريباً، المخطط النقدي نفسه في فصل «تمثل الرجولة في الرواية النسائية العربية». ثم يحيد عنه قليلاً في فصل «متخيل الحرب بين البناء التراجيدي والتصوير الشاعري» حيث لا يكون ثمة افتتاح بطرح الأسئلة وإنما برصد الظاهرة المعالجَة قبل أن يتم الخوض في التفاصيل: «حرص الروائيون في لبنان على الإمساك باللحظات التراجيدية التي مر بها مجتمعهم وهو يعاني ويلات هذه الحروب الطائفية وأشكال الصراع الإيديولوجي العصيب، وأثناء انشغالهم بهموم الإنسان ومعاناته، اهتموا بالكتابة ذاتها فتميزت أعمالهم بمقدرة كبيرة على الإمتاع وإيصال رسالتها الإنسانية فنياً». ثم يكون التحليل الرصين لرواية «دروز بلغراد» لربيع جابر، ورواية «شريد المنازل» لجبور الدويهي. ويضيف الدكتور أنقار «أما «التأويل وفتنته» في هذا الكتاب فلا يقطعان الصلة بما قدمناه من بعض تفاصيل تصوُّر محمد المسعودي للنقد. فقد سبق له أن اكتسب في رسائله الجامعية ثم في كتابه العميق «اشتعال الذات». سمات التصوير الصوفي في الإشارات الإلهية(2006) دربةً نقدية كبيرة على إثر معاركته نصوص أبي حيان التوحيدي الوعرة، حتى إذا ما خلص من هذه المهمة النقدية والحضارية كان قد أدرك رتبة المسؤولية في التعامل مع «التأويل» من حيث هو باب من أبواب طلب الحقيقة الإنسانية. التأويل عند المسعودي هو فعلياً «فتنة جميلة» اعتباراً لتصوره الذي لا يفرق بين الشكل والمضمون. إنك إذ تقرأ هذا الكتاب تستشعر أن صاحبه لا ينخدع بمطاردة الاحتمالات التي قد يثيرها تأويل رواية ما، وإنما يراعي، اعتماداً على ذوقه الشخصي، تلك الفتنة المنبعثة من الصيغ البلاغية والتكوينية للصور الروائية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©