السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأميركيون يرفضون المهاجرين ولا يستطيعون الاستغناء عنهم

15 مايو 2006
إعداد: محمد عبدالرحيم:
لعل أفضل مكان تستشعر فيه مشكلة أو معضلة العمالة المهاجرة في أميركا ليس هو الحدود الأميركية المكسيكية بل ربما يتعين عليك عوضاً عن ذلك أن تذهب إلى أي مبنى مدرسة في إحدى ضواحي المدن الكبرى لكي ترى العديد من الخادمات والمربيات من المهاجرين غير الشرعيين وهن بانتظار خروج الأطفال لتوصيلهم إلى المنازل في الأوقات التي مازال فيها أولياء أمورهم من الطبقة الوسطى يمارسون أعمالهم، أو أن تتوجه في إحدى الأمسيات إلى أي مبنى للمكاتب حيث تشاهد مجموعات من البوابين أو الخدم وهم يكنسون الأرضيات أو يغسلون المراحيض بعد ذهاب أطقم المستخدمين إلى منازلهم، بل يمكنك الذهاب أيضاً إلى أي مصنع أميركي لتعبئة اللحوم أو موقع للبناء والتشييد أو أحد حقول زراعة الطماطم لكي ترى مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الذين يتم تأجيرهم برواتب متدنية لكي يمارسوا أعمالاً لا يرغب في تأديتها معظم الأميركيين بالبلاد·
وكما ورد في صحيفة 'التايمز' اللندنية مؤخراً فإن اعتماد أميركا الكبير على العمالة المهاجرة غير المشروعة من أجل استمرار دفع عجلة الاقتصاد والمحافظة على الأسعار في أدنى حدٍ لها واستمرار بقاء الظروف المعيشية في مستوى أعلى من أي مكان آخر في العالم بات يعتبر أسوأ الأسرار التي يجري التكتم عليها في الاقتصاد الأميركي، فمنذ العام 1986 أصبح من غير القانوني أن يتم استخدام العمالة بدون تصاريح العمل المطلوبة ووثائق الإقامة الضرورية ولكن استخدام العمالة غير المشروع أضحى ظاهرة متفشية كما الوباء ويدركها الجميع· ومن الناحية العامة والعلنية فإن معظم الأشخاص يستنكرون ويشجبون هذه الظاهرة بينما يمارسها كل فرد تقريباً بشكل أو بآخر· بل إن العديد من المواطنين في بعض الأحيان ما فتئوا يطالبون وعلى نحو متزامن بضرورة وضع رقابة وسيطرة حدودية صارمة وقيود أكثر شدة وأحكاماً على مجموع المهاجرين، وفي أفضل الحالات فإن السلوك الأميركي العام تجاه استخدام وتوظيف العمالة المهاجرة يتضمن نوعاً غريباً من التفكير 'بمكيالين'، أما في أسوأ حالاته فإنه بات ينطوي على نوع من الرياء والنفاق، على أن الحكومة الأميركية وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه وهي تنفق كميات هائلة من الأموال من أجل حراسة حدود بالغة الطول والاتساع بدون جدوى أو فعالية تذكر ومن أجل الحيلولة دون دخول العمالة الرخيصة التي يحتاجها الاقتصاد الأميركي،وإلى ذلك فإن أرقام المربيات والخادمات غير الشرعيات قد تجاوز بكثير إعداد جليسات الأطفال المسجلة قانونياً إلى درجة استخدامهن من قبل كبار السياسيين المعاصرين في الدولة·· وكانت بيرد أول من اختارها الرئيس بيل كلينتون كممثل للإدعاء العام في فترة ولايته الأولى قد فشلت في تولي المنصب بسبب عجزها عن دفع الضرائب الخاصة باستخدام عاملة ليست لديها أوراق ثبوتية، وقد لقيت مرشحته الثانية كيمبا وود نفس المصير بنفس الطريقة عندما تبين أن جليسة أطفالها من ضمن العمالة المهاجرة غير المشروعة·
بل إن ما يمكن أن يطلق عليه 'ناني جيت' أو فضيحة المربيات استمرت تداعياتها حتى يومنا هذا· فقبل 18 شهراً فقط أسقط اسم بيرنارد كيرك مرشح الرئيس بوش لمنصب رئيس الأمن الوطني عندما تبين أنه أيضا كان قد استخدم مهاجرة غير شرعية كمربية·
وفي عام 2000 كتبت ليندا شافيز احدى أعضاء الحزب الجمهورية البارزين وهي من أصل لاتيني مقالاً في احدى الصحف اليومية تقول 'هل من الأفضل لنا أن نعمد إلى تغيير قوانين الهجرة لكي نسمح للمزيد من الأشخاص بالإقامة هنا بشكل مشروع بدلا من غض النظر ببساطة عن أولئك الذين درجوا على انتهاك قوانينا المفروضة؟· ولاحقاً بعد عام رشح الرئيس بوش السيدة شافيز لمنصب وزير العمل قبل أن ينكشف وقتها انها كانت قد دفعت أموالاً لاحدى المهاجرات غير الشرعيات من جواتيمالا مقابل أدائها لبعض الأعمال المنزلية وهو الأمر الذي أدى إلى سحب ترشيحها·
والآن فإن المحافظين الأميركان يرغبون في تصنيف الملايين من المهاجرين غير الشرعيين في داخل الولايات المتحدة الأميركية ، بالإضافة الى بناء جدار عازل على طول الحدود مع المكسيك·
وفي هذه الاثناء فإن العديد من هؤلاء المحافظين سوف يستمرون في استخدام وتأجير نفس هذه العمالة المهاجرة في أعمال تشذيب الأشجار ورعاية الأطفال وتنظيف المراحيض!·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©