الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطاب «حالة الاتحاد»... وتحولات موقف أوباما

خطاب «حالة الاتحاد»... وتحولات موقف أوباما
30 يناير 2010 22:26
إي.جي ديون كاتب ومحلل سياسي أميركي طغت حدة غير متوقعة على خطاب "حالة الاتحاد" الذي وجهه أوباما يوم الأربعاء الماضي إلى الأمة، فأوباما الذي صعد إلى المسرح السياسي باعتباره أستاذاً في فن الإقناع وجد نفسه مرة أخرى في حاجة إلى إثبات تلك الأستاذية وتأكيد براعته في الخطابة واستمالة قلوب مستمعيه، ولكن مهمته في خطابه الأخير كانت صعبة للغاية بعدما كان عليه الحد من التداعيات السلبية للانتخابات الخاصة في مجلس الشيوخ بولاية ماساشوسيتس ووقف تأثيراتها السلبية على أجندته، واحتمال نيلها من قوته، وفي الوقت نفسه الرد على الاستياء العام الذي أظهرته الانتخابات من خلال إعادة تأكيده على شعبيته في صفوف الأميركيين وتوظيفها للدفع بسياساته دون أن ينسى مهمة بعث الروح من جديد في اليسار وإعادة كسب تأييد الوسط. ولذا يبدو أن أوباما وهو يلقي خطابه المهم أمام مجلسي الكونجرس كان كمن يخوض امتحاناً للرياضيات يحرص فيه على حل معادلات كثيرة في الوقت نفسه. فقد أراد النأي بنفسه عن "وول ستريت" وفي ذات الوقت طمأنة المواطنين العاديين بشأن الاقتصاد العادي الذي يهمهم. وبالنسبة للمستقلين فقد أكد رغبته في العمل مع الحزبين معاً والارتقاء بالعمل السياسي في واشنطن بعيداً عن الخلافات السياسية الضيقة والصراعات التي تعيق تمرير القوانين. إلا أنه أيضاً حذر "الجمهوريين" مطالباً إياهم بإنهاء أساليبهم المعرقلة لإقرار سياسته والمصادقة عليها. وفيما كان يُفترض في الخطاب أن يكون إعلاناً لانتصار سياسته الرامية لإصلاح النظام الصحي أصبح بدلا من ذلك دعوة ومناشدة من الرئيس لإنقاذ خطته التي حلم بها طويلا بهدف انتشالها من النسيان السياسي الذي يهدد بالقضاء عليها كما قضى على مساع سابقة مستعصية لإصلاح نظام الرعاية الصحية، حيث لجأ إلى الكلام العاطفي من قبيل "في الوقت الذي سأنتهي فيه من إلقاء خطابي هذا سيكون عدد كبير من الأميركيين قد فقدوا رعايتهم الصحية، بل إن الملايين منهم سيفقدونها خلال هذه السنة، وسترتفع الأقساط، وسيحرم المرضى من الرعاية التي يحتاجونها فيما ستواصل الشركات الصغيرة إلغاء التغطية الصحية تماماً، ولكنني لن أتخلى عن هؤلاء الأميركيين، كما يجب ألا يتخلى عنهم الأشخاص الموجودون في هذه الغرفة". وقد تعامل أوباما مع المزاج الشعبي المستاء ليس على أنه تمرد ضد حزبه، أو ضده شخصياً، بل كانعكاس "لشكوك عميقة تجاه واشنطن والطريقة التي تعمل بها منذ سنوات"، كما حرص في الخطاب على التنبيه أنه في الوقت الذي يسجل فيه امتعاض شرائح الشعب الأميركي من بعض السياسات، إلا أنه لن يغير أجندته، أو يتنازل عن خططه ولن يتخلى عن قيادته للأمة، وهو أيضًا ما يصر عليه مساعدوه من أن أوباما ليس شخصاً آخر مقارنة بما كان عليه خلال حملته الانتخابية، وبأن نبرته الشعبوية الأخيرة فيما يتعلق بالاقتصاد كانت منذ البداية جزءاً من وعوده الانتخابية، بل إن دعوته للحزبين "لتسوية خلافاتهما" والابتعاد عن "المعارك نفسها التي سيطرت على واشنطن لعقود" كان يمكن سماعها من أوباما في 2004 أو 2007. ولكن ذلك لا يعني حسب مساعديه أنه لم يخفف من لهجته بسبب المعارك التي اضطر إلى خوضها لأن رجلا بذكائه وخلفيته الأكاديمية يعرف متى يدخل المعارك، ومتى يمتنع عنها. ومن بين ما تعهد به أوباما في خطابه الموازنة بين الاستمرار في الإنفاق على الاقتصاد لاستعادة عافيته وبين جهود الحد من العجز المالي على المدى البعيد، كما لم يتخلَّ عن دعواته ذات النبرة الشعبوية المطالبة بفرض قوانين أكثر صرامة على البنوك ومراجعة قرار المحكمة العليا الذي يسمح للشركات بتوسيع نفوذها من خلال تمويل الحملات الانتخابية قائلا "لا أعتقد أنه يتعين تمويل الانتخابات الأميركية من قبل المصالح الأقوى في أميركا، أو أسوأ من ذلك عبر كيانات خارجية". وفي الوقت نفسه سعى أوباما في الخطاب إلى التعامل مع الاستياء المتفشي لدى الطبقة العاملة، لاسيما تجاه الوضع الاقتصادي الذي أثر عليها أكثر من غيرها، وهو ما يفسر تركيزه على مسألة البطالة وإعلان نيته خلق المزيد من الوظائف. وعلى رغم الجهود التي بذلتها إدارة أوباما في السنة الماضية كان واضحاً أنها خسرت المعركة على جبهتين: الأولى تحديد فوائد خطة التحفيز الاقتصادي التي أقرتها، ومعها مقترح إصلاح الرعاية الصحية، إذ يبدو أن اعتراضات الحزب "الجمهوري" على خططه وجدت لها صدى واسعاً لدى الرأي العام بعدما فشلت الإدارة في التسويق لفوائدها. وفيما أعاد أوباما التركيز على سياسته دون تعديلها فقد تحدى "الجمهوريين" بالفعل بدل الانتقاد فقط وبطرح البدائل عوض عرقلة سياساته، معبراً عن ذلك بقوله "إننا لا نستطيع خوض حملة انتخابية دائمة حيث الهدف الوحيد رؤية الخصم في عناوين محرجة، أو الاعتقاد بأنه إذا خسرتَ فإنني سأربح"، مضيفاً "لا ينبغي على أي من الحزبين عرقلة أي مشروع قانون يطرح فقط لأنه قادر على ذلك". ومع أن أوباما ما زال في الكثير من جوانيه هو نفسه ذلك الرجل الذي تعهد بالتصالح مع خصومه والتعاون معهم، وما زال مصراً على سياساته السابقة في مجالات التعليم والطاقة وغيرها، إلا أنه كان واضحاً بأن أوباما الذي خاطب الأمة يوم الأربعـاء الماضي أدرك أنه يواجه حزباً "جمهورياً" مصراً على المعارضة باعتبارها طريقه للنصر، وهو ما دفعه بدوره للتأكيد على أنه أيضاً مستعد لخوض المعركة قائلا "نحن لا نهرب، أنا لا أهرب". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©