الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول «صناعة الإنسان في منظومة الوحي»

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول «صناعة الإنسان في منظومة الوحي»
4 يوليو 2014 14:57
إبراهيم سليم (أبوظبي) شهد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مجلس سموه بالبطين ليلة أمس الأول المحاضرة التي ألقاها فضيلة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء المسلمين بالمغرب بعنوان «صناعة الإنسان في منظومة الوحي». وبدأ المحاضر حديثه بالترحم على الفقيد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» الذي أسس دولة الإمارات العربية المتحدة. ووصف الدولة بأنها صرح مبارك تسوده الطمأنينة والاستقرار في الوقت الذي نشاهد فيه الاضطرابات في العديد من الدول، مشيراً فضيلته إلى أن دولة الإمارات نموذج يحتذى على المستوى العالمي لما تحقق من إنجازات في شتى الميادين. وتوجه فضيلة الدكتور أحمد عبادي إلى الله العلي القدير أن يحفظ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، فيما وجه الشكر والتقدير للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على إتاحة الفرصة لإلقاء المحاضرة في مجلس سموه. وأوضح الدكتور العبادي أن عنوان المحاضرة «صناعة الإنسان في منظومة الوحي» يأتي متوافقاً مع قوله تعالى: « ولتصنع على عيني» وأيضاً «واصطنعتك لنفسي» الواردين في سورة طه. وأكد أن قرن الصناعة بالإنسان يفيد بأن هناك هندسة كاملة في خلق الإنسان ومقاصد هامة لكي يخرج الإنسان خلقاً سوياً عابداً لله عز وجل معانقاً لسبيل الرشد. وقال:«إن عملية الصنع لا تنحصر في الإنسان فقط بل تمتد إلى صناعة الأمة، مستنداً بذلك لقوله تعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس» والإخراج هنا هو نتيجة طبيعية لعملية الصناعة». وبين أن الأمة المحمدية هي الأمة المصنوعة المخرجة بأمر الله، وهي الأمة القادرة على أن يكون لها دور اجتماعي وتتعاون فيما بينها، ولكن تفرقت الأهواء في السنوات الماضية، ونحن نحتاج الآن إلى أن نستوحي من الكتابين المنظور والمسطور صياغة تجمع بشري ليصير كتلة واحدة يدفع عن نفسه أي مشكلة تواجهه. ولفت إلى أن هذا المعنى يندرج في مرجعين كبيرين، أولهما الكتاب المنظور وهو العالم الواسع الذي خلقه الله تعالى والكتاب المسطور وهو القرآن الكريم وأن الله سبحانه وتعالى برحمته لم يترك سر الصناعة في الجانب الإرشادي فقط وإنما جلاه في الجانب العملي التطبيقي فشخص لنا الأنبياء وخاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ليكون هو الوحدة القياسية في المجال التشريعي. وقال المحاضر إنه يتعين على المربين وهم بصدد صناعة الإنسان أن يراعوا بأن النقل من مرتبة إلى مرتبة يحتاج إلى جملة من المهارات، بحيث يتم التدريب على التكامل بين حواس الإنسان، مشيراً إلى أهمية التخزين السليم للمعلومة والاستدعاء والتوظيف والاستشراف للمعلومة وصناعة الفرد جملة من المقتضيات. وأوضح أن صناعة الإنسان مرت بعدة موجات، أولها موجة التصنيع الأولي وهي النحاسي، والموجه الثانية هي الصناعة الثقيلة، والموجه الثالثة المتمثلة في الرقميات، ونعيش موجة رابعة وهي موجة النانوتكنولوجيا، فيما تتطلب الحياة في الكون تكاملا بين الناس وأن يتناقلوا ثقافتهم ويكون هناك قدرة على صوغ الأذواق. ودعا الدكتور أحمد عبادي إلى تربية النشء على خلق الكدح والمكابدة والاجتهاد وتوجيه طلبة العلوم إلى دراسة العلوم التي تحتاجها الأمة للإرتقاء بها والعلو بها ولتمكينها بين الأمم. ورداً على أسئلة الحضور قال الدكتور العبادي إن الوحي يزود الإنسان بطائفة من المعطيات وعلاقة الإنسان بالوحي علاقة كدح عندما يتعامل الإنسان مع الكون تكون عنده قدرة على الحركة. وتطرق للحديث عن النفس البشرية قائلا إن النفس ذلك الشيء الوظيفي أي كتلة من الغرائز وهي تحفظ الوجود البشري في الكون وهذه الغرائز بمثابة الكهرباء المحيطة بنواة وإذا كانت النواة سليمة تصبح الغرائز وظيفية ونافعة. وأكد أهمية بناء الكفاءة والقدرة للإنسان وقال لا يهم الموقع الاجتماعي للإنسان والأهم هو تحقيق المقاصد وإذا لم نعمل في مجتمعاتنا فإن الإنسان يصاب بالرخاوة الحضارية ولا يمكن الخروج من ذلك إلا من خلال العطاء. وأوضح المحاضر أن أشعار العرب وأقوالهم قبل الإسلام كانت خالية تماماً من الحديث عن صناعة الإنسان في منظومة الوحي، ولم تعرف اقتراناً للفظ الصناعة بالإنسان قبل نزول «واصطنعتك لنفسي» ولتصنع على عيني، حيث يشير قرن الصناعة بالإنسان يشير إلى وجود هندسة كاملة ومقاصد بين يدي هذه الصناعة ليخرج الإنسان خلقاً معاً إيجابياً، عابداً لله، معانقا لسبيل الرشد، وكذلك الأمر بالنسبة للجماعة، حيث يقول «كنتم خير أمة أخرجت للناس» ولفظ الإخراج ناتج عن هذه الصناعة. وأوضح أن الله وفر للإنسان مؤهلات تميزه، ومكنه من مرجعين، وهي النظر إلى الكتاب المنظور، وكتاب الله المسطور، ثم القراءة والاستنباط، «أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها»، والتفكر يجمع بين الكتابين المسطور والمنظور، «ربنا ما خلقت هذا باطلا»، و«لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر»، وهي أدوات الاهتداء إلى القدرة على الحركة، من خلال القراءة في آيات الكتاب المنظور، والقراءة في الكتاب المسطور تمكن من استنباط الوجهة نحو القبلة المرتبطة بالحركة، متوجهة إلى الله تعالى لتصل إلى السجود لله عز وجل، «قال تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ? وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ?» والأمر نفسه يظهر في سورة الشمس، والتي جاءت كلها معرفة، وجاء ذكر الإنسان نكرة حيث قال « ونفس وماسواها» حيث إن الإنسان مكلف بوضع «أل التعريف» التي يختارها، لأن بقية الكائنات استبانت قدرتها من دون جهد، والإنسان عليه أن يبرز في موطن «النفس المطمئنة» أو الأمارة بالسوء«وهو مكلف بالاختيار وبروز بعد الإرادة. وقال إن الكدح المكلف به الإنسان وحمله للأمانة، وهي إدخال هاديات الوحي إلى مجاله البشري، بقية الكائنات تسجد لله، وجاءت طائعة، وأوحى في كل سماء وحيها وللأرض وللنحل، ولكن طبيعة عمل الوحي في المجال الكوني هي بالطوع، أما في المجال الإنساني فلابد من الإرادة. وقال إن مسؤولية الإنسان عن إدخال الوحي في مجاله، فالله عز وجل تحدث في كتابه عن السبل، ففي المجال الكوني، فاسلكي سبل ربك ذللاً- طوعاً وتقديراً وهدايه، أما بالإنسان، فقال «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا»، وهي عن طريق الكدح والمكابدة حين يستبصرون بالهدي. وقال لا ندري سببا لهذه الكآبة التي تعيشها دول العالم الإسلامي، والذي أصابها والتكاسل، مع أنها الأمة المأمورة بالعمل، وتحصيل السعادة في الدنيا والآخرة، وأن الأمة تحتاج إلى ترتيب مفاهيمها، من استنباط للمفاهيم من خلال الكتاب الكمنظور، وهو هذا الكون الهائل، والكتاب المكتوب وهو القرآن الكريم. وقال إن الإنسان قادر على الاستدراك، للأعمال غير الجيدة، وعلى المسلمين أن يعوا الكون المنظور والعمل بالكتاب. وأضاف أن الله قرن الصناعة بالإنسان، حيث قال تبارك وتعالى في محكم التنزيل» « وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي» أي: أجريت عليك صنائعي ونعمي، وحسن عوائدي وتربيتي، من أبرز الأمور التي تدل على صناعة الوحي للإنسان وتعينه على ذلك، هو أن نعود الأبناء على الإنصات والتدبر والتفكر والنظر، واستدعاء الأفكار، وقد حث الله تبارك وتعالى في العديد من الآيات على ذلك، وكيفية الاحتفاظ بالمعارف والعلوم، مشيراً إلى أن أهمية التدريب على تكامل حواس الإنسان، لتخزين العلوم والمعارف لأن تخزين المعرفة ناقصة، تصل إلى الآخر منكسرة وغير سوية وناقصة.، ولذلك فإن تخزين المعلومات واستدعاؤها، وتوظيفها واستنباط ما يتم استنباطه، واستشراف المستقبل، عوامل مهمة ومترابطة، وقال أن صناعة الفرد بها عدد من المقومات، أو المفردات، من بينها عناصر القوة والأمانة، وهي غير مقتصرة على شيء معين بل شاملة، ومن بينها قوة بنيان الجسم. شهد المحاضرة، سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. كما شهدها، سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وسمو الشيخ عمر بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة نائب رئيس مجلس إدارة طيران الاتحاد. وشهدها، معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الديار المصرية، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين، وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة. الإمارات دولة مباركة مرشحة لإزالة اختلاف الأمة وصف فضيلة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء المسلمين بالمغرب، دولة الإمارات بأنها من البلدان المباركة والمرشحة لإزالة الاختلاف الذي تعيشه الأمة. وأضاف أن الإمارات دولة تملك المؤهلات والكفاءات القادرة على رصد التجليات القرآنية ورفع حالة التخلف التي تعيشها مجتمعاتنا، مؤكداً أن واقعنا واقع معيق ومؤسساتنا أصيبت بالارتجاجات ومنها مؤسسات الحكم والتعليم التي تحتاج إلى إعادة تقييم لأدوارها كما نحتاج إلى شحذ الهمم ونحت تضاريس عقلية لالتقاط الهاديات في الوحي القرآني، والقرآن لا يكشف عما فيه إلا لمن أثنى ركبتيه له. وأضاف المحاضر «البشر أصبحوا قادرين في الأداء المشترك والمطلوب صوغ تجمع بشري يصبح كالجسد الواحد ولديه القدرة على النهي عن المنكر ونحتاج إلى نوع من الكدح لننتقل من الشتات الى أمة مجتمعة، ونحتاج إلى أن نعيد القيمة للكدح وإزالة الاختلاف، وهذا البلد الكريم بلد زايد الخير من البلدان المؤهلة التي تزيل الاختلاف». سر الصناعة أوضح فضيلة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء المسلمين بالمغرب أن الله لم يترك سر الصناعة في المجال الفكري فقط، بل أرسل إلينا الرسل ليكونوا مرجعية للناس، وليكون سيدنا محمد هو الوحدة القياسية في المجال البشري، وبالتالي فهو المرجعية للكل، وحين يفتقر الإنسان إلى حالة السواء تحدث مشكلة، ولذلك حمى سبحانه وتعالى القدرة البشرية، فأرسل الرسل والأنبياء والوحدة القياسية للاستنباط منها، وهناك فرع استرشادي، وتطبيقي يمكن الرجوع إليهما لاستخلاص الهاديات. ويبرز في الصناعة جانبان، الجانب الأول الخط التصوري به شبكة تصورات مستخلصة من كتاب الله، وتمكن الناس أن يكونوا برامج وتحديد مفاهيم الخلافة، شاخصة وحاضرة في أذهانهم، أو تصور العالم من حولي، وهو أمر في غاية الأهمية، عندما نخطئ في تجلية التصورات، إبراز وتحرير العقائد، والعقائد تموت وتحيا عليها الناس، وهو موجود في كتب العقائد. والجانب الآخر هو المعايير، وحين لا تكون بارزة فإن سلوك الإنسان قد يذهب يمنة ويسرة، وكذلك جانب الشرائع والتنظيمات وهي في غاية الأهمية ولا بد من التنشئة، بحيث يكون الإنسان قادرا على احترام التشريعات والتنظيمات، ثم السلوك والتصرف يضبط بشكل بين، وكذلك بعد التواصل. مفهوم الأمة تحدث المحاضر حول مفهوم الأمة، وقال إن الأمة تسمية بديعة فالإمامة مشتقة من هذا الاسم، ويجب أن نراعيها، وهي أن التجمع البشري له قبلة يقصدها، والإمام في عالم الطير هو القادر على رؤية الطريق ومعالمه عند الهجرة، والنحل أمة قبلتها العمل، ونحن أمة قادرة على الأداء المشترك. وبين أن الأمة المحمدية هي الأمة المصنوعة والمخرجة بأمر الله، «كنتم خير أمة أخرجت للناس»، وهي الأمة القادرة على أن يكون، لها دور اجتماعي، وتتعاون فيما بينها، وهي أمة نتحدث عنها باعتبارها جسداً واحداً، والمطلوب منا أن ننحت مجتمعا بشريا يصبح كالجسد الوحد، لديه القدرة على رد الأمور الضارة، وهذا النموذج يحتاج إلى نوع من الكدح للانتقال من حالة الشتات إلى حالة الأمة الجسد التي يكون أداؤها أداء موحداً، وفي آخر سورة النحل يقول «واصبر وما صبرك إلا بالله»، نحتاج إلى شحذ الهمم، ولكن تفرقت الأهواء في السنوات الماضية، ونحن نحتاج الآن إلى أن نستوحي من الكتابين المنظور والمنشور، صياغة تجمع بشري ليصير كتلة واحدة، يدفع عن نفسه أي مشكلة تواجهه، كما نحتاج إلى شحذ الهمم، ونحت تضاريس عقلية لالتقاط الهاديات في الوحي القرآني، والقرآن لا يكشف عما فيه إلا لمن أثنى ركبتيه له، ونحتاج إلى إعادة القيمة لمفهوم الكدح. المحاضر في سطور حصل الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب على دكتوراة الدولة في الدراسات الإسلامية من جامعة القاضي عياض بمراكش سنة 2002 وهو أستاذ تاريخ الأديان المقارن والتفسير بشعبة الدراسات الإسلامية ومادة الفكر الإسلامي ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة القاضي عياض بمراكش سنة 1988 وأستاذ زائر بجامعة زايد في الدولة 2013 وعضو زميل بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان 2007 وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2011 .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©