الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية أميركية للتقرب من الأفغان

30 يناير 2010 22:28
توم بيتر أفغانستان بعدما أنهى النقيب في الجيش الأميركي، مايكل هاريسون، جولته الأولى في أفغانستان قبل عامين تقريباً، احتفظ بعلاقات متميزة مع العديد من الأهالي الذين دخل في صداقات معهم أثناء فترة خدمته بالبلدات والقرى الأفغانية. وهو مازال إلى اليوم يتصل ببعضهم للحديث إليهم وللاطمئنان على الوضع الأمني عبر مترجمه الخاص. وحتى عندما انتقل هاريسون إلى مكان آخر في وادي "كونار" الذي يبعد بحوالي ساعتين عن منطقة "بيش" التي عمل فيها سابقاً، أثبتت صداقاته مع الأفغان أهمية كبيرة في موقعه الجديد، وهو ما يوضحه النقيب الأميركي قائلا "إن الأفغان يشبهون إلى حد كبير العائلات الإيطالية الممتدة، فهم لديهم أفراد في جميع المناطق، فالعديد من الأشخاص الذين كنت أعرفهم في "بيش" لهم عائلات وأقرباء في هذه المنطقة، وعندما يأتي الأعيان إلى هنا في زيارات عائلية، كثيراً ما يلتقون بي ويوصون بي خيراً لدى الأهالي من المعارف والأقارب، كما يعرفونني على بعض الأشخاص في مكاني الجديد". ويُرجع أغلب الجنود الأميركيين العاملين في كتيبة هاريسون الفضل إلى قائدهم في السهولة التي يجدونها في التعامل مع الأهالي، وإلى العلاقات الطيبة التي تجمع بهم والتي هي امتداد للعلاقات السابقة مع الأفغان في منطقته السابقة... هذه العلاقات تساعد في رأي العديد من المراقبين على كسب عقول وقلوب الأفغان في حرب مازالت مستعرة ولا يلوح أفق قريب لنهايتها، وقد سببت الكثير من الخسائر في الأرواح بين صفوف القوات الأميركية. ولعل ذلك النجاح الذي حققته كتيبة هاريسون قد جعلها مثالا يُحتذى به في إطار الاستراتيجية الأميركية الجديدة القائمة على نشر وحدات عسكرية في المناطق نفسها التي عمل بها أفراد الكتيبة في السابق. ففي الوقت الذي تركز فيه القوات الدولية على حماية الأهالي بدل ملاحقة المتمردين من مقاتلي حركة "طالبان"؛ كجزء من استراتيجية مكافحة التمرد، يأمل القادة العسكريون الأميركيون أن تتيح الخطة الجديدة في التواصل مع الأهالي والاستمرار في خدمتهم، فرصة طيبة من أجل توطيد العلاقة مع القبائل المحلية وبناء ثقافة جديدة في التعامل مع الأفغان على المستوى الوطني. والحقيقة أن هذا الأسلوب الجديد كان متبعاً على نحو أو آخر من قبل القوات الخاصة الأميركية في أفغانستان التي تبنت الاستراتيجية نفسها قبل عامين عندما كان يحتفظ بها في نفس القاعدة لفترة ستة أشهر ثم يتم إرجاع الوحدات الخاصة إليها بعد مدة زمنية معينة لتمتين الروابط التي تمكنوا من نسجها مع الأهالي والبناء عليها لخلق نوع من الألفة والتفاهم والتعارف معهم، لكن منذ أن تولى الجنرال ستانلي ماكريستال، القائد السابق للعمليات الخاصة في أفغانستان، القيادة العامة للقوات الأميركية في أفغانستان، طبق الاستراتيجية على مجمل القوات النظامية. وفيما يصعب إرسال جميع الوحدات العسكرية إلى نفس الموقع الذي خدمت فيه، يؤكد "فاندا فيلباب براون"، الخبير في شؤون أفغانستان وقضايا مكافحة التمرد بمعهد بروكينجز بواشنطن، أن الهدف من إرسال الجنود إلى نفس المواقع وإبقاءها أطول فترة ممكنة، هو "خلق نوع من الاستمرارية في العلاقات بين الجنود والأهالي وتوظيفها للتعرف أكثر على المجتمع الأفغاني وفهم حساسياته الثقافية". وحسب الخبير، فإن الجنود كثيراً ما يشتكون من نقلهم من المنطقة التي يعملون بها بعد عام فقط على انتشارهم في وقت بدؤوا فيه يتعرفون على المكان وأخذوا في نسج علاقات مع الأهالي والاستفادة من معرفة الثقافة المحلية. أما الاستراتيجية الجديدة فهي تسمح لهم بالاستمرار في علاقاتهم مع الأفغان، لكن دون البقاء لفترات طويلة تتجاوز مدة خدمتهم العسكرية. وعن هذا الموضوع يقول الجندي الأميركي "خوسي أوريتا"، من سان دييجو، إنه لا يستطيع تذكر الجنود الأفغان الذين عملوا معه، لكنه يتذكر الوحدات التي نسق معها في عمليات عسكرية مشتركة، مؤكداً على أهمية العلاقات الاجتماعية مع الأفغان في تكريس أهداف السياسة الأميركية تجاه ذلك البلد ومحاربة التمرد الطالباني فيه. ويعتقد الخبراء أنه بكسب ثقة الأفغان وتوطيد العلاقات الإنسانية معهم، يستطيع الجنود الأميركيون الحصول على معلومات استخباراتية حول المتمردين والحد من اختراق "طالبان" للأهالي، وأغلب تلك العلاقات التي يعول عليها المسؤولون الأميركيون تحدث بين ضباط في الجيش الأميركي ونظرائهم الأفغان الذين يسهلون لهم عملية التعرف على شرائح المجتمع والاقتراب منها، فيما يكتفي الجنود العاديون بحراسة الاجتماعات الدورية التي تجري بين الضباط من الجانبين. وفي هذا السياق يقول السيرجينت "هاري جريفيث"، من بيتسبورج، إنه مازال يتذكر القرى والبلدات التي تواجد بها في السابق والتطور الذي لمسه فيها لدى عودته لزيارتها في المرة الثانية، مشيراً إلى أنه وجد محلات تجارية جديدة، ومطاعم لم تكن موجودة في السابق ما يدل على التقدم الحاصل والأمن الذي تنعم بها تلك المناطق. لكن على الرغم من ذلك يحذر العسكري الأميركي "فرانك هاندو" من التغييرات السلبية التي قد تحدث، لاسيما على الصعيد الأمني، جراء استراتيجية التعرف والتقرب؛ فكما أنه يمكن رصد بعض التغيرات الإيجابية في الحياة الأفغانية والبناء عليها، فإنه في بعض الأحيان تبرز تطورات سلبية تسمم العلاقات بين الجانبين الأميركي والأفغاني. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©