الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان: الجاهزية لتحمل المسؤولية الأمنية؟

أفغانستان: الجاهزية لتحمل المسؤولية الأمنية؟
20 يونيو 2011 21:00
هنا في "مهتار لام" البلدة الصغيرة على الحدود الشرقية لأفغانستان غالباً ما تنقسم الأخبار إلى قسمين، إما الإعلان عن آخر هجمة قاتلة شنها متمردو "طالبان"، أو الإشارة إلى آخر مشروع كبير تنجزه الطواقم العسكرية الأميركية مثل شق الطرق ومد الجسور وفتح قنوات الري. ولكن مع ذلك لا يخفي العديد من سكان المنطقة رغبتهم في انسحاب القوات الأميركية بأسرع وقت ممكن من محافظة "لاجمان" التي تقع فيها المدينة، وهي واحدة من المناطق السبع في البلاد التي اختيرت لنقل مبكر ورمزي للمهام الأمنية من القوات الأجنبية إلى قوات الأمن الأفغانية بداية الشهر المقبل، علماً بأن جميع القوات المقاتلة في أفغانستان ستنسحب بحلول عام 2014. والسبب وراء هذا الاستعجال حسب العديد من السكان هو أن قوات حلف شمال الأطلسي باتت تشكل عامل جذب لهجمات "طالبان" التي يعتقدون أنها ستنتهي ما أن تغادر تلك القوات. وفي سياق متصل قال بعض السكان إنهم سئموا، بكل بساطة، من إجبارهم على إفساح الطريق للآليات العسكرية التابعة للحلف ومواكبه الأمنية المدججة بالسلاح. كما أن العديد من الأهالي باتوا مقتنعين بأن القوات الأفغانية قادرة على توفير الحماية للبلدة من هجمات "طالبان" بشكل أفضل. وهذا ما يعبر عنه "نجيب الله" البالغ من العمر 24 عاماً، ويعمل ميكانيكيّاً في البلدة بقوله: "عندما تغادر القوات الأميركية البلدة سنوزع الحلوى"، مضيفاً: "لا أنكر ما قاموا به من تعبيد للطرقات وغيرها، ولكنهم خلقوا مشاكل أيضاً، فـ«طالبان» تقول إنها تأتي إلى هنا للجهاد والحال أن ذلك مجرد تبرير، فما أن يغادر الأميركيون حتى تنتفي الذريعة، فلو جاءت «طالبان» وقتلت أخي الذي يعمل في الشرطة فسأقتلهم بنفسي". ومن جانبهم، عبر مسؤولون أفغان في المحافظة، تماشيّاً مع تصريحات سابقة للرئيس كرزاي، عن ثقتهم في قدرة الشرطة الوطنية الأفغانية وقوات الجيش على تولي المسؤولية الأمنية، بحيث من المتوقع أن تنتشر وحدة خاصة من الجيش الأفغاني في المنطقة بعد النجاح الذي لاقته عمليات استخبارية مؤخراً، لاسيما ما أعلن عنه المسؤولون في الأسبوع الماضي من إحباط لمخطط إرهابي إثر توقيف شاحنة محملة بحوالي 5300 رطل من المتفجرات، رُصدت وتم حجزها من قبل السلطات الأفغانية قبل انفجارها. ولكن، في الجهة المقابلة، أبدى بعض القادة السياسيين وأعيان القبائل تخوفهم من الانتقال المرتقب للمسؤوليات الأمنية، ففي يوم السبت الماضي تم تفجير قنبلتين بالقرب من محطة تلفزيونية، وهو التكتيك الذي يلجأ إليه المتمردون لإيقاع أكبر عدد من الخسائر. وفي هذا الإطار يقول عتيق الله رحيم زاي"، رئيس مجلس المحافظة الذي قُتل سلفه في كمين نفذته "طالبان": "إن رقعتنا الأمنية تتقلص مع مرور كل يوم، لقد كنا سعداء بوجود القوات الأجنبية هنا، واليوم نتساءل عما يحدث عندما يغادرون، لاسيما في المناطق البعيدة عن المدينة حيث تنشط قوات طالبان". وإلى الغرب من بلدة "مهتار لام" بعدة مئات من الأميال من المتوقع أن تشهد مدينة "هيرات" انتقالاً للسلطة الأمنية خلال الشهر المقبل، بالإضافة إلى خمس مناطق أخرى هي مزار شريف في الشمال، ومدينة "باميان" وسط أفغانستان، وأغلب المناطق في العاصمة كابول، فضلاً عن محافظة "بانشير" الصغيرة ومدينة "لشكر جاه" في محافظة هلمند بالجنوب. وعلى غرار "مهتار لام" تواجه جهود إعادة الإعمار في مدينة "هيرات" التي أشرفت عليها القوات الإيطالية تحديات كبرى. وهناك أيضاً ينظر الناس إلى مغادرة القوات الأجنبية للمنطقة بمشاعر مختلطة تتراوح بين الترحيب والتخوف. وقد تعمق هذا الالتباس أكثر في شهر مايو الماضي عندما اجتاح "كوماندوز" من عناصر "طالبان" مقرّاً لحلف شمال الأطلسي في المدينة فسارعت قوات الأمن الأفغانية للتدخل موقعة عدداً من القتلى في صفوف المسلحين وحالت دون سيطرتهم على القاعدة. وهذا التدخل الناجح للقوات الأفغانية عزز الثقة في قدرتها على الاضطلاع بمسؤولياتها الأمنية بعد مغادرة القوات الأجنبية، وهو ما أكده "سيد آغا"، قائد الأمن في المدينة بقوله: "أراد العدو ضرب الأمن والاستقرار في المدينة، إلا أننا تمكنا من السيطرة على الوضع"، مضيفاً: "نحن متأكدون من قدرة القوات الأفغانية على حماية الأمن بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي". وفي السياق نفسه قال "توريالاي غوثي"، نائب مدير غرفة التجارة في المدينة: "كلما تم تسليم المزيد من الصلاحيات الأمنية إلى القوات الأفغانية تحسن الوضع الأمني، فالقوات الأميركية والأفغانية غالباً ما تتنازع حول السلطات والاختصاصات وكل ذلك سينتهي مع مغادرة حلف الناتو للبلاد"، ولكن على رغم النبرة المتفائلة التي تطغى على أحاديث المسؤولين الأفغان في "هيرات" يبرز عمليّاً العديد من الصعوبات الموضوعية، فمدينة مثل "هيرات" بعدد سكان يبلغ 750 ألف نسمة تحتاج من القوات أكثر من الـ 180 ضابطاً نظاميّاً الموجودة حاليّاً، هذا بالإضافة إلى الاختلالات داخل قوات الشرطة في ظل انتشار إدمان المخدرات والفساد. وفي مناطق أخرى مثل "باميان" يطالب الناس ببقاء قوات التحالف الأجنبية، ولاسيما أن تلك المنطقة موطن لعرقيـة "الهزارة" ولذا يتخوف سكانها من استهدافهم من قبل "طالبان". باميلا كونستابل وسيد صلاح الدين - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©