الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميزانية الاتحاد الأوروبي... ضغوط متنامية

ميزانية الاتحاد الأوروبي... ضغوط متنامية
15 سبتمبر 2010 20:31
تتخذ الحكومات الأوروبية جميعها إجراءات رفع الضرائب وطرد العاملين من وظائفهم مع تجاهل معاناة عائلاتهم، إضافة إلى خفضها لرواتب المعلمين وإغلاق المكتبات العامة، مرتدة بذلك على سنوات طويلة من الإفراط في الإنفاق. غير أن موسم التقشف هذا لا يبدو أنه يشمل أهم الحكومات الأوروبية على الإطلاق: حكومة الاتحاد الأوروبي. فبينما تثير الحكومات الأعضاء في الاتحاد سخط شعوبها بسبب هذه الإجراءات التي تضيّق على حياة المواطنين، يتوقع أن يوسع الاتحاد الأوروبي برامجه ويزيد حجم إنفاقه بمليارات الدولارات خلال العام المقبل. فهناك عدة برامج ينوي الاتحاد بدء العمل بها في العام المقبل مثل إطلاق المزيد من الأقمار الاصطناعية في الفضاء وبناء مفاعلات تجريبية جديدة للانشطار النووي، وإنشاء بعثات دبلوماسية أوروبية، وغيرها، يتوقع لها أن تضخّم ميزانية الاتحاد التي تمولها الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد. ولكن هناك من الدول الأعضاء من أبدى معارضة لهذه السياسات، وهذا من شأنه إثارة توترات إضافية في مؤسسة يمكن وصفها بأي صفة أخرى سوى كونها "اتحاداً" بالمعنى الحقيقي للعبارة. فعلى سبيل المثال، صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحفيين قائلاً في شهر أغسطس المنصرم: لن يكون في وسعنا مطالبة المواطنين هنا بدفع المزيد من دخلهم الشخصي لحكومة بلادهم، ثم دفع المزيد منها كذلك للاتحاد الأوروبي. وأضاف كاميرون قائلاً: "إن من المهم جداً التأكد من خفض ميزانية الاتحاد الأوروبي بدلاً من زيادتها". يجدر بالذكر أن نظيره الدنماركي الزائر "لارس لوكي" قد وافق على حديث "كاميرون" في صمت بهز رأسه دليل الموافقة والتأكيد عليه. وتسعى كل من المملكة المتحدة والدنمارك إلى توحيد موقفهما المطالب بخفض ميزانية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ضمن معركة أوسع نطاقاً في معارضة الطموحات الهادفة إلى إضفاء المزيد من المركزية على الاتحاد الأوروبي. في مثل هذه المواقف ما يهدد ميزانية الاتحاد التي بلغت هذا العام ما يقارب الـ160 مليار دولار، أي ما يفوق ميزانية بعض الدول الأوروبية الصغيرة. ولكن لاحظ من يدافعون عن الميزانية أنها لا تزيد على اقتصاد الاتحاد الأوروبي إجمالاً إلا بما يتجاوز قليلاً نسبة الـ1 في المئة. هذا ويتوقع أن تكون المعركة الهادفة إلى زيادة حجم إنفاق الاتحاد مريرة وشرسة للغاية، لا سيما في ظل الصراع الحالي الذي تخوضه بعض الدول من أجل الخروج من دوامة الركود الاقتصادي التي ظلت تلفّها منذ الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. والأسوأ من ذلك أن حلم الوحدة الأوروبية نفسها ربما تضاءل مؤخراً في عيون الكثيرين من جملة الكثافة السكانية الأوروبية البالغة 500 مليون نسمة. فقد أظهر استطلاع للرأي العام أجري مؤخراً انخفاض نسبة الذين ينظرون بإيجابية إلى عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي إلى ما دون الـ50 في المئة، وهي أدنى نسبة تأييد للاتحاد خلال السنوات الأخيرة الماضية. ويلاحظ أن الانخفاض الأكبر لنسبة التأييد هذه كان في ألمانيا -القوة الاقتصادية الأوروبية الأكبر- حيث بلغت نسبة انخفاض التأييد الأوروبي فيها بحوالي 10 في المئة. ويعد العامل المالي الاقتصادي سبباً رئيسياً لانخفاض نسبة التأييد الأوروبي هذه في أوساط الألمان. فما يغضب هؤلاء أن تتكفل حكومة بلادهم بمساعدة كل من إسبانيا واليونان في الخروج من مأزقهما المالي في حين تعجز الحكومة الألمانية نفسها عن مساعدة مواطنيها في الداخل على تجاوز تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية الحالية. وعليه فقد اعترف "باتريزيو فيوريلي" المتحدث باسم شؤون موازنة المفوضية الأوروبية بسوء توقيت محاولة إجازة ميزانية موسعة للاتحاد في الظرف الحالي. لكنه دافع رغم ذلك عن مطالبة الاتحاد بزيادة ميزانيته بما يقارب نسبة 6 في المئة للعام المقبل 2011. فعلى عكس بعض دوله التي عرفت بإفراطها في الإنفاق من قبل، لم يعان الاتحاد نفسه عجزاً في موازنته، بينما ظل يوجه الجزء الأكبر من إنفاقه المالي لضمان حفز النمو الاقتصادي الأوروبي عبر برامج الأشغال العامة والاستثمار في مجال البحوث الاقتصادية. ومع ذلك فقد استبعد قادة الاتحاد تصوراتهم السابقة الداعية إلى زيادة قدرها 6 في المئة في ميزانية الاتحاد، وتمسكوا بخيار زيادة تقل عن نسبة 3 في المئة. كما استبعدوا أي زيادات في رواتب موظفي الاتحاد، مع الالتزام بعدم زيادة عدد موظفي الاتحاد، خاصةً وأن منتقدي الاتحاد يرون أن له جيشاً من "اليورو-بيروقراط" سلفاً. ومما يشير إلى شراسة معركة زيادة ميزانية الاتحاد، تصويت سبع من الدول الأعضاء بما فيها بريطانيا، وهولندا، والسويد والنمسا، ضد زيادة الـ3 في المئة نفسها التي ساوم عليها الاتحاد أخيراً. وقال قادة الدول السبع المذكورة إنه ليس للاتحاد أن يزيد ميزانيته ولو بنسبة 1 في المئة في الوقت الحالي. ومن المتوقع أن ينظر الاتحاد الأوروبي -الذي عرف بتأييده لزيادة ميزانية الاتحاد دائماً- في مشروع الميزانية الجديدة الشهر المقبل، لتنطلق بعد ذلك المفاوضات حولها كي يتبلور اتفاق أوروبي عليه. ولكن هناك من المراقبين من يرجح استمرار هذه المفاوضات حتى العام المقبل. ويرجح هؤلاء أن تسفر النتيجة النهائية لهذه المفاوضات عن اتفاق على نسبة زيادة في ميزانية الاتحاد تتراوح بين 3 - 6 في المئة للعام المقبل. بيد أن للدول المعارضة لهذه الزيادة موقفاً آخر أبعد مدى. ويتمثل هذا الموقف في إطلاق صافرة إنذار للاتحاد والبرلمان الأوروبيين وهما يستعدان الآن للتخطيط المالي البعيد المدى، الذي يهدف إلى وضع الخطط المالية للاتحاد حتى عام 2020. تأكيداً لهذا الموقف قال دبلوماسي غربي من إحدى الدول السبع المعارضة لزيادة ميزانية الاتحاد -اشترط عدم ذكر اسمه في هذا التقرير الصحفي لحساسية منصبه- إن من المهم تحذير الاتحاد ولفت نظره في هذا الوقت بالذات إلى جدية مسألة الموازنة الأوروبية. هنري تشو - بروكسل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©