الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

استقرار مالي مرهون بدمج الطوارق والعرب سياسياً

استقرار مالي مرهون بدمج الطوارق والعرب سياسياً
19 يونيو 2015 01:04
وائل بدران (أبوظبي) أدى التدخل العسكري الذي قادته فرنسا في مالي عام 2013 إلى تشتيت وإضعاف الجماعات المتطرفة التي كانت تسيطر على النصف الشمالي من الدولة، وأعادت المنطقة إلى سيطرة الحكومة، بيد أنها لم تعالج كثيراً من الصراعات السياسية والعرقية التي تمخضت عنها الأزمة، حسبما أوضحت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة «راند». وألمحت الدراسة إلى ضرورة دمج الطوارق والعرب في العملية السياسية، والعمل على وجود تمثيل أفضل لسكان مالي في الحكم والمؤسسات، وبصفة خاصة القوات المسلحة. وأكدت أن الصراعات بين الجيش الحكومي والطوارق الانفصاليين، التي بدأت التمرد في بداية عام 2012، والحركة الوطنية لتحرير أزواد، إضافة إلى أنشطة الإرهاب التي تمارسها «حركة الوحدة والجهاد» في غرب أفريقيا، رغم استمرار حضور القوات الفرنسية، نذير سوء لحكومة «باماكو» وقدرتها على التحكم في المنطقة مستقبلاً. وأشارت الدراسة إلى أن اتفاقات السلام السابقة في مالي تمثل نموذجاً مفيداً لتقييم المشكلات التي تقف عقبة في طريق إحلال سلام دائم، منوّهة بأنه منذ عام 1960 وحتى الآن، اندلعت أربعة اضطرابات تمخضت عن أربع اتفاقات سلام مختلفة. وقالت: «إن تلك الاتفاقات لم تؤد إلى إحلال سلام دائم بسبب ضعف الثقة وسوء التطبيق، إضافة إلى التمثيل السيئ للأطراف والحركات المتمردة المسلحة». وأضافت: «رغم ما تزعمه الحركات المتمردة من أنها تتحدث نيابة عن أقاليم شمال مالي الثلاثة، التي تطلق عليها اسم (أزواد)، لكنها في الحقيقة لا تمثل سوى أقليات صغيرة ضمن أقليات أكبر، وهو ما يعني استثناء أطراف كثيرة لا تعتبر نفسها جزءاً من الاتفاقات». وأفادت الدراسة أن الطبيعة المتكررة للاتفاقيات والمظالم تشجع انطباعا بأن شيئاً لم يتغير منذ عام 1990، الذي تطورت فيه مشكلة الشمال، ولم يحرز أي تقدم، إلا أنها أكدت خطأ هذا الانطباع، موضحة أن الاتفاقات السابقة حققت بعض النتائج وإن لم تعالج جذور المشكلة. ولفتت إلى أن من أهم مكاسب اتفاقات السلام السابقة إجراءات اللامركزية ونشر الديمقراطية التي بدأت في عام 1992، بهدف إشراك مجموعة متنوعة من سكان مالي في الحكم. وألمحت إلى وجود عدد من المشكلات، من بينها قلة الموارد وعدم نضج الثقافة السياسية التي تجعل المنافسة الانتخابية لعبة صفرية تفاقم التوترات بين المجتمعات في مالي بدلاً من تخفيفها. وأضافت الدراسة: «إن إخفاق حكومة باماكو في ترسيخ شرعيتها بين سكان الشمال فاقم من الأزمة، لا سيما أنه منذ استقلال الدولة، كانت عرقيات مثل (بامبارا) و(الماندي) في جوهر الهوية الوطنية المالية، بينما تم إقصاء العرب والطوارق». وتابعت: «على رغم أن دمج المقاتلين العرب والطوارق في القوات المسلحة المالية أمر جيد من حيث المبدأ، إلا أنه تم تطبيقه على نحو غير ملائم». واستطردت: «إن استمرار غياب الأمن يعزز التشبث بشبكات التضامن مثل القبائل والعشائر والجماعات العرقية، وهو ما يقوض شرعية الجيش المالي، الذي يتعرض لانتقادات بسبب عدم قدرته على بسط الأمن، وسوء معاملته لسكان الشمال». وشددت الدراسة على أن الجيش المالي لابد أن يتضمن تمثيلاً أكبر لسكان الدولة، لكي لا ينظر إليه على أنه «قوة أجنبية»، إضافة إلى تحسين فاعليته وتأثيره العملي. وخلصت إلى ضرورة التفاوض مع الجماعات المسلحة، ولكن من دون الخطأ في منحها تمثيلاً أكبر من حجمها الفعلي، مؤكدة على ضرورة أن تضع الحكومة ضمن أولوياتها إدخال تحسينات على نظام الحكم في ضوء اتفاق السلام الوطني الموقع في تسعينيات القرن الماضي، لا سيما دمج الجيش ومزيد من اللامركزية وتطبيق الديمقراطية. ولفتت إلى ضرورة الأخذ في الحسبان أن ما من حل سريع للأزمة في مالي، خصوصاً أن مشكلة الإرهاب في الدولة متشابكة داخل مشكلة أمنية أكبر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©