الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد يوسف: تاجر السجّاد يصبح مخرجاً سينمائياً

محمد يوسف: تاجر السجّاد يصبح مخرجاً سينمائياً
15 سبتمبر 2010 20:38
هل يحتاج الدكتور محمد يوسف، المسرحي والتشكيلي المؤسس والأكاديمي، الذي حاز العديد من الجوائز، كانت آخرها جائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب للعام الماضي، إلى تعريف؟ الأرجح أن الإجابة عند الكثيرين من قرّاء ومثقفين ستكون: لا. لكن ما الجديد ها هنا في هذا الحوار؟ هل هي في توجيهه النقد إلى عمل البعض من المؤسسات والأفراد المتواجدين في الحركة التشكيلية والحركة المسرحية التي من كان من مؤسسيهما في دولة الإمارات؟ أم هذا الإحساس بالاغتراب عن المحيط واختياره العزلة في مشروع جديد يتقاطع فيه النحت مع الرسم ويعود فيه إلى طفولته المبكرة؟ أم هي الرغبة في البوح وقول ما هو مسكوت عنه تجاه كل ما يحدث حوله؟ مهما يكن من أمر، فما يقوله الرجل من السهل ملاحظة أنه يأتي بناء على خبرة واسعة في العمل العام ترقى إلى أكثر من ثلاثين سنة، ولعل هذا واحد من الأسباب التي تجعل من قراءة آرائه جديرة بالاختلاف أو الاتفاق معها، ذلك أن شخصية الفنان والمسرحي محمد يوسف هي بطبيعتها إشكالية، لجهة أنها تنتقد بوضوح لا لُبس فيه، الأمر الذي ربما ينبغي الرد على مجمل آرائه على هذا النحو أو ذاك، من قبل المعنيين في أمر ما يُطرح. ? هل يمكن أن نتطرق ولو قليلا إلى البدايات، أو قبل ذلك بقليل ومن ثم دخولك إلى الوسط الفني؟ ? عملت أنا وصديقي عبدالله المناعي، كطابعين على الآلة الكاتبة في الجيش مع بداية تأسيس الدولة، كان ذلك صيفا وضمن برنامج محدد للاستفادة من جهد الطلبة المواطنين في إجازتهم، فتم تعييني في اليرموك، وكان المسؤول المباشر عني باكستانيا وكنت أكتب رسائل خاصة بالشرطة العسكرية، وأذكر أنني كتبت لهم مرة أن الجندي الفارّ عنوانه: وادي القور، وهي منطقة تقع بعد الذيد، غير محددة الملامح آنذاك، والقور كبير، فيقول لي مسؤولي الباكستاني، ثم من أين نذهب إليه ومن أين نأتي به؟. بعد تخرجي عملت في الصحافة وكان لي عمود في جريدة “الاتحاد” عنوانه: “في الساحة” وعمود آخر عنوانه: “قصاصات” ثم مونولوجست بالمسرح وفي إذاعة الشارقة القديمة وصنعت برنامجا بالعنوان نفسه، أي “قصاصات”، ثم راكمت بعضا من الخبرة وعبر القراءة أيضا وذلك أضاف لي، وبالفعل كانت معاناة، إنما لست وحدي مَنْ عانى في تلك الفترة بل جيل بأكمله: عبدالرحيم سالم وعبدالقادر الريس وعبدالرحمن زينة والعبيد سرور.. وسائر الفنانين الرواد، وكنّا ننقل لوحاتنا بأنفسنا من مكان إلى آخر، أما ممثلا فقد كان أجري عن تدريبات استمرت لأربعة أشهر هو مئة وخمسين درهما. الآن، أظن أنه لا يوجد ممثل ينال أجره أقل من عشرين ألفا عن تدريبات تستمر مدة أسبوعين، فضلا عن هذا العدد الكبير من المنتجين وشركات الإنتاج. في تلك الفترة من البدايات، أسسنا مسرح الشارقة الوطني، مجموعة من الزملاء وأنا، وكان دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة دعما سخيا، بدءا من المقر، بالإضافة إلى تعيين مجموعة من الموظفين الدائمين، وأقليات وسوى ذلك الكثير، ثم إلى جوار هذه الفرقة بدأت “أيام الشارقة المسرحية” ثم مهرجان الشباب والملتقى العربي للمسرح وأمور أخرى كثيرة ذات طابع مؤسسي، وكان هذا المسرح محطة ترانزيت لكل المبدعين العرب الذين مرّوا بالإمارات مثل صقر الرشود ومنصف السويسي وفؤاد الشطي وجواد الأسدي وسواهم. أيضا لم نكن غائبين عن المشهد الثقافي إجمالا، فاستضفنا الشاعر العراقي الجواهري وراشد الخضر وندوة عن الصحافة مع عودة “الخليج” إلى الصدور مطلع الثمانينات، هذه مجموعة من الأنشطة التي كان يقوم بها المسرح، فقد كان هناك جدل وسجال ثقافي ما عاد موجودا الآن. وهذا مؤسف. جيل التأسيس ? يجول في خاطري سؤال أودّ طرحه بلا مواربة. ما حاجة المبدع إلى أن يعمل في مجالين معا؛ ما حاجته إلى قاربين يبحر بهما في هذا المحيط المتلاطم من الإبداع والمعرفة، وأعني لماذا لم تفصل فتعمل فنانا تشكيليا فحسب أو ممثلا مسرحيا فحسب؟ ? إن الجامع بين المسرح والتشكيل بالنسبة لي هو صورة واحدة، التشكيل صورة حقيقية جامدة في إطار أنتَ تحركها من داخلك، أما المسرح فهو صورة حقيقية أخرى، لكن الشخوص فيها تتحرك وتتكلم داخل الإطار ذاته. إنها الصورة ذاتها، لكني بصراحة، عندما عملت في هذين الحقلين لم يكن يخطر في بالي أن أكون مسرحيا أو فنانا تشكيليا، لكنني قدمت أكثر من تجربة ناجحة في السياقين والحمد لله. ثم لا تنس أن جيلي هو جيل التأسيس الذي دخل إلى حقول من الإبداع دون خبرات سابقة متراكمة لحركة تشكيلية أو مسرحية بالمعنى الحقيقي للكلمة. كان ذلك بالنسبة لي ولغيري من أبناء جيلي هو مسؤولية أخلاقية تجاه أجيال مقبلة من الفنانين، بحيث نترك لهم تجربة عليهم تجاوزها والمراكمة عليها. أذكر أنني في تلك الفترة التأسيسية كنت مرتبطا مع مسرح الشارقة الوطني، ففضلت الاستمرار في العمل على أن أذهب إلى الكويت لتقديم اختبار القدرات التي تؤهلني لدخول المعهد العالي للمسرح بالكويت، فاتجهت نحو دراسة التشكيل بحكم علاقتي بصديقي حمد السويدي فضلا عن بعض التأسيس الذي اكتسبته من التعليم وشقاوة الطفولة. وأصدقك القول أنني لست في التشكيل ولا في المسرح الآن، بل ما زلت أبحث عن حلقة تصل إحداهما بالأخرى، ما يعني أن الصورة ضبابية الآن، فلا هذا واضح تماما ولا ذاك. لكن هناك منجز إبداعي ما وآخر قيد الإنجاز، إنما كيف سيتم الحكم عليه فيما بعد، فهذا ما لا أدري به. ? لأقل أنه تبعا لما رأيت مما أنجزته مؤخرا في مرسمك الخاص أن هناك خبرات متراكمة في سياق الفن التشكيلي، ما يعني أن ما رأيته هو منجز لفنان محترف، أقلها على مستوى التأسيس البنائي للوحة، حتى لو كان تأسيسا بالمعنى الأكاديمي، وكذلك التناغم بين الكتل اللونية على السطح التصويري والرؤية التعبيرية للعمل، وذلك من حيث أن هذه العناصر هي أقل شروط الاحتراف. ? دعني أقاطعك لأقول شيئا، لا تنس أنني عوضا عما رأيت بصريا في الحقل التشكيلي، فالأمر ينطبق أيضا على الحقل المسرحي، بل إن ذاكرتي البصرية تكاد تكون مشبعة. ولم أغادر النحت مؤخرا إلا بسبب بعض الضعف في إحدى عيني الذي عالجته مؤخرا، لذلك عدت إلى الرسم لأنه لم يعد بوسعي الإمساك بالإزميل والنحت كما في السابق. وأرسم بتلقائية وبسذاجة الأطفال، إنما بالمعنى الفني للكلمة، وأعيش وحدتي في محترفي الخاص وأسعى إلى أن أكون صادقا في هذه التلقائية والعفوية، في الرسم تحديدا. ? فقط الرسم؟ ? الرسم والبعض من الأعمال التركيبية وغالبا ما تكون متعلقة بعملي الأكاديمي التدريسي في الجامعة، وهي من باب التمارين، لفائدة الطلبة، بحيث تتكون لديه عتبة للاحتراف في الفن التشكيلي وهو أمر أركز عليه كثيرا في العملية التدريسية، لكن لا أطلب منهم أن يفعلوا مثلما أفعل أنا مع لوحتي في مرسمي، بل أدعو كل واحد منهم إلى اكتشاف ذاته، ومن داخله وأن يتخيل بعقله لا بقلبه. نخبوية المسرح ? لاحظت في كلامك قبل بدء التسجيل نبرة إحباط في قولك أو يأس ما، فقلت: كنت آمل يوما أن يكون للمسرح والتشكيل دور ما في تغيير الواقع. ? حقيقة، إن المسرح في الإمارات لم يغير شيئا في المجتمع، فما زال نخبويا، لكن هناك جهود يقودها الفنان أحمد الجسمي لتحويل اتجاه عجلة المسرح نحو الشارع، وهذا هو المطلوب، وكانت البداية مع مسلسل “غريب، عجيب” وبدأ المسرحيون يلتمون حوله، وذلك فضلا عن بعض التجارب الأخرى الناجحة في هذا السياق، إنما ما زال المسرح يعتمد على التجريب والتغريب وسوى ذلك من أنواع المسرح الذي يغلب عليه التنظير، لذلك ينبغي على المسرح في الإمارات أن يقترب من الناس. ? هل الخلل في المسرح نفسه أم يتحمل التطور الاجتماعي الذي تعرض له مجتمع الإمارات خلال الثلاثين سنة الماضية جزءا من المسؤولية؟ ? لقد بدأ المسرح في الإمارات جماهيريا، لكن بعد مجيء العديد من الأساتذة المخرجين العرب من الذين توفاهم الله ومن الذين أمدّ الله في أعمارهم، فأغرقوا في التنظير لاتجاهات مسرحية بعينها، ثم تلى ذلك مجيء المهرجانات والسعي للحصول على الجائزة والإبداع على الخشبة على حساب النص، ما جعل المسرح، في آخر الأمر، يقتصر على عدد من المبدعين والمثقفين الذين تجدهم في هذا المسرح وفي تلك الأمسية الشعرية وفي افتتاح ذلك المعرض التشكيلي وسوى ذلك، ما خلق فجوة بين المسرح والناس. لكن الآن هناك “خط رجعة” أرى أنه جيد، إنما حتى هذه اللحظة ليس لدينا نجوم مسرحيين كأن تقول عادل إمام أو عبد الحسين رضا، وهذا ليس تجنيا على أحد. ربما يكون جابر نغموش لكن التلفزيون يشغله بين لحظة وأخرى، وأتوقع لأحمد الجسمي والذين معه أن يدفعوا باتجاه هذه الأجواء. والمقصود من ذلك هو أننا نريد المسرح للعائلة وللناس، فيناقش همومهم ومشاكلهم بشكل راق وليس عن طريق الإسفاف، أي أننا نحتاج إلى مسرح جاد يعيد الشارع إلى المسرح مثلما بدأ. كذلك التشكيل، يمرّ بالأزمة ذاتها فهناك فجوة، ففي افتتاح لمعرض تشكيلي لا تجد سوى بضعة فنانين وثلاثة أو أربعة مصورين، لأن التشكيل بدوره أغرق كثيرا في مسألة التجريب. وأصدقك القول أننا بحاجة إلى عشرة من أمثال عبدالقادر الريس وكذلك من أمثال الدكتورة نجاة مكي، القادرة أعمالهم بسبب سويتها الفنية الرفيعة وعمقها وبساطتها معا، ولا أشمل نفسي مع هؤلاء لأنني لست رساما بالأساس بل نحات، والناس تتحفظ على النحت هنا لأسباب لا أود الخوض بها هنا. أيضا من المطلوب تفعيل دور الجامعات في توعية الأجيال المقبلة بمعنى العمل الفني وضرورته الحضارية والإنسانية والتاريخية. وكفانا إما إغراقا في الحداثة أو تبسيطا يبلغ حد رسم قارب تحته موج في لوحة غير مكتملة لنسميها لوحة وتروّج لها الصحافة على أنها كذلك، نريد إمساك العصا من المنتصف فلا نلغي الحداثة بمنجزاتها الفنية ولا نقدم أعمالا غير مكتملة الشروط. أضف إلى ذلك أن المشكلة التي تتعلق بالمسرح في صدد الجوائز تتكرر أيضا في الحقل التشكيلي. لكن ألاحظ أن هذا الارتفاع في عدد الغاليريات قد يروّج للوحة، وبالفعل حدث ذلك بالمعنى الإيجابي وهناك أسماء لها دور فاعل الآن. لكن المشكلة إجمالا ما تزال قائمة. علينا أن نطرح عددا من الأسئلة على أنفسنا: فإلى من نتوجه بهذا الفن ولماذا وما أبعاد ذلك، رغم أن هناك أجوبة لا نهائية على مثل هذه الأسئلة. فإنني لست سلبيا عندما أقول ذلك بل على العكس تماما، إذ نريد لأي معرض أن يزوره جمهور عادي، بحيث تحثه هذه التجربة على ممارسة تجربة جمالية أخرى في معرض آخر، ثم ينبغي إعادة تأسيس فكرة المسرح والتشكيل بقدر من الابتعاد عن ما هو رسمي، حيث تأتي شريحة من الجمهور التي لها مآرب أخرى غير فنية أو جمالية. ذلك لأن الساحة قد خلت من المخضرمين، فما من تفاعل بينهم وبين جيل الشباب الذين يخوضون الورش فيما بينهم، وعملهم محصور في دائرتهم الخاصة. لقد أُبعدنا ببساطة. أنا والمحيط ? إنما ألَمْ يكن للتطور التقني دورا في الإسهام باغتراب الفن والأعمال الفنية على الصعيدين التشكيلي والمسرحي. ? بالطبع، فأنت ترى فنانا في بداية السلم، فإذا به فجأة في الأعلى من درجاته، وهذا ليس سوى فقاعة سرعان ما تنفجر، ربما ينتج البعض من بين هؤلاء فنا يستخدم فيها تقنيتا متطورة، لكنه يبقى بلا تأثير وهذه مشكلة. وأيضا فيما يتعلق بالفن، حيث فجأة تجد تاجر سجّاد وقد أصبح مخرجا سينمائيا، وهو لم يتأسس في المسرح ولم “يتمرمط” في التدريبات المسرحية ولم يستمع لملاحظات مخرج. ? قلت أنك ترسم بتلقائية الآن لكني لمست “السذاجة” والتي تشكل عودة ما إلى الطفولة، هل هي نتاج عدم رضا عن كل ما يدور حولك وترفضه أم محاولة للتصالح مع الذات أم ماذا؟ ? بمنتهى الصراحة، هي رغبة في هجر العالم الخارجي كله، وهذا حق طبيعي لي، وأعترف أنني غير قادر على التصالح مع المحيط، لأسباب كثيرة منها أنني لا أجد أولئك الذين يفهمونني وأشعر بأنني مسؤول عنهم أيضا، وهذا ليس غرورا أو تكبّرا، لكنه جعلني أنقطع عن الناس جميعا باستثناءات نادرة، وتحديدا جمعية التشكيليين، والآن أفكر حقيقة في هجر المسرح كليا، لأنني بت أشعر أنني لست موجودا في المسرح الآن، لذلك أرغب في الابتعاد عن الأجواء ككل. وأن أتجه إلى الداخل. ماذا بعد... ? ربما يحمل هذا الهجر للمحيط نوعا من المنجز الفني بحكم أن هناك قدر من التفرغ لإنجازه، لكن ألا يمكن أن يكون هذا الموقف سلبيا تجاه المحيط الطبيعي الذي نشأت به مسرحيا وتشكيليا؟ ? سأقول لك شيئا، بعد أن نلت جائزة الدولة، كنا صديق دربي عبد الله المناعي وأنا عائدين من أبو ظبي، تساءلنا: ماذا بعد، هل بقي شيء ما ولم نقم بفعله؟ لقد أصبحت بلا طموح تجاه شيء ما أقدمه للآخرين، بسبب أنه ما من تفاعل جادّ بيني وبينهم وأشعر بإهمال حتى من أصدقائي المقربين، وكنت قد أعطيت لهم جلّ وقتي وحياتي، ولم يحدث هذا إلا في السنوات الأخيرة بعد أكثر من ثلاثين سنة من العمل في النشاط الاجتماعي والثقافي. هل يمكن للعزلة في مثل هذا الوضع أن تكون خلّاقة للمبدع؟ ببساطة، أنا في بيتي ومنشغل بهواجسي الفنية، حتى أنه لا يهمني كثيرا كيف سيراها الآخرون. إنني أستأنف حياتي بشكل أو بآخر، بل أستمتع في مرسمي وأسرّي عن نفسي، فقط، لا وجود لطموحات خارج أسوار هذا البيت، الذي بتّ أهتم بشؤونه أكثر وأتابع أفراده ومشاكلهم الخاصة. ? بتجرد عن ما قلته تجاه الوسط الفني وإشكالياته، أليست أعمالك الأخيرة تبين عن ما هو محلوم به أو عن ما هو مسكوت عنه في تجربتك بعودة ما إلى الطفولة؟ ? ربما تكون هذه الأعمال نوعا من الصراخ الصامت داخل نفسي، فلا تحتم الضرورة الفنية عليّ أن أقول ما أشعر به عبر الصراخ، وهذا ما حدث لعبدالله المناعي أيضا، فما حدث له هو صراخ صامت أيضا، أعني أنني لست مضطرا للصراخ لأقول ما لدي لكن هذا الذهاب باتجاه الطفولة أشعر أنه في جوهره هو صراخ صامت. ? إذن هناك عودة إلى طفولة ما؟ ? بالطبع، فما زال هناك طفل في داخل محمد يوسف ويحنّ إلى اللعب مع الأطفال، وربما يكون سبب هذا هو الاسترخاء الذي تحقق لي بعد أن فقدت الطموح بفعل شيء ما على الصعيد الاجتماعي. ? لماذا؟ ? لأنني بدأت بالبحث عن نفسي ولا أريد أن أكون أي فنان آخر، ولا أريد أن أقلد أحدا، وهذه هي متعتي الآن. ? إذن مزاج البحث الفني الآن لديك في مشروعك الجديد هو الطفولة؟ ? طبعا، إنها مجهولة بالنسبة لي، إنها غنية بالشفافية والخيال غير المتوقع الذي هو أرقى من مخيلاتنا نحن الكبار، باختصار، يكفي ما فيها من صدق، كما لو أنك تعيش في يوتوبيا أخرى. جرّب أن تسأل طفلا عن أحلامه، ستجد أنها تفوق العجائب ببساطتها، ثم لا تنس أنني كبرت، ومررت بمراحل العمر كلها، وأشعر أنني أعود إلى المرحلة الأخيرة التي تشبه الطفولة بمعنى أو بآخر. ? إذن ماذا بعد؟ وقد قلت هذا الكلام الأخير. ? لا شيء سوى رغبة صغيرة بأن يفهمني الناس أكثر وأن يعيدوا البحث في أمورهم وأن يكتشفوا ذواتهم. ماذا بعد أيضا، فهذا بالنسبة لي أمر لا يحدده سواي، إذ أن البحث في مشروعي الأخير ما يزال جاريا، تحديدا وأنني حققت ما أود تحقيقه، ولم يعد لدي ما أريده وأعيش في مملكتي وعزلتي وليبحث الآخرون عن أنفسهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©