الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سمعة أوروبا تنهار ومنطقة اليورو تنتظر المجهول

سمعة أوروبا تنهار ومنطقة اليورو تنتظر المجهول
18 يونيو 2012
لندن (رويترز) - سواء نجا اليورو أو انهار، فقد تقوض الطريقة العشوائية التي تتعامل بها أوروبا مع الأزمة النفوذ السياسي للمنطقة لسنوات وتكسبها نقطة ضعف خطيرة في عالم سريع التغير. وعن طريق سلسلة تبدو بلا نهاية من اجتماعات القمة والمكالمات الهاتفية في اللحظات الأخيرة أبقى زعماء أوروبا ووزراء ماليتها على تكتل العملة قائماً في مواجهة توترات متزايدة بين الدول وتداعيات سياسية متفاقمة وقلق في السوق. لكن البعض خارج الاتحاد يقول إن كل إجراء يأتي ضعيفا للغاية ومتأخرا جدا. ويشكو المسؤولون الأميركيون على وجه الخصوص من أن الزعماء الأوروبيين إما فشلوا في فهم حجم المشكلة أو أنهم غير مستعدين لقبول القرارات السياسية الصعبة الضرورية لإصلاح الأوضاع. ويقولون إنه نتيجة لذلك، فإن ما كان من المفترض أن يكون أحد أكثر أنحاء العالم استقرارا أصبح أكثرها اضطرابا. ومن ناحية، تكاد تكون منطقة اليورو في طريقها لمزيد من الوحدة السياسية والمالية لتصبح أشبه بدولة واحدة كبيرة في اتحاد تام تقريبا. لكنها على الجانب الآخر، قد تنهار وتتفكك مخلفة دولا متنافسة غير مستقرة. وقالت فيونا هيل المسؤولة السابقة في مجلس الاستخبارات القومي الأميركي والمديرة الحالية لبرنامج أوروبا في معهد بروكينجز في واشنطن “في كل حوار لي تقريبا خلال العام الماضي - مع الصينيين أو الهنود ومع الجميع تقريبا - كنت دائما أتلقى الرسالة نفسها.. لم يعد بالإمكان الوثوق في أوروبا. يبدو أنها تتحول من مصدر للاستقرار إلى مصدر لعدم الاستقرار”. وقالت إن كل الثوابت القديمة أصبحت موضع شك. حتى بريطانيا التي ليست عضوا في منطقة اليورو بدا فجأة أنها تواجه خطر التفكك حيث من المقرر أن تجري اسكتلندا استفتاء على الاستقلال يقول خبراء إنه لا يمكن التنبؤ بنتيجته. أزمة الديون والبنوك في منطقة اليورو التي تُعالج ببطء آخذة في التفاقم. وقد قرر الزعماء السياسيون لمنطقة اليورو الأسبوع الماضي إنقاذ البنوك الإسبانية. وجرت انتخابات برلمانية في اليونان أمس، يخشى كثير من المحللين أن تسفر عن انسحابها من منطقة اليورو. ويقول البعض، إن من المبكر جدا شطب أوروبا - أو مؤسسات الاتحاد الأوروبي - كلية. وتحت قيادة كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يرجع البعض الفضل لأوروبا في تحقيق تقدم حقيقي في المحادثات مع إيران والقوى الأخرى بشأن مستقبل برنامج طهران النووي المثير للخلاف. لكن قدرتهم على أي شيء يتجاوز مشاكلهم المباشرة تعتبر محدودة إلى حد كبير. وقال ايان بريمر رئيس مجموعة يوراشيا الاستشارية “الأوروبيون مستغرقون تماما في معركة انقاذ منطقة اليورو. إنها أزمة عميقة ومستمرة وأكبر من أي شيء مروا به في عقود.. إنها بيئة ليس من الممكن فيها أن نتوقع أن يكون للزعماء الأوروبيين أولوية أخرى”. القوى الناشئة وقد يؤدي ذلك لتهميش القارة بشكل متزايد مع بزوغ نجم القوى الناشئة - ليس فقط دول بريك التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، لكن دولا أخرى أيضا مثل تركيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا. وفي نهاية المطاف قد يقوض ذلك قدرة زعماء القارة على إقناع بقية العالم بأن يأخذونهم على محمل الجد في مجموعة من الموضوعات من التجارة إلى أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال نيكولاس جفوسديف أستاذ دراسات الأمن القومي في كلية الحرب البحرية الأميركية “ربما لن تتوقف أوروبا عن وعظ باقي العالم. لكن الآخرين لن تكون لديهم الرغبة في الاستماع على الأرجح”. في قمة كوبنهاجن بشأن المناخ في 2009 شعرت أوروبا بمهانة الاستبعاد خارج القاعة عند إبرام الاتفاق النهائي بين الولايات المتحدة والقوى الناشئة. وفي أعقاب أزمة منطقة اليورو، فقد يكون هذا مكان يتعين على الزعماء الأوروبيين الاعتياد عليه. لكن بالنسبة لبقية العالم ليست القارة نفسها فحسب هي التي يخبو بريقها سريعا. فلم يعد النموذج السياسي الأوروبي برمته - نظام الرعاية الاجتماعية السخي والديمقراطية في اتخاذ القرار والتكامل الإقليمي الوثيق وفكرة اتحاد العملة كعنصر استقرار - جذابا للمناطق الأخرى التي لاتزال تنمو. مفترق طرق وقال براهما شيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز البحوث السياسية بنيودلهي “أوروبا عند مفترق طرق ومستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه على المحك. لو انهار اليورو فستكون نهاية التجربة الأوروبية في تحقيق تكامل سياسي ومالي قوي. لكن سيكون لذلك أيضا تداعيات دولية أوسع”. لكن لا يوجد اتفاق عام على ماهية تلك التداعيات. ويقول شيلاني إن انهيار اليورو ربما يسهم في ضمان تفوق الدولار - وربما الولايات المتحدة نفسها - لسنوات. لكن آخرين يعتقدون أن انهيار أوروبا سيكون مؤشرا على ما سيحدث للولايات المتحدة أيضا. ويقول بهارات كارناد زميل شيلاني في مركز البحوث السياسية، إنه أيا كان ما سيحدث، فإن قوى مثل الصين في صعود وسيواجه الغرب تحديات متزايدة بغض النظر عن مصير اليورو. وقال “سلامة اليورو أو الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن سيكون لها تأثير ضعيف على الذهب وميزان القوة الذي يميل على أي حال باتجاه آسيا خاصة الصين”. وتأخذ واشنطن احتمال انهيار أوروبا على محمل الجد. فعلى المدى القصير، من الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قلقة بشأن تداعيات ذلك على الانتخابات في حالة انتقال الأزمة الأوروبية عبر الأطلسي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل. لكن على المدى البعيد سواء نجا اليورو أو لا، فإن المخططين الأميركيين بدأوا يستوعبون حقيقة أن من المرجح أن تصبح القارة أفقر وأكثر تركيزا على الداخل مما كانت واشنطن تأمل. وتدفع واشنطن منذ فترة طويلة القوى الأوروبية على الاهتمام بدرجة أكبر بمحيطها المباشر. وبينما أخذت بريطانيا وفرنسا المبادرة السياسية في ليبيا العام الماضي، شكا روبرت جيتس وزير الدفاع الأميركي من أن القوات الأوروبية في حلف شمال الأطلسي تعتمد كلية في واقع الأمر على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالذخيرة واللوجستيات وأشكال الدعم الأخرى. لكن تغير التفكير الأوروبي والإنفاق الدفاعي الإضافي الذي طالبت به واشنطن يبدو الآن مستحيلا في ظل التقشف الحالي. وقال جفوسديف من كلية الحرب البحرية الأميركية “أشك في أن يهتم أي وزير دفاع أميركي في المستقبل بمثل هذا الطلب. “كنا نأمل أن تأخذ أوروبا المبادرة في بعض أنحاء شمال أفريقيا، إضافة إلى البلقان وشرق أوروبا. يبدو هذا مستبعدا الآن”. وأضاف أن المخططين الأميركيين بدأوا ينتبهون أيضا لحقيقة أن الدول الأوروبية لم يعد من المتوقع أن تضاهي تعهدات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والمالية لمناطق الحروب والصراع. ثم ان هناك مخاوف استراتيجية طويلة الأمد. وقال إن “التمركز” العسكري لواشنطن تجاه آسيا كان يستند جزئيا إلى افتراض أن أوروبا ستظل مستقرة وغنية، وإنه لا يوجد ما يقلق الولايات المتحدة بشأن حلف شمال الأطلسي. وقد يجعل ضعف أوروبا المخططين الأميركيين أقل ثقة في ذلك خاصة لو عززت الصين نفوذها. التنين الصيني وعززت الصين استثماراتها في أوروبا في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك في مشروعات موانئ في اليونان وإيطاليا. ويرى بعض المحللين السياسيين أن نقاط الضعف والأسباب وراء أزمة منطقة اليورو أوسع نطاقا بكثير، ويمكن ملاحظتها في معظم الاقتصادات الغربية بما في ذلك الاقتصاد الأميركي نفسه. وقال جين ليكون رئيس مجلس الرقابة على مؤسسة الاستثمار الصينية، وهي صندوق الثروة السيادية في البلاد في مقال نشرته صحيفة الشعب الصينية يوم 21 مايو “ما يلزمهم التخلص منه لإنقاذ السفينة يشمل بالأساس مركز الثقل نفسه الذي كان يوفر الاستقرار للمجتمع بعد الحرب”. ويقول خبراء، إن من المرجح دائما انحسار النفوذ الدولي لأوروبا بعض الشيء مع استهلاك سكانها الذين ترتفع بينهم نسبة المسنين لمزيد من الموارد في حين تحقق الاقتصادات الناشئة بالتأكيد معدلات نمو أكبر. لكن هل يدرك قادة القارة ذلك؟ هذا شأن آخر. وقال جاك جولدستون أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج ميسون قرب واشنطن العاصمة “مصدر النفوذ الرئيسي لأوروبا يفترض أن يكون نجاح نموذجها السياسي والاقتصادي في توفير مستويات معيشة مرتفعة وحريات ديمقراطية. “لو قوضت الأزمة الحالية هذين أيضا فستبدو أوروبا مثل نظام ضعيف سيئ الإدارة من الدول العجائز الراكدة اقتصاديا. فقدان النفوذ ينتظرها”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©