الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمم باكستان خالية من المتسلقين

5 يوليو 2014 01:02
تيم كرايج وفيري ميدوز باكستان قبل أكثر من خمسة عقود، أطلق عليه السكان المحليون لقب «الجبل القاتل»، في تذكير بأخطار محاولة تسلق جبل «نانجا باربات» الخلاب الذي تكسو قمته الثلوج، فقد مات أكثر من 100 متسلق وحمّال خلال محاولة الصعود الشاقة والخطرة لتاسع أعلى جبل في العالم -وهي حقيقة كانت تروِّج لها باكستان ذات يوم في محاولة لاجتذاب الباحثين عن الإثارة. ولكن اليوم يسعى السكان المحليون جاهدين إلى إزالة كلمة «قاتل» عن جبل أضحى رمزاً للتهديد الذي تمثله «طالبان باكستان». فقبل نحو عام من الآن، عمد حوالي عشرة من مقاتلي «طالبان باكستان» مدججين بالسلاح إلى قتل 10 متسلقين أجانب، من بينهم مواطن أميركي، في سفح الجبل. وكان ذلك واحداً من أسوأ أعمال العنف التي تضرب ممارسي تسلق الجبال في العالم. والواقع أن الإرهاب ليس غير مألوف في باكستان، فقد مات 3 آلاف على الأقل خلال العام الماضي وحده في البلاد في أعمال عنف نسبت إلى متطرفين إسلاميين. ولكن الهجوم الذي وقع في جبل «نانجا باربات» مثّل ضربة قوية أفزعت السكان المحليين الذين كانوا ينظرون إلى الجبال الشمالية الشامخة باعتبارها مصدر فخر وطني. وفي هذا السياق، يقول نذير صابر، الذي أصبح في عام 2000 هو أول باكستاني يتسلق جبل إيفريست في النيبال: «كمواطن باكستاني، أنظر إلى ما جرى باعتباره المقابل الباكستاني لهجوم الحادي عشر من سبتمبر في أميركا». ويضيف نذير، الذي يدير حالياً شركة سياحية في إسلام آباد، قائلاً: «لم يكن يخطر ببالنا أبداً، أقول أبداً، أن ذلك يمكن أن يحدث». وقد حطم ذلك الهجوم أيضاً ما تبقى من قطاع السياحة الدولية في باكستان، ما أوجد صعوبات جديدة في جزء من البلاد معروف بالتسامح وحسن الضيافة. وقد كان فقدان المتسلقين الأجانب مؤلماً إلى درجة أن رئيس الوزراء نواز شريف أشار إليه باعتباره أحد الأسباب التي دفعته لإصدار الأمر بشن هجوم عسكري على «طالبان باكستان» في شمال إقليم وزيرستان الشهر الماضي. وتحتضن باكستان خمساً من القمم الأربعة عشرة الأعلى في العالم، ومن ذلك جبل «كي2»، الذي يعد ثاني أعلى جبل في العالم، في حين يعتبر «نانجا باربات»، الذي يبلغ علوه 8126 متراً، ثاني أعلى جبل في باكستان. وبعد الهجوم، هوى عدد المتسلقين الأجانب وتراجع إقبالهم على المجيء إلى باكستان بشكل كبير جداً. ويقول ستيف سوينسن، وهو رئيس سابق للنادي الأميركي لتسلق الجبال، والذي سبق له أن قام بـ11 رحلة تسلق في باكستان خلال الثلاثة عقود الماضية: «قد يتطلب الأمر سنوات مديدة قبل أن يفكروا في العودة إلى بلد مثل باكستان»، مضيفاً «لقد تحدثتُ مع الكثير من الناس، ومنهم أشخاص مطلعون على الأمور، حول الذهاب إلى هناك من جديد، فكان ردهم الفوري هو: هل المكان آمن؟ وبعد ذلك، يأتي غالباً رد بات شبه مألوف: هل جُننت؟». ووفق مسؤولين وسكان محليين، فإن المهاجمين من «طالبان باكستان» ساروا عبر البرية مدة ثلاثة أيام حتى وصلوا إلى مخيم المتسلقين في وقت متأخر من يوم 22 يونيو 2013. وصاح المقاتلون وهم يقتحمون المخيم حيث كان المتسلقون والحمّالون نياماً: «طالبان! القاعدة! استسلموا!». ثم راح المهاجمون يبحثون عن أجانب، حيث مزقوا أكثر من 40 خيمة بواسطة السكاكين. وسحبوا الناس من خيامهم -ليتواني، وثلاثة أوكرانيين، وسلوفاكيين، وصينيين، وأميركي، ونيبالي- وقيدوا أياديهم خلف ظهورهم، وجعلوهم يجثون على ركبهم في صف تحت ضوء القمر. «وبعد ذلك سمعنا فجأة صوت طلقة نارية»، يقول متسلق باكستاني كان مقيداً من قبل المهاجمين في الجوار. وقد وافق على التحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه لأنه ما زال يخشى على سلامته. «ثم سمعنا طلقات»، مثل الصوت الذي قد تحدثه أسلحة أوتوماتيكية، كما يقول، «وبعد ذلك، جاء زعيم من المجموعة وأطلق النار على كل الجثث الميتة واحدة تلو الأخرى من جديد». وبعد ذلك، صاح أحد المهاجمين: «هذا هو اليوم الذي نثأر فيه»، كما يحكي المتسلق الباكستاني. وقبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، كان مئات الآلاف من السياح يسافرون كل عام إلى منطقة «جيلجيت بالتستان» الباكستانية حيث تلتقي سلاسل جبال الهيمالايا وكاراكورام وهيندو كوش. وقد كان في شمال باكستان 20 ألف سائح في اليوم الذي وقعت فيه هجمات نيويورك وواشنطن، ولكن بعد ذلك لم يستطع البلد اجتذاب سوى نصف هذا العدد في سنة كاملة، كما يقول طيب نيسار مير، وهو مدير بالشركة الباكستانية للتنمية السياحية. وكان الأشخاص الذين يأتون إلى المنطقة جميعهم تقريباً من متسلقي الجبال والجوالين المصممين على اكتشاف بعض من أجمل المناظر الطبيعية في العالم. وفي السابق كانت ثمة عادة نحو 150 رحلة تسلق في العام خلال الثمانينيات والتسعينيات، ونحو 75 سنوياً بعد الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن حوالي 30 فقط من المحتمل أن تنظم هذا العام، كما يقول مسؤولون. وهذا الصيف، لا يتوقع أن يكون ثمة متسلقون في «نانجا باربات» بشكل خاص. ويقول «مير» إن عدد المتسلقين والمستكشفين الجوالين انخفض بشكل دراماتيكي أكثر. وقال: «لقد كان حادث نانجا باربات بمثابة المسمار الأخير في نعش السياحة في باكستان»، مضيفاً أن خسارة السياحة تكلف البلاد 100 مليون دولار سنوياً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©