التلقائية تصنع الفن

كانت بدايتها في عالم التصوير “عبثاً ضوئياً”، كما تحب أن تعبر، إذ كانت الفوتوغرافية السعودية هيا الحربي تلتقط بحاسة الفنانة كل ما يمر أمام ناظريها تاركة للمصادفة أن تعدها بالمزيد من اللقطات المعبرة. ساقتها المصادفات إلى رحلة لمدينة صلالة العُمانية ومن هناك بدأت تفكر جدياً بطرح المزيد من الأفكار المدروسة، تلك الأفكار التي بدأت تشغل مخيلتها الإبداعية وتلح عليها. اقتنت كاميرا “ديجتال “ أولى، ومن ثم كاميرا أخرى أكثر احترافية وتعلم مستمر في اكتشاف عالم التصوير وخفاياه. وفي تجربتها الفنية، نلمح ذلك البحث الدائم في الطبيعة من حولها وتشكلاتها وما يمكن أن يضيفه الفن كسمة أساسية في عالم الفوتوغراف، والبحث في ملامح الإنسان.. إنسان اليوم بكل صراعاته وتجلياته وعالمه.. وأثراً واضحاً لتشكلات البيئة وتوثيق شيء عن التراث كمعطى بات ملحاً ومهماً في اشتغالات الفنان. ولا تقف هيا الحربي عند هذه الحدود، بل تبتكر صورتها وتآلف بين عناصر عدة لتكون ما يدور في مخيلتها، فالعفوية التي تبدو لنا كذلك منذ أول وهلة هي عفوية بعين خبيرة وحساسه تجاه الكاميرا وما يمكن أن تلتقطه، ولعبة الضوء والمساحات الفارغة والظلال والزوايا هي ناحية أخرى يمكن أن تخلق من تلك العفوية صورة مبتكرة وجمالية بالدرجة الأولى، ولعل هذه سمة في الكثير من مجايلي هيا الحربي من الفوتوغرافيين ممن يشكلون مشهد التصوير الاحترافي، هيا الحربي ترى أن المشهد الفوتوغرافي مطمئناً ولكنها تقول إن العلة هي أن الكثيرين لا يفكرون في احتراف التصوير بل بقي لدينا مجرد هواة وهم كثر.. وترى أن احتراف التصوير من ناحية أخرى استثمار جيد، إذ لا مانع من التوفيق بين احتراف التصوير وبين عمل مربح، مع أن هيا الحربي لا تفكر بمثل هذا مستقبلاً، وتقول إن عالم الإنترنت الآن قد سهل التواصل مع مجموعة من الأفكار في التصوير وأتاح لها أن تطلع وتتواصل مع جديد التصوير وعالمه. وعن التجارب التي تعجبها، تقول إن تجارب قطر والإمارات من أهم التجارب لديها. قطر مثلاً توجد بها مسابقة سنوية متخصصة للتصوير الفوتوغرافي وكذلك الحال في الإمارات، وبلجنة تحكيم دولية تشعرك على حد تعبيرها أن هذا الجو انسيابي بين المتلقين والمصورين. وعن تجربتها مع نادي الهواة في المنطقة الشرقية، حيث تشارك مع مجموعة مهتمين يطمحون في التواصل فيما بينهم ومشاهدة تجارب بعضهم بعضاً، وعن جماعة التصوير الفوتوغرافي المنشأة حديثاً في الرياض السعودية تقول إنها تتأمل أكثر، وأن هذه الجماعة بادرة خير ولكنها بحاجة إلى جهد أكبر، فالمواهب القديرة موجودة ينقصنا البحث عنها.. هيا الحربي عضو في جمعية نساء فوتو، شاركت في معرض “عيون نسائية” وحازت إحدى صورها جائزة المركز الأول في مسابقة “أول كليك”.. إن مجموعه صور هيا الحربي تخلق الأسئلة حول موجوداتها، وتصنع مساحات جمالية لتأملنا الجديد فهي برؤيتها وحسها الفني استطاعت أن تحقق الكثير من عالم التصوير الفوتوغرافي، ومازالت، حسب تعبيرها، تطمح للمزيد..