«فيسبوك» تستهدف مستخدمي الهاتف المحمول

أبدى دنيال إيك رئيس تنفيذي شركة سبوتيفاي للخدمات الموسيقية بالغ تعجبه من حقيقة أنه من خمس سنوات فقط لم يكن هُناك لا منصة فيسبوك ولا آي فون. وقال على موقع تويتر: “هاتان المنصتان العملاقتان هما اللتان تتيحان معظم الابتكارات التي نشهدها اليوم”. غير أن إحدى هاتين العملاقتين تجد نفسها في وضع ضعيف. لدى فيسبوك شبكة شاسعة على الإنترنت بمئات الآلاف من التطبيقات والمواقع التي تعتمد على شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي في إضافة قوائم أصدقاء أو في تسهيل تبادل الرسائل. غير أنه في عالم المحمول هناك مطور تطبيقات آخر معتمد على منصات تمتلكها آبل وجوجل لتوزيعها. وتتزايد المنافسة بين هاتين الشركتين سواء للحصول على إيرادات الإعلانات أو لاجتذاب مطورين مثل شركة سبوتيفاي. وفيما طرحت فيسبوك أسهمها للاكتتاب الأولي الشهر الماضي تعتمد الشركة على مجموعة من الاستحواذات ومتجر تطبيقاتها الجديد للرد على تساؤلات المستثمرين عمّا إن كان في مقدورها تلبية متطلبات المستخدمين فيما يخص الأجهزة المحمولة، وبالتالي تحقيق مكاسب مادية منهم. عودة إلى عام 2004 حين كان مارك زوكربيرج وأصدقاؤه في جامعة هارفارد كانت فيسبوك عبارة عن تطبيق في كمبيوتر مكتبي وكانت تقنيات الهواتف المحمولة لا تزال في بدايتها. ولكن كون فيسبوك في مقدمة تكنولوجيا شبكات التواصل الاجتماعي اليوم، فإن تعاظم شعبية الهواتف الذكية يجبرها الآن على التأقلم. قال جيد ويليمز المحلل في “بي آي إيه / كيلسي”: “تعتبر فيسبوك رائدة وسباقة وثورية. ولكنها متخوفة من عدم تآلفها مع أجهزة المحمول”. يدخل نحو نصف مستخدمي فيسبوك البالغ عددهم 900 مليون مستخدم إلى الموقع من أجهزة محمولة ولا يزال عددهم في زيادة مطردة وسريعة غير أن الشركة ليست جاهزة تماماً لهم. وبعد أن أطلقت فيسبوك قسم إعلان المحمول في شهر فبراير الماضي، قالت مؤخراً إنها تعجز عن عرض إعلانات في تطبيقاتها بالكم الذي تقوم به على أجهزة الكمبيوتر الشخصية. ورغم أن فيسبوك تمكنت من اجتذاب مجموعة من المهندسين بالغي المهارة فإنها تعتبر ناقصة الكفاءة من حيث الدراية بتصاميم تطبيقات الأجهزة المحمولة. ورغم أن تطبيقها الخاص بآي فون يعتبر أكثر التطبيقات تحميلاً من قبل عملاء آبل، فإنه يواجه آلاف الشكاوى من المستخدمين الذين يقولون إن به الكثير من المشاكل الفنية. وقال كريس سيلفا المحلل في التيميتر جروب منتقداً تأخر وصول فيسبوك إلى سوق أجهزة الكمبيوتر اللوحية وتأخرها في تطبيق خصائص الأجهزة المحمولة: “إن رد فعل فيسبوك بطيء نسبياً”. صفقات الاستحواذ وقال محللون إن هناك طريقة يمكن لفيسبوك من خلالها اللحاق بالركب وهي الاستحواذ على شركات أخرى متخصصة في تكنولوجيا المحمول. أجرت فيسبوك بالفعل ثلاثة استحواذات خلال شهر أبريل الماضي أشهرها الاستحواذ على انستاجرام التي اشترتها فيسبوك مقابل مليار دولار ولكنها اشترت أيضاً تاجتايل التي تعد أداة محمول ترصد مدى ولاء العملاء وأيضاً جلانسي وهو تطبيق محمول يحدد أماكن الأصدقاء الموجودين قريباً من المستخدم. وهناك دعوى منافسة قضائية تهدد بتعطيل إتمام صفقة انستاجرام. ولكن رغم أن فيسبوك تطلق تطبيقات بسيطة على غرار نمط انستاجرام للصور والرسائل، ولكن الأعداد الكبرى الذين يستخدمون تطبيقها الرئيسي في امكانهم أيضاً تعزيز استراتيجيتها الخاصة بالمحمول وجعلها أقل اعتماداً على عائدات الإعلانات. في العام السابق بدأت فيسبوك للمرة الأولى في عرض أنشطة من تطبيقات طرف ثالث - مثل ممارسة لعبة أو تحميل صورة - متاحة على كل من شبكتها ومتجري تطبيقات محمول آبل وجوجل. بدأ حجم مرور البيانات من تطبيق محمول فيسبوك بالفعل في تحويل الطريقة التي يتم بها اكتشاف وتحميل تطبيقات المحمول من قبل مئات الآلاف من المستخدمين عبر متجري تطبيقات آبل وجوجل. كانت لعبة دياموند داش على مواقع التواصل الاجتماعي التي طورها المطور الألماني ووجا أحد المستفيدين الأوائل من ذلك. حين يحقق أحد الأصدقاء رقماً عالياً جديداً يظهر اخطار داياموند داش في تطبيق آي فون على فيسبوك. وبالكبس على هذا الاخطار ينقل المستخدم مباشرة إلى تطبيق اللعبة، لو أنها مركبة، أو إلى متجر تطبيقات آبل لتحميلها. في شهر مارس وحده شهد ووجا 18?5 مليون وصلة من هذا القبيل. كما حقق بضعة مطورين آخرين مثل روسك وهو تطبيق مقابلات وكينج دوت كوم وهي لعبة تواصل اجتماعي، رواجاً من فيسبوك على الأجهزة المحمولة. وقال مطورون إن الظهور على صفحة آبل في متجر التطبيقات لا يزال يدفع بحجم بيانات أكبر من فيسبوك، ولكن بلوغ ذلك الهدف الطموح يتوقف إلى حد كبير على مزاج موظفي آبل، وهذا يعطي فرصة لمركز تطبيقات فيسبوك الذي أعلن عنه مؤخراً. إن اعتماد فيسبوك على متجر التطبيقات سيتيح لكل من مطوري المحمول والشبكة أن يدفعوا للإعلان عن تطبيقاتهم وهو ما لا تفعله أبل، وكذلك يتيح بيانات عن حجم المعلومات أكثر مما تفعل آبل. إن اصدار فيسبوك لتطبيقات محمول بسيطة الاستخدام يمكن أن يكون أسهل لو أن فيسبوك طورت نظام تشغيل خاصاً بها لتنافس نظام آي أو إس “IOS” من أبل وأندرويد من جوجل. وقد ترددت شائعة “هاتف فيسبوك “Facebook Phone” لسنتين، غير أن اجراء من هذا القبيل سيكون منطوياً على المخاطرة في وقت يقلق فيه محللون من نشاط محمول فيسبوك الذي يعاني من الخسائر. في وسع الاشتراكات أن تحل مشكلة محمول فيسبوك المالية. ومثلما يشتري اللاعبون جرارات افتراضية لفارمفيل أو غيرها من الأدوات على موقع فيسبوك، قد يرغب بعض المطورين في استخدام عملة فيسبوك افتراضية على المحمول أيضاً. وفي الأسبوع الماضي شجعت فيسبوك المطورين في هذا الاتجاه قبل إطلاق مركز تطبيقاتها. غير أن لوائح متجر تطبيقات أبل تمنع المطورين من استخدام أي نظام سداد آخر غير نظامها آي تيونز. وربما تتخذ جوجل موقفاً عدائياً لو أن فيسبوك تحركت نحو الإطاحة بمنصة تسديد اشتراكاتها من تطبيقات أندرويد. لو أرادت فيسبوك أن تحقق أرباحاً من موضع نفوذها الجديد في عالم تطبيقات المحمول، سيكون عليها أولاً أن ترتقي إلى مستوى المنصات العملاقة المنافسة وإجبار مطورين من أمثال ايك على تحديد ولائهم. ربحية الشبكات في الوقت الذي تباطأت فيه فيسبوك في التجاوب مع انتقال مستخدميها إلى منصات المحمول من المتوقع أن تكون أكثر تباطؤاً في التوصل إلى طريقة تستطيع بها تحقيق أرباح منهم. أقرت فيسبوك في طرح اكتتابها الأولي بأن قاعدة مستخدميها تكبر أسرع من أن تقدم إعلانات لهم وخصوصاً على الأجهزة المحمولة التي تقول الشركة إنها تعرض عليها عدداً قليلاً من الإعلانات. وقالت الشركة العملاقة عدة مرات إنها سوف تهتم بتطوير أسلوب عال الجودة لاستخدام المحمول بالإضافة إلى عائدات المحمول. وقال محللون إن ما قالته فيسبوك يشير إلى أنه ليس لديها إجابة. حتى الآن جربت فيسبوك عرض مراكز تحت رعاية شركات في شريط أنباء محمول المستخدمين. وفي مقدور متجرها لتطبيقات المحمول تحصيل اشتراكات من مطورين. غير أن المستثمرين يريدون أن يروا خطة محددة أكثر وضوحاً. وقال جيد ويليمز المحلل في بي إيه - كيلسي: “إن استهداف المحمول يعتبر نشاطاً شديد الأهمية الآن لفيسبوك”. وأضاف أن فرق مبيعات وتسويق الشركة يدركون تماماً فائدة تسهيل وصول المعلنين إلى مستخدمي المحمول من عملائها البالغ عددهم قرابة 500 مليون مستخدم. وقال ويليمز: “إنهم يشهدون ذلك ويقولون إنها فرصة عظيمة لنا إن لم تدر مالاً فستكون خسارة فادحة لنا وخصوصاً في الأجل الطويل”. نقلاً عن «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي