الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر القديمة..لوحة تشهد بأصالة الحضارة الفرعونية وتؤكد أنها لا تزال قاطرة العالم نحو آيات الفن

مصر القديمة..لوحة تشهد بأصالة الحضارة الفرعونية وتؤكد أنها لا تزال قاطرة العالم نحو آيات الفن
20 يونيو 2015 00:43
أشرف جمعة (القاهرة) مصر تستعيد عافيتها وتمضي نحو المستقبل برؤى واعدة وخطط تستشرف الغد المأمول، فهيئة التنشيط السياحي في بلد التاريخ والحضارة تبذل الجهود كافة لتصل نسبة الحجز بفنادق مصر إلى «كامل العدد»، إذ استضافت الهيئة عدداً من الوفود السياحية التي أتت من بعض دول الخليج لمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة في مصر، ومن ثم التعرف على حركة النشاط السياحي في أرض المحروسة وبخاصة في أهرامات الجيزة وصفحة مياه نهر النيل العظيم ومنطقة خان الخليلي ومطعم ومقهى الروائي العالمي نجيب محفوظ ليتأكد الجميع أن مصر القديمة كانت ولا تزال قاطرة العالم نحو آيات الفن، واللافت أن الأجواء الرمضانية كانت تسيطر على الناس في الأحياء والمجالس والحياة بوجه عام. نايل ماكسيم بداية الرحلة كانت على مركب نيلي يطفو على سطح ماء نهر النيل العظيم رويداً رويداً يشق العباب وتنبعث منه أضواء تغزو ظلمة الليل الكثيف لتنشر على صفحة الماء أشعة الحياة وتبث في الروح جمال الليالي النهرية الساحرة، وعلى متن المركب كانت تصطف طاولات تنطق بالجمال وتضم عشاقه، فتهتز النفوس وتترنم بأبيات الشاعر المصري محمود حسن إسماعيل: يا نيل يا ساحر العيون سمعت في شطك الجميل ما قالت الريح للنخيل وفي أثناء حفلة الضوء والظلال كانت تتناثر أحاديث الوفود السياحية لتتوافق على رأي رجل واحد في أن جمال نهر النيل هبة المصريين كما يقول جمال حمدان، هو منبع أصيل في استقطاب محبي قاهرة المعز التي تحتضن مجراه البديع، وهو يسري في مفاصلها فيمنحها مزيداً من رهافة الإحساس ولون الحياة المضمخة بعبق الوجود، كانت الليلة المحملة بعطر النفحات الرمضانية التي تعانقت فيها فنون عدة تحمل طابعاً مميزاً، فالفنون الشعبية المصرية فرضت نفسها على أجواء المكان والزمان والمراكب الليلية تعبر صفحة النهر محملة بالأغاني الشعبية المصرية الأصيلة، والناس تطل بوجهها وتترنّم بالأغنيات رقصة التنورة فجأة يتقدم راقص يلتحف برداء مضيء يحمل ألواناً ممتزجة ما بين الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر ويدور بالتنورة ورأسه يضيء عبر تاجٍ وهو يبهر الجمهور برقصه المستمر دون كلل أو ملل، وهو ما يدل على توافقه العضلي والعصبي، وقيل إن هذه الرقصة بما تحمله من ثيمة شعبية مختلفة تماماً أصبحت مع مرور الأيام ومع تركيبتها المغايرة لغيرها في التراث الشعبي للدولة الأخرى مصرية خالصة، والرقص يتواصل مع إيقاع الطبلة، فتشكل حلقات مضيئة مبهرة. صور سلفي ثم يتبادل السياح التاج الذي كان يغطي رأس الراقص، ثم تتابع الصور السيلفي إلى أن يذهب مرة أخرى راقص التنورة إلى وسط الحضور ويؤدي رقصات مبهرة، حيث يلف التنورة بإصبع واحدة وهي تدور في انتظام عجيب، ليختتم رقصته النهائية بأغنية شهيرة للفنان نجاة الصغيرة ويقول مقطعها «أما براوة براوة» لكن أكثر ما كان يميز هذه الجلسة الحميمية على متن هذه السفينة المصرية التي تسمى «نايل ماكسيم»، أنّ الطاولات كانت متجاورة ويختلط فيها العرب بالمصريين بالأجانب وكذلك العائلات، فالسفينة هي في الأساس عبارة عن مطعم عائم يأخذ شكلاً مستطيلاً ويتناول جلساؤه الأطعمة من النادلين، التي تميزت بنكهتها «الحريفة» ، وهو ما جعل الحضور يستمتع بالطعام مع مشاهدة الفقرات الغنائية والشعبية التي تعددت ألوانها ما بين الطابع المصري والشرقي والغربي بإيقاعه الصاخب، لكنها جميعاً صادفت هوى السياح. تاريخ قديم بعد لحظات ساد فيها السكون قليلاً عُزفت موسيقى ذات طابع عذب من خلال الفرقة الموسيقية، التي اتخذت لها موقعاً مميزاً فوق السفينة، لتنطلق موسيقى أغنية «يا هوى» التي تمايل على أنغامها الجمهور بفئاته كافة لتختلط المشاعر وتتحد في آن على هذه اللحظة السعيدة التي جمعت ما بين نشوة الطرب والليل، والسير فوق مياه نهر النيل لكن المركب تباغتنا بعد وقفة قليلة في وسط النيل بتحركها فجأة فتوقظ الناس من لحظات السكينة والهدوء إلى محاولة النظر من نوافذ السفينة إلى الماء في الخارج لتراقب الموج، وهو تتدفق فكم كانت هي هذه الليلة عجيبة وغريبة، وكأنها توغل في تاريخ قديم وتلتقط مشاهد من الماضي. رقصة العصا على إيقاع موسيقي راقص وفي وسط المكان المخصص لأداء الفنون الشعبية باغت الجميع شاب يرتدي ملابس تنتمي إلى أهل صعيد مصر وهو يحمل في يديه عصا يحركها بمهارة عالية وبشيء من الخفة، وفي أثناء حركته المتتالية والتي تراقبها العيون بمحبة وشغف يمسك بطرف يده الأخرى عصا أخرى لتتعانق العصي في ضربات خافتة ومبهرة، وهو ما يوجه نظر الزوار والحاضرين إلى طبيعة هذه الرقصة التي تعبر عن جمال الفنون الشعبية الموجودة في صعيد مصر والتي تعبر عن القوة والشهامة والرجولة، واستخدام هذه العصا في المواقف التي تستدعي أن يكون الإنسان في نصرة الآخر، وهو ما درج عليه أهل الصعيد منذ سنوات طويلة. أهرامات الجيزة الأهرامات الثلاثة تقف شامخة منذ آلاف السنين شاهدة على أبهى صورة للآثار الفرعونية، وهي متجاورة بشكل هندسي يعبر عن أسمى آيات الفن وأجمل ما أنتجه فراعنة مصر في عصورهم الماضية، فالأهرامات لوحة باهرة تعبر عن البساطة والقوة والعظمة في آن، وأمام، هرم خوفوا لكنه وقف المرشد السياحي الذي تحدث عن حقيقية بناء الأهرامات التي اتخذها الملك خوفو وسيلة للوصول إلى العالم الآخر بعد موته ليكون قريباً من السماء، وكما هو معروف كانت أحجار الأهرام تغطى بطبقة بيضاء، لكن بحكم عوامل التعرية لم يعد لها وجود إلا في مناطق قليلة جداً من الهرم. وفي حضرة هرم آخر وهو خفرع الذي أنشئ أيضاً ليكون بوابة إلى العالم الآخر بالنسبة لهذا الملك، ثم امتدت الرحلة إلى هرم منقرع، حيث اكتملت مشاهد رؤية الأهرامات الثلاثة عندما صعدنا إلى منطقة البانوراما التي كانت عبارة عن سوق شعبي تباع فيها القطع المقلدة بحرفية ومهارة للمومياوات الفرعونية، ومن أعلى تلك القمة كنّا نرى الأهرامات الثلاثة رأي العين وهي في حالة عجيبة من التجاور والتناغم، فلم يبلها الزمن ولم يغير شيئاً من طبيعتها، والغريب أن وقوف هذه الأهرامات يجعلك تتساءل دائماً عن القوة النفسية لتلك الأهرامات. وقد لاحظنا أثناء الرحلة تقاطر الناس على المنطقة التي يقع فيها تمثال أبو الهول الذي كان يعتقد أنه حارس للمنطقة، وبالقرب منه معبد أمون حبت، ومن الجهة اليمنى كانت توجد مقابر أنشأها الملوك تكريماً للعمال الذين ساهموا في بناء الأهرامات وأبو الهول. فوانيس رمضان في مشهد بديع تراصت فوانيس رمضان في أروقة خان الخليلي وكان الناس يتجمعون حولها ومعهم الصبية الصغار ليتخيروا الأجمل منها، ذات الأصوات الجميلة والفوانيس التي تخرج منها الأغنيات الشهيرة «وحوى يا وحوي» وغيرها من التي ينجذب إليها الصغار ما يوحي بأن الأطفال بفوانيسهم جزء أصيل من جماليات الشهر الكريم في أرض مصر المحروسة. خان الخليلي خان الخليلي.. سوق مصرية تزدهي بالبضاعة التي حيكت على الطريقة الفرعونية، واللافت أن البائعين كانوا يتجاذبون أطراف الحديث مع الزوار بلغة الترغيب في المنتوجات المعروضة، وكانت السوق تضج بحركة غير اعتيادية، فهي مزدحمة دائماً وروادها من جميع الأجناس، وهو ما يضع خان الخليلي محطة مهمة للسياحية المصرية، وفي أثناء وجود وفود الدول الخليجية داخل السوق أثارتهم هذه الأشكال المتنوعة من المعروضات التي تعبر عن تاريخ الدولة الفرعونية، فالتقطوا صوراً لأنفسهم عبر «السيلفي»، وحاول البائعون إقناعهم ببعض المنتوجات، فقرر كثير منهم حمل الهدايا التذكارية من هذه السوق التي لا تزال تحتفظ بتوهجها وقدرتها على اجتذاب السائح الأجنبي. نجيب محفوظ مطعم ومقهى نجيب محفوظ هو المكان الذي كان يجلس فيه الأديب الراحل الذي حصل على جائزة نوبل العالمية في الرواية، والمكان الذي كان يجلس فيه به مقعدان خاليان غير مسموع بالجلوس عليهما، وأعلاهما كانت تتوزع صور الأديب الراحل بشكل متناسق، والمقهى والمطعم يأخذان شكلاً تراثياً جميلاً، حيث في الباحة الرئيسة كانت يستقر المقهى الذي لا يزال يستقبل الأدباء والسياح والزوار الأجانب، والقسم الثاني منه كان يتمثل في المطعم الذي يقدم الأطعمة المصرية الشهيرة، التي لها حضور خاص على المائدة في كل محافظات مصر. وزير السياحية: السياح العرب تزايدوا في الفترة الأخيرة بنسبة كبيرة وزير السياحية: السياح العرب تزايدوا في الفترة الأخيرة بنسبة كبيرة لقاء الوفود الخليجية بوزير السياحة خالد رامي كان مفعماً بروح المودة والمحبة، حيث أوضح الوزير أن مصر تبدأ عهداً جديداً، وأن الحركة السياحية استعادت وجهات المضيء في الفترة الماضية، وأصبحت السياحة في حالة منتعشة، لافتاً إلى أن السياح العرب تزايدوا في الفترة الأخيرة بنسبة كبيرة، ويأمل أن تزداد هذه السياحة العربية على أرض مصر، خصوصاً أن مصر في الفترات السابقة كانت الوجهة المفضلة لأبناء دول الخليج والدول العربية الأخرى. وتحدث عن المشروعات الكبرى التي تقام في المناطق الساحلية في مصر، والمؤتمرات التي تقام بصفة مستمرة في منطقة شرم الشيخ، ويأمل بأن يصل عدد السياح في 2020 إلى 34 مليون سائح، وهو ما يعني إشغال الغرف الفندقية بنسبة 100%. وبالنسبة لعملية إكمال وإتمام وبناء المتحف المصري الجديد، أكد وزير السياحة المصري أن العمل جارٍ، وأن هذا المتحف سيجلب زواراً من مختلف دول العالم؛ لكونه شيد على طرز حديثة، ويتيح للزائر أن يرى عدداً كبيراً من الآثار. وبخصوص السياحة الدينية والأثرية والثقافية، فقد عبّر عن سعادته البالغة بأن مصر لديها مقومات سياحية كثيرة قادرة على جذب السياح من كل دول العالم. وحول السياحة الداخلية، أوضح معالي وزير السياحة أن هناك اهتماماً كبيراً بالسياحة الداخلية، حيث تهتم الوزارة بوضع لائحة تشمل تخفيضات كبيرة للمصريين لزيارة المناطق الأثرية والمدن السياحية الكبرى، وبخصوص السياحة الدينية والأثرية والثقافية، فقد عبّر عن سعادته البالغة بأن مصر لديها مقومات سياحية كثيرة قادرة على جذب السياح من كل دول العالم، وهذه ميزة تضع مصر في مرتبة مهمة، ونأمل أن تكتمل المشروعات السياحية التي تزداد يوماً بعد آخر؛ بفضل التخطيط الجيد والرؤية الواسعة من قبل القيادة في الدولة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©