الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

منطقة الريح

20 يونيو 2011 22:58
عندما تسحبك الريح إلى منطقة أبعد مما كنت تنوي، تكون أمام خيارين، إما أن تكمل في طريق لم تختره، أو أن تحاول العودة لنقطة الصفر لتبدأ من جديد. في كلا الحالتين هناك تضحيات. في الحالة الأولى أنت تضحي بحلمك، في الحالة الثانية أنت تضحي بعمرك. وقد تقضي العمر بأكمله في المنطقة الوسطى محاولا إدراك أي التضحيتين أهون على نفسك. تعود أدراجك خطوتين حين يسحبك الحنين إلى الحلم، وحين يهلكك الخوف على العمر تهرول عائدا إلى منطقة الريح. ما سيهوّن الأمر عليك، هو أنك لن تكون في منطقة الريح وحدك. ستجدها مكتظة بأشخاص، ستجد في أحزان بعضهم عمرك، وإن كنت محظوظا تماما فستجد في أحدهم حلمك ذاك الذي مات وذاك الذي هو آت، فستكتشف أن الأحلام مثل قطرات المطر، يمكن، مهما تنقطع، أن تسقط من جديد. وستكتشف أن قدرتك على الاكتشاف بحد ذاتها عمر جديد. حينها ستتوقف عن الهرولة إلى الخلف أو الأمام، فمنطقة الريح ستغدو، بعد أن يملأ الحب قلبك، هي وطنك. لكن، أمل الخيميائي في تحول التراب إلى ذهب قد يكون أقرب للتحقق من تحول منطقة الريح إلى وطن. ورغم إدراك سكان منطقة الريح لهذا، إلا أن بعضهم يختار الاستماع لحكايات يتم تداولها باستمرار بين أروقة الريح المحيطة بهم وفي الأزقة المتعرجة لخط العودة وتلك المعبدة للطريق إلى الأمام، عن ذهب كان أصله ترابا.. ويتعلق بها لتبقيه حيا. رأيت كل هذه الأصناف من بشر منطقة الريح، عرفتهم وتابعت حكاياتهم، حين لا أكون مشغولة بحكايتي، أولئك العائدون للوراء بحثا عن حلم مضى وأولئك المصممون على المضي للأمام حرصا على عمر يمضي، وكنا نلتقي أحيانا في طريق العودة الخلفي وأحيانا في طريق السير إلى الأمام وأحيانا في منطقة الريح حين نتعب ونعود؛ على فترات متفاوتة تعتمد على شدة ارتباط أحدنا بالحلم أو مدى تمسكه بالعمر، لترتيب أوراقنا للمرة الألف بعد المليون. ورأيت الصنف الثالث منهم، الصنف الأوفر حظا، الأسعد قدرا، أولئك الناجون بفعل معجزة “الحب الوطن”. ولكن هذا لا يكون نصيب الجميع، فيتعلق بعضنا بغيمة وبعضنا بوردة وبعضنا بظل شجرة، وبعضنا يجترح معجزته الخاصة للنجاة فيتعلق “الكتابة” بيتا وسكن لتصير بذاتها عالما كامل الأركان، لكن تبقى هذه مسألة مليئة بالشكوك وقابلة لإعادة التفكير وتقليب وجهات النظر، وهذا ما يجعلها غير آمنة تماما، مثل قرارك شراء سيارة غالية الثمن دون ضمان الوكالة. لذا ستحتـاج دومـا البقـاء متيقظـاً لكـي لا يغـدو ما ظننته ركنا ركيناً، خيمة في مهب ريح. Mariam_alsaedi@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©