الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشوائيات تحيط نواكشوط بحزام من البؤس والعنف

العشوائيات تحيط نواكشوط بحزام من البؤس والعنف
3 يناير 2010 23:02
أدى اتساع النطاق العمراني في العاصمة الموريتانية نواكشوط خلال العقود الماضية إلى انتشار الأحياء الشعبية الفقيرة والتي واصلت نموها وزحفها متأثرة بتدهور أوضاع البادية جراء الجفاف وما صاحبه من هجرة قروية متزايدة. ولأن هذا النمو السكاني لم يواكب بما يتطلبه من مرافق وتجهيزات فقد انتشرت بيوت الصفيح أو أحزمة البؤس كما تسميها وسائل الإعلام المحلية، وتشكلت أحياء الصفيح المحيطة بالمدن وتحولت إلى بقع سوداء شوهت رداء العاصمة. شهدت الأحياء العشوائية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط في السنوات الأخيرة تناميا كبيرا لأشكال الجريمة وأصبحت ملاذا للمنحرفين والمشبوهين وقطاع الطرق، ومرتعا لمجموعة من السلوكات المشينة والانحرافات الأخلاقية، ما يضيف لواقع ساكنته مهانة أكبر بسبب جرائم الآداب والسرقة والسطو والقتل والاغتصاب وترويج المخدرات. واستقطبت هذه الممارسات الإجرامية الشباب العاطل عن العمل لينضاف إلى اللصوص والمنحرفين والمشردين الذين يبسطون سيطرتهم على هذه الأحياء يوما بعد آخر، وحسب إحصاءات رسمية فإن معدلات البطالة تعرف ارتفاعا كبيرا في هذه الأحياء حيث تتجاوز 65 %. ويعاني سكان الأحياء العشوائية بنواكشوط من تنامي الجريمة بشكل مخيف نتيجة التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية، حيث ارتفع معدل الجريمة في أحياء المقاطعة “الخامسة” و”السادسة” و”تن السويلم” و”قندهار” و”ملّح”، وساعدت الظروف الأمنية الصعبة وكثرة المشاكل الاجتماعية الناجمة عن التفكك الأسري والبطالة وتعاطي المخدرات والفقر وهجرة الأب في ارتفاع نسبة الإجرام داخل هذه الأحياء، وانعكس تنامي العنف على سلوك الفرد فأصبح وجود سكين أو آلة حادة في الجيب أو الحقيبة أو السيارة ضروريا لمواجهة أي اعتداء أو حسم الصراع في خلاف بسيط. ويقول سعد ولد سيداتي أحد سكان الحي العشوائي المسمى بـ”الحي الساكن” إن هذا الحي يعد مرتعا للجماعات المتشددة والعصابات الإجرامية التي تتقاسم نفوذها وتطبق خططها وتنشر الرعب في صفوف الساكنة وتستغل الشباب في التسول الاحترافي والسرقة وتوزيع المخدرات. ويشير إلى أن وطأة الفقر والبطالة والأمية والفكك الأسري وتقاعس السلطات ساعد على زيادة نسبة الجريمة داخل الأحياء العشوائية وأصبحت هذه الأحياء معروفة بالممارسات الخارجة عن القانون التي تختلف في شكلها ومضمونها وتتوحد في إضرارها بسمعة الأحياء الشعبية والهامشية لتزيد من بؤس وشقاء سكانها. من جهته، يحذر الباحث الاجتماعي محمد سالم ولد هنون من خطورة تنامي الإجرام داخل الأحياء العشوائية وتحوّلها إلى فوهة بركان جاهز للانفجار. ويقول إن ارتباط الإجرام بهذه الأحياء يعكس صورة غير حضارية تسيء للمجتمع الموريتاني وتشجع التفرقة والتمييز بين الطبقات الاجتماعية، موضحا أن مساواة المواطنين في الإحساس بالأمن أمر ضروري لأن الاستقرار في الحياة العامة والازدهار الاقتصادي والنمو الاجتماعي مرهون بإحساس المواطن بالأمن، فلا يجوز أن ينعم من يسكن في الأحياء الراقية والمنازل الفخمة بالأمن والطمأنينة ويحرم منها الفقراء والمعدمون في أكواخهم وأحيائهم العشوائية. ويشير ولد هنون إلى أنه كلما زادت وطأة الفقر والبطالة زادت الجرائم وتنوعت، معتبرا أن معالجة هذه الظاهرة تبدأ بتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لساكنة المناطق العشوائية وإعادة إدماجهم وترحيل إلى أحياء السكن الاقتصادي. ويرى أن القضاء على ظاهرة استيطان المجرمين للأحياء الشعبية والعشوائية يرتبط بفعالية الأحكام القضائية المرتبطة بالسكن غير اللائق واستيعاب القانون كثقافة وسلوك وإصدار أحكام عادلة ورادعة في حق المجرمين الذين يستغلون أوضاع هذه الأحياء لتنفيذ مخططهم الإجرامي ويستفيدون من تساهل المجتمع والقضاء معهم باعتبارهم ضحايا السكن العشوائي
المصدر: نواكشوط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©