الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تعقب العمالة المخالفة يهدد العاملين بنظام «التستر» في السعودية

تعقب العمالة المخالفة يهدد العاملين بنظام «التستر» في السعودية
19 يونيو 2013 22:00
الرياض (رويترز) - يهدد تعقب العمالة المخالفة في السعودية آلاف العاملين بنظام «التستر» في البلاد. وتسعى الحكومة السعودية لإصلاح سوق العمل والقضاء على العمالة غير النظامية. وفي مارس أقر مجلس الوزراء السعودي تعديلات على نظام العمل استهدفت وضع حد لتنامي ما يعرف بالعمالة السائبة وقضت بمنع العمل لدى غير الكفيل ومنع عمل الوافد لحسابه الخاص. ويسعى المخالفون لنظام العمل لتعديل أوضاعهم بعدما أمر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أبريل، بمنحهم مهلة ثلاثة أشهر لعمل ذلك. لكن من يعملون لحسابهم الخاص من خلال كفيل يمنحهم اسمه وسجله التجاري مقابل مبلغ سنوي فيما يعرف محليا باسم «التستر» يرون أن الأمر أصبح محفوفا بالمخاطر. وفي أواخر مايو نقلت صحف محلية عن مسؤولين بوزارة العمل وإدارة الجوازات قولهم إن 124 ألف عامل وافد على الأقل غادروا المملكة منذ بداية فترة تصحيح الأوضاع في أبريل. وتنص مواد نظام مكافحة التستر على أن أي سعودي يتيح لآخر غير سعودي «الاستثمار في أو ممارسة أي نشاط محظور عليه سواء كان ذلك عن طريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري أو بأي طريقة أخرى» يعتبر متسترا. وبحسب النظام المعمول به يعاقب المتستر والمتستر عليه بالسجن لمدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى العقوبتين. كما يجري شطب السجل التجاري المتعلق بالنشاط ويلغى ترخيصه ويجري تصفيته ويمنع المتستر من مزاولة النشاط لمدة خمس سنوات. وإذا صدر حكم بالإدانة لغير السعودي يبعد عن المملكة بعد تنفيذ الحكم ولا يسمح بعودته اليها للعمل. ويمر تأسيس الشركات الأجنبية في المملكة بعملية معقدة إذ تطول فترة الحصول على التراخيص اللازمة. وعلى مدى العقود الماضية لم ينجح ذلك النظام في تلبية الطلب على الشركات الجديدة في اقتصاد متسارع النمو يشهد إنفاقا حكوميا سخيا. وبلغ عدد الوافدين في المملكة نحو تسعة ملايين أي ما يعادل 32? من إجمالي سكان السعودية الذين بلغ عددهم 29,2 مليون نسمة في 2012. ويعمل عدد كبير من الوافدين لحسابهم الخاص إذ يدخلون البلاد بتأشيرة عمل ثم يؤسسون أعمالا يديرونها في الخفاء خلف واجهة الكفيل السعودي الذي يتقاضى أموالا في المقابل. ويجري تحويل جزء من أرباح تلك الأعمال إلى بلدان هؤلاء العاملين. وفقا لبيانات مؤسسة النقد السعودي ارتفعت تحويلات الوافدين 3,7? إلى 107.3 مليار ريال العام الماضي الأمر. اقتصاد الظل ويقول الخبير الاقتصادي عبدالوهاب أبوداهش «التستر يدخل ضمن اقتصاد الظل وهو الاقتصاد غير المحسوب في إجمالي الناتج المحلي ومثل هذا الممارسات يصعب تقديرها بصورة رسمية». لكنه يرى أن اقتصاد الظل في السعودية بما في ذلك التستر وغيره من الممارسات قد يصل إلى أرقام يمكن تقديرها عند نحو 700 مليار ريال وهو رقم يعادل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وكانت صحف محلية نقلت عن متحدثين في منتدى جدة التجاري الذي عقد في أبريل قولهم إن نحو 30? من العمالة الأجنبية النظامية تعمل لحسابها الخاص تحت ظاهرة التستر. وأن قطاع البناء والمقاولات يستأثر بنحو 57? من نسب قضايا التستر في حين تسيطر العمالة الوافدة على 97,5? من إجمالي عدد العاملين بقطاع تجارة الجملة والتجزئة بالسوق. ويرى الخبراء أن التستر يضر بكفاءة الاقتصاد ويحد من الفرص التجارية المتاحة للمواطنين ويحرمهم من الوظائف في ظل سعي الشركات لتعيين عمالة رخيصة. ووفقا للبيانات الرسمية يبلغ معدل البطالة في المملكة 12?. ويقول أبو داهش «البقالات المنتشرة في الرياض معظمها متستر عليها... التستر يوظف أكبر من حاجة الاقتصاد بكثير فبدلا من تعيين موظفين اثنين أو ثلاثة يجري تعيين ستة أو سبعة كما أن للتستر تأثيرا سلبيا آخر إذ يؤدي لانتشار الجرائم واتباع عادات وتقاليد غير متواكبة مع عادات وتقاليد المجتمع». دخل إضافي حول السبب الذي يدفع المواطن السعودي لممارسة التستر يقول عبدالله بن محفوظ عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية في جدة «من وجهة نظري أعتقد للأسف أن الأنظمة الموجودة هي التي تجذب المواطن للتستر. «الموظف لا يستطيع أن يفتح سجلا تجاريا ولهذا يخالف الأنظمة ويفتح سجلا عن طريق زوجته ومن خلال هذه المؤسسة يبحث عن أشخاص يديرون أعمالا لتحقيق دخل إضافي دون أن يعلم أنه أمر غير نظامي وغير قانوني». ويضيف «الآن حتى السيدات السعوديات اصبحن يرين أن هذه العملية توفر لهن دخلا إضافيا. لدينا نحو 190 ألف سجل تجاري لسيدات واكتشفت وزارة العمل أنه لا يوجد نشاط حقيقي لتلك المؤسسات .. التستر مشكلة لها اكثر من 30 سنة». ويرى ابن محفوظ أن خطورة التستر تكمن في اعتبارها مخالفة قانونية وليست جريمة ولهذا لا يشعر المواطن بانها أمر خطير ويقول «عندما أجرمه مثله مثل الرشوة سيعلم الجميع أنه أمر يضر بالاقتصاد والمجتمع». ويتفق أبو داهش مع تلك النقطة ويقول «أعتقد أهم شيء (للقضاء على المشكلة) اعتبار التستر جريمة قد تصل إلى مرحلة الاتجار بالبشر». مكافحة التستر ووفقا لعرض توضيحي أرسل لرويترز عبر البريد الإلكتروني يوضح بن محفوظ أن مكافحة التستر تستغرق فترة طويلة بداية من الضبط وحتى صدور الحكم وتنفيذه قد تصل إلى 19 شهرا بحد أدنى و46 شهرا بحد أقصى وهو ما يعد أحد العوائق الأخرى أمام القضاء السريع على المشكلة. وقال «لو ظلت الإجراءات كما هي لن تكون هناك حلول فعلية لمشكلة التستر. ينبغي تغيير آلية التنفيذ ويجب أن تكون أسهل كثيرا». واقترح ابن محفوظ عرض مهلة للأنشطة التي تدار بالتستر لمحاولة تصحيحها دون توقيع العقوبة على أطراف التستر وذلك بتحويل الأنشطة الكبيرة منها إلى نظام الاستثمار الأجنبي بترخيص محدد المدة أو إلزام أصحابها بإدارتها بأنفسهم أو تأجيرها لمواطنين يرغبون في استثمارها بأيد وطنية. ويتفق كل من ابن محفوظ وأبو داهش على ضرورة ربط كل سجل تجاري في المملكة بحساب مصرفي للتتبع المالي وأن يكون كل عامل مهما صغر راتبه لدية حساب في البنك يدفع فيه الراتب لكشف التستر وحصره، لاسيما في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يقول أبو داهش إنه ليس لها نظام رقابي واضح. وكان وزير العمل عادل فقيه قال في تصريحات لرويترز الشهر الماضي إنه إذا عدلت كافة الشركات العاملة بنظام التستر أوضاعها وأصبحت قانونية وعينت مواطنا سعوديا واحدا على الأقل، فإنها ستوفر نحو 350 ألف فرصة عمل للمواطنين. وأضاف آنذاك أن البديل سيكون إغلاق تلك الشركات وفي هذه الحالة ستوفر فرصا لرواد الأعمال السعوديين لتأسيس شركات جديدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©