أبوظبي (الاتحاد)
تقول الأمثال الشعبية «صبرك على نفسك ولا صبر الناس عليك»، و«القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»، أما بنيامين فرانكلين أحد أهم وأبرز مؤسسي الولايات المتحدة الأميركية فقال: «إن كنت تريد أن تكون ثرياً، فعليك التفكير في الادخار، كما تفكر في الحصول على المال».. وتتنوع أشكال وأنواع الادخار، فهناك من يعمد إلى إيداع المال في حسابات مصرفية، أو شراء أسهم، لمواجهة أزمات الحياة وضمان حياة مقبولة لهم أو لأبنائهم في المستقبل.. وهناك من يجد راتبه الوسيلة الأفضل لادخاره قبل التقاعد من الوظيفة.
وبين هذا وذاك من الخطأ أن يرى البعض أن مشوار الادخار طويلاً قبل مرحلة التقاعد التي يقل الدخل فيها، لذلك كلما بدأ الادخار مبكراً، كنت في أمان من تأجيل الادخار، والاضطرار إلى ادخار مبلغ كبير، قد لا يكون في استطاعتك توفيره.
وترى ميسون المرزوقي «موظفة» أن البعض يبدأ بالاستثمار الصغير في مبالغ قليلة من خلال اقتطاع جزء من راتبه، انتظاراً لمرحلة التقاعد، والبعض يلجأ إلى الادخار بشكل عام، مكوناً ثروة تغنيه بعد التقاعد، وهؤلاء ليس لديهم مشكلة، أمَّا المشكلة فعند من لا يعرف الخطوط الصحيحة، أو الاستراتيجية العملية للادخار قبل التقاعد بفترة كافية من الزمن.
البداية الصحيحة
وتضيف «في البداية وجدت الأمر صعباً عليَّ، فيكاد الراتب لا يكفي متطلبات المنزل ولا يبقى منه القليل، لكن حدثت نفسي إلى متى سيستمر هذا الإسراف والتبذير؟ لذلك لابد من الادخار بشكل فعلي.. وبالفعل استطعت منذ عام أن استقطع جزءاً من راتبي وادخره في حسابي البنكي، واستغنيت عن الكثير من المصروفات، منها المخصصة لكثرة شراء الهدايا للمناسبات، كما قمت بشراء الذهب الخالص وادخاره لوقت الحاجة مبتعدة عند شرائه عن العلامات التجارية والألماس، لأن قيمتها المالية تقل.. وهذا من وجه نظري البداية الصحيحة للادخار.
لم تتوقف علياء الشامسي، «أم لثلاثة أبناء» عن التفكير في كيفية الادخار قبل التقاعد، فرغم عدم إلمامها بهذه الثقافة، فإنها لم تقف مكتوفة الأيدي في الاستعانة بأحد الخبراء والاستفسار عن الأساليب والطرق المناسبة للادخار، وبالفعل بدأت منذ شهور الدخول في عالم الادخار والتفكير جلياً باستقطاع 5 آلاف درهم من الراتب من أجل رسم صورة صحيحة وحياة هائنة قبل التقاعد.. وتقول: «للادخار فوائد عديدة للأسرة وعلى الاقتصاد أيضاً، كونه يعتبر استثماراً له عائد، كما أن إدراك الأسرة لمعنى الادخار يضمن الاستقرار المادي لها، وهذا الاستقرار يمتد إلى فترات طويلة في حياتنا، وبالتالي يكفل نوعاً من الهدوء والبعد عن التقلبات والأزمات المادية الناجمة عن الإسراف أو عدم التحوط للغد.
ثقافة الادخار
وتؤكد مريم سالم المنهالي «موظفة» أن المرأة حالياً أصبحت أكثر إلماما بالادخار، فأصبحت لديها الكثير من ثقافة الادخار قبل التقاعد، من راتبها وذلك من أجل الحصول على الاستقلال المادي وراحة البال وحياة خالية من الضغوط والتوتر، كما يشكل مرتكز آمنا للعائلة، مشيرة إلى أن دخولها إلى عالم الادخار لم يكن من اليوم، بل من عدة سنوات، حين وجدت نفسها تصرف كل مافي جيبها من المال على التسوق وكماليات قد تكون ليست بحاجة لها، بل لاقتنائها من أجل المباهاة بها أو من باب أنها علامة تجارية، لذلك استطاعت من ذلك الحين جمع مبلغ كبير من خلال اقتطاع جزء من الراتب ليحميها من مفاجآت المستقبل بكل الاحتمالات الواردة ويضمن لها حياة كريمة.
ترشيد المال
وأوضح محمد المهري مستشار في تطوير المشاريع الاستثمارية وباحث اقتصادي أن ثقافة الادخار لا بد أن تكون لدى الكثير من أفراد المجتمع وليس النساء فقط، موضحاً أن الادخار يحتاج إلى الكثير من المهارة والأساليب الصحيحة الناجحة قبل التقاعد، ففي ظل التصاعد الاستهلاكي الذي يعد طارئاً اجتماعياً وثقافياً وضاغطاً على مجمل حياتنا المعاصرة لا بد أن يتم التفكير في الادخار المبكر، ومن أجل نجاح ذلك هناك الكثير من الأساليب التي يمكن لأي سيدة أن تقوم بها.
ويقول «على المرأة أن تنتبه لنفسها ولا تنجرف خلف المغريات والأسواق، وإن كانت المرأة هنا عاملة عليها أن تدخر بصفة مستمرة طوال حياتها بنسبة 10%. مثلاً لو تم استقطاع مبلغ شهري قيمته 2000 درهم فانه طوال العام سيصل إلى 24 ألفاً، وفي 10سنوات 240 ألفاً، بينما في 20 سنة سيصل المبلغ إلى 480 ألف درهم، مع فرضية ثبات الراتب وكلما زاد الراتب زاد الادخار، وهذه العملية تسمى «فلسفة 10% للراتب».
التركيز على القيمة وليس الشكل
من أجل توفير وادخار ناجح ينصح الخبير الاقتصادي محمد المهري باتباع عدة أساليب منها «لا بد من ادخار ما يتم توفيره وعدم صرف ما يتم تدويره، ففي حالة رصد مبلغ من المال لشراء هدية بقيمة 1000 درهم ولم يتم شراؤها لظرف ما، يجب أن يوضع المبلغ في قائمة الادخار، وأيضاً عند شراء الذهب والمجوهرات يجب أن يكون ذات قيمة ولا نركز على الشكل والعلامة التجارية والتركيز على الذهب أكثر من الألماس والمعدن كذلك أكثر من التصميم.
وقال «الاستثمار الذكي أفضل أنواع الادخار «العقار»، وهو خزينة ادخارية أو كما يسمى في عالم الاقتصاد «صندوق ادخاري تنموي»، منوهاً إلى ضرورة ابتعاد المرأة عن «الكيس المخروم»، ويقصد به كل مسببات التسربات المالية، مثل سوء استخدام «الفيزا كارت»، حيث يجب التعامل معها بطريقة صحيحة، منعاً لاستنزاف المال.
عدد اليوم
