الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الخبراء: غربلة المكاتب قادمة·· والبقاء للأفضل

20 مايو 2006

تحقيق- عاطف فتحي:
المبالغة·· ولا شيء سواها هي السمة المميزة والممارسة المستقرة في ثقافتنا العربية·· إما أن نفرط في التشاؤم أو أن نحلق على جناح الأمل إلى هام السحاب· إما ركود ممل واما نشاط محموم، وفي سوق الأسهم، الأسعار خارج حدود المنطقة عند الصعود وعند الهبوط·
وبما أن مكاتب الوساطة في قلب السوق فليس بغريب أن تحمل سماته المميزة من حيث المبالغات الشديدة تارة والسلوكيات المرفوضة تارة أخرى·· قبل نحو عام من الآن وفي ذروة نشاط سوق الأسهم المحلية كان رد بعض الوسطاء على الهاتف وتجاوبه مع المستثمر وخاصة الصغير ضربا من الخيال ويحتاج لحظ عظيم، فمن البديهي أن الوسيط لن يهدر وقته مع مستثمر ينفذ صفقة بعشرة آلاف درهم مثلا، على حساب صفقات بالملايين تدر عليه دخلا وفيرا، وفي ضوء ذلك ظهرت الحاجة إلى مكاتب جديدة تلبي الطلب المتزايد بحيث ارتفع عددها حاليا إلى حوالي 75 مكتبا ينتظر أن يضاف إليها 20 مكتبا جديدا قبل نهاية العام الحالي· لكن جاءت رياح السوق بما لا تشتهي المكاتب التي أصبحت على حافة مرحلة غربلة جديدة كتلك التي حدثت في أعقاب أزمة السوق في العام 1998 حيث تضخم العدد في ذروة النشاط المحموم للسوق آنذاك من 7 مكاتب إلى 45 مكتبا ثم تقلص من جديد إلى 14 مكتبا تقريبا، ينتمي نصفها تقريبا للمصارف، بعد أن أغلق بعضها أبوابه تحت وطأة الخسائر واندمج البعض الآخر مع مكاتب اكبر حجما·
في البداية يقول محمد علي ياسين مدير عام الإمارات للأسهم والسندات إن ارتفاع عدد مكاتب الوساطة لم يؤد للأسف إلى تحسن جودة الخدمات بالصورة المنشودة لان المعايير المعتمدة ليست مبنية على الخدمات المقدمة وإنما على الحد الأدنى من الملاءة المالية والحد الأدنى للموظفين، ولاشك أن الطفرة التي شهدتها سوق الأسهم المحلية، ودخول أعداد متزايدة من المستثمرين خاصة من الصغار جعلت تلبية الطلب من جانب المكاتب القائمة صعبة للغاية، بل مستحيلة في مرحلة سابقة، فكان من الطبيعي أن تظهر مكاتب جديدة، وأصبحنا نرى إعلانات في الصحف لطلب (طواقم كاملة)·
ويضيف ياسين: في ظل ظهور ممارسات سلبية عديدة، وفي ظل عدم قدرة الكثير من المكاتب على المنافسة ينبغي أن تكون هناك وقفة من جانب الجهات المسؤولة، وان يعاد النظر في التراخيص الممنوحة للكثير من المكاتب، ليس هذا فحسب بل يجب ان يتم عمل نوع من التصنيف للمكاتب، فعندما بدأت الأسواق الرسمية في الدولة، لم يكن عدد المكاتب كبيراً، وكان من الصعب تصنيفها، أما الآن فهناك تاريخ للعديد من المكاتب يمكن البناء عليه والتقييم في ضوء جودة الخدمات، والملاءة المالية والالتزام بالتسويات·
وفيما يختص ببعض السلبيات التي أفرزتها زيادة عدد مكاتب الوساطة يقول محمد علي ياسين: الكثير من المكاتب تسعى من أجل خلق حجم معين من النشاط إلى تشجيع المضاربات اليومية، وهذا يؤدي في الكثير من الأحيان إلى خسائر للمستثمر وأرباح لشركة الوساطة، فليس من مصلحة الشركة، وبالذات الشركات الجديدة التي لا تملك قاعدة عملاء صلبة، أن يكون المستثمر من الفئة العادية التي تبيع أو تشتري على فترات، وهم بالتالي يشجعون المضاربات ويوفرون فرص الشراء على المكشوف بما يحمله ذلك من مخاطر·
ويقترح ياسين أن تطور شركات الوساطة من خدماتها بحيث تسد ثغرة موجودة في السوق تتمثل في غياب الدراسات والتقارير المتعلقة بشأن الأسهم، ويضيف: أرى أن الهيئة والجهات المسؤولة الأخرى يمكن أن تشجع المكاتب على إضافة هذا النشاط إلى قائمة خدماتها، وان تحفز الهيئة المكاتب لسد هذه الثغرة، لان المكاتب ستظل تقدم الحد الأدنى من الخدمات إذا لم تجد الحافز المناسب للتطوير، خاصة وان خدمات البحوث والدراسات المتعلقة بالسوق يمكن أن تمثل رافداً إضافياً للمكاتب من خلال ما ستحصل عليه من رسوم·
وفيما يختص بالمنافسة بين الشركات من خلال تقديم عمولة تفضيلية، قال ياسين: المنافسة بالعمولة موجودة دائماً، لكن الخطأ الذي أراه أكثر خطورة هو تشجيع المكاتب للعملاء على كشف حساباتهم، وقد تعرض الكثيرون لخسائر من جراء ذلك·
ويلفت ياسين النظر إلى مشكلة أخرى يراها من هموم قطاع مكاتب الوساطة وهي أن مكتب الوساطة -حسب رأيه- هو الحلقة الأضعف بين أطراف السوق قياساً إلى الأسواق المالية أو المستثمرين، فالجميع على حد قوله يستسهل اتهام مكتب الوساطة، وبعض العملاء يتنصل من أوامر أعطاها، وتتأكد إدارات الأسواق من ذلك، ثم تعود لتقول انه لم يتم تأكيد الأمر، بينما لا يتم اللجوء لهذا الأسلوب في آلاف الحالات ولا أحد يلتفت إليها·
وفيما يختص بطلب الوسطاء العودة إلى نظام الإجازة الأسبوعية ليومين، يشير ياسين إلى أن هذا الطلب مبرر، والإغلاق ليوم إضافي لن يؤثر على النشاط، بل يعطي الفرصة للمكاتب لتنظيم عملها والاستعداد لليوم التالي، كما انه يقلص النفقات نوعاً ما، إضافة إلى إعطاء المكاتب فرصة اكبر للتحصيل، كما انه يكون أيضا فرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير المتروي بالنسبة للمستثمرين خاصة في أوقات النزول·
ويتوقع ياسين أن تحدث (غربلة) في قطاع مكاتب الوساطة إذا ما قلت أحجام التداول أو تم إعادة النظر في القوانين وتشديدها، مشيراً إلى أن البقاء سيكون للأصلح، ومن تتوفر لديه قاعدة عملاء قوية ومستقرة، وسمعة جيدة·
من جهته يشير زياد الدباس مستشار بنك أبوظبي الوطني لقطاع الأسهم إلى أن التوسع الكبير الذي شهده قطاع مكاتب الوساطة جاء في ضوء ارتفاع أحجام التداول الذي شهدته أسواق الأسهم الإماراتية في السنوات القليلة الماضية، ومن ثم فإذا خف التداول في المرحلة المقبلة وقل عدد المضاربين في السوق الذين ينشّطون المعاملات سيكون من الطبيعي أن يخرج عدد من المكاتب لان المنافسة عندها ستكون على الخدمة، وستكون الممارسات السلبية أقل·
ويرى الدباس أن العديد من المستثمرين وخاصة الكبار ممن يحبون أن تبقى أنشطتهم طي الكتمان فضلوا افتتاح مكاتب وساطة في المرحلة الماضية لعدة أسباب من بينها أن بعضهم يدفع عمولات كبيرة تصل إلى عشرات الملايين من الدراهم، ومن ثم يفضل هؤلاء افتتاح مكاتب توفر عليهم دفع مثل هذه العمولات، وفي الوقت ذاته يمكن أن تجتذب بعض النشاط وتحقق إيرادات إضافية·
ويستطرد الدباس قائلاً: لكن السبب الأهم في رأيي الذي يدفع الكبار إلى افتتاح مكاتب وساطة هو رغبتهم في السيطرة على المعلومات وضمان عدم تسرب أنباء معاملاتهم إلى الاخرين، خاصة وان بعض الوسطاء يستغلون المعلومات المنافسة لهم بشأن من يبيع ومن يشتري لإبلاغ أطراف اخرى، وبالطبع فإن الطرف الآخر الذي يفضل ان تبقى معاملاته وأنشطته طي الكتمان لا يقدم على ذلك، لهذا السبب وحده وانما أيضاً لانه أحياناً تكون لديه معلومـــــات يتحــــرك على أساسها ولا يرغب ان يشاركه الاخرون فيها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©