الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الهاتف» سرق ابني.. وأنا السبب

«الهاتف» سرق ابني.. وأنا السبب
1 ديسمبر 2016 11:00
لكبيرة التونسي (أبوظبي) لم يجرؤ يوسف الطالب بالصف الثامن، على إطلاع والديه على نتيجة الامتحانات الدورية، بل قال إن المعلم ألغى الاختبارات وعوضها بيوم ترفهي، وتكرر الأمر أكثر من مرة، مما دفع الأب إلى زيارة المدرسة لاكتشاف أمر ابنه الذي كان ينال أعلى العلامات، ويعتبر من المتفوقين، لكنه تراجع بعد كثرة استخدامه للهاتف النقال الذي أثر على أداء واجباته. ويقول والد يوسف: «تضايقت كثيراً، عندما أخبرني أحد معلمي ابني أن يوسف تراجع كثيراً، عازياً الأمر إلى انشغاله بأمور أخرى غير الدراسة، وعندما عدت للبيت أخبرت والدته بالموضوع التي استغربت، وقالت إنها كانت تتوقع هذه النتيجة، وهي تلاحظ انشغاله بالهاتف النقال، واعتبرت ذلك من الأخطاء التي ارتكبتها في حق ابنها حين اشترت له الهاتف والأيباد وجعلته بين يديه من دون مراقبة الوضع، ومن يومها قرر الوالدان تخصيص ساعات محددة فقط لاستخدام الهاتف مع تكريس الجهد والوقت للدراسة. لم يعد باستطاعة الوالدين مواجهة سحر الأجهزة النقالة، التي أصبحت الصديق الأوحد الذي لا يفارق الأبناء ليل نهار، مما أدى إلى تراجع تحصيلهم الدراسي، فكيف يمكن مواجهة هذه الأجهزة والوسائل التكنولوجية، التي تستخدم في غير محلها؟، وهل فعلاً أدت إلى تدني دراسي وتراجع أداء الواجبات المدرسية؟ دراسة كشفت دراسة علمية عن أنه كلما يكثر الأطفال من استخدام الأجهزة الرقمية، تتراجع إمكانية إنجازهم للواجبات المدرسية، وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق من أطباء الأطفال بكلية الصحة العامة في جامعة براون الأميركية أن الأطفال الذي يقضون ما بين ساعتين وأربع ساعات يومياً في استخدام الأجهزة الرقمية تتراجع إمكانية إنجازهم للفروض المدرسية بنسبة 23 بالمئة مقارنة بالأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الرقمية لفترة تقل عن ساعتين يومياً. هناك الكثير من الطلبة الذي ينظمون استخدام تلك الأجهزة، ومنهم الطالب سيف سعيد على الكعبي بمدرسة النخبة الخاصة، الذي لا يستعمل وسائل التكنولوجيا، ومن بينها الهاتف النقال أكثر من ساعتين في اليوم، مؤكداً أن تلك الوسائل لها إغراءات كثيرة يحاول أن يتصدى لها بكل حزم، ويستثمرها في البحث وإنجاز الواجبات. ويقول الطالب عمر عادل اليماني من المدرسة نفسها إنه يستعمل الهاتف النقال في البحث عن الإجابات وحل الواجبات، ولا يستعمله أكثر من ثلاث ساعات يومياً. تقنين الدكتورة نجوى الحوسني أستاذ المناهج وطرائق التدريس المساعد بكلية التربية في جامعة الإمارات تقول إن معظم الدراسات المتعلقة بتأثير الأجهزة الرقمية على الأطفال أثبتت أن هناك تأثيرا سلبيا لاستخدام هذه الأجهزة بشكل غير منظم ولساعات طويلة أدى إلى تأخر الطلبة في كتابة وإنجاز واجباتهم المدرسية، وأن تعلق الأطفال بهذه الأجهزة يعطلهم عن ممارسة أنشطة الحياة المختلفة مثل التواصل مع الأهل والجلوس معهم، الابتعاد عن الرياضة، بالإضافة إلى قلة النشاط المعرفي وضعف المهارات الذهنية. وترى مي خالد مدرسة رياضيات أن وسائل التكنولوجيا يمكن أن تفيد الطالب إذا تم استغلالها بشكل صحيح، فبدلاً من الاستسلام لهذه الوسائل سلبياً بإمكاننا استغلال شغف هذا الجيل بها بشكل ذكي ونافع مثل إدخالها في العملية التعليمية، وقد بدأت بعض المدارس في تطبيقه من استعمال أجهزة آل «iPad» وتطبيقاته المختلفة في حل الواجبات المنزلية والأنشطة الصفية والتواصل مع أولياء أمور الطلبة. حماية عفاف منزعجة من انشغال ابنتها دانة المتواصل بالهاتف النقال، مؤكدة أن أغلب واجباتها المدرسية تتم عن طريق تطبيقات على الهاتف النقال أو الأيباد، وأن ابنتها تستعمله أكثر من ساعتين في اليوم، لكنها تحاول أن تقنن هذا الاستعمال بشكل إيجابي. وتقول: «من وجهة نظري كأم وكتربوية، فإن ولي الأمر يجب أن يحمي طفله من الاستعمال الخاطئ، ونظراً للانجذاب الكبير للطلاب لهذه التقنيات، فإنني أحاول أن أطوعها لأبث قيماً وأعززها من خلال تفعيل بعض المجاميع (جروب) وإرسال رسائل تربوية وأخلاقية بما يتناسب مع كل مستوى بما يرضى الطلاب وتماشيا مع الآداب العامة». ضوابط ويرى عبدالرحمن السَّكجي رئيس قسم العلوم والرياضيات في إحدى المدارس أن الأجهزة الإلكترونية لابد من استعمالها في هذا العصر، لكن يجب تقنينها، وأن هنالك خطورة كامنة في عيش الطلاب بهذا العالم الافتراضي المرغوب لديهم من دون ضَوابط، إذ إنه لا يلبث أن يعوّد الطلاب على ترك ضبط النفس، مما قد يتحول إلى إدمان يصعب علاجه». ويضيف: «إن استخدام التكنولوجيا في التعليم لا بد أن يستند على أسس علمية، مع مراعاة كلا الإيجابيات والسلبيات المتعلقة باستخدام الأجهزة الرقمية، حيث حقق الطلاب الذين استخدموا التعليم القائم على التكنولوجيا علامات أعلى في التحصيل. تشتت الانتباه ويحذر محمد البادي معلم بإحدى المدارس الخاصة من الاستعمال الخاطئ لوسائل التكنولوجيا والانشغال بالهاتف النقال، مؤكداً أن ذلك يؤدي إلى تدني المستوى الدراسي، والتراجع في أداء الواجبات المدرسية، ويقول موضحاً: «يبدو للوهلة الأولى إننا نخطو نحو بناء المستقبل، نعم وكأننا نمسك بتلابيب أبجديات العصر الحديث حينما نرى أبنائنا يستخدمون التكنولوجيا الحديثة في التعليم بصفة عامة، وفي أداء واجباتهم الدراسية بصفة خاصة، ولكن سرعان ما نكتشف أنها الرمال المتحركة التي أصبحنا نغوص فيها حتى سيطرت على عقول أبنائنا وبناتنا وفقدنا جميعاً زمام الأمور. توجيه رضا محيى الدين عبده منسق لمادة التربية الإسلامية أوضح أن الفارق بين إيجابية التكنولوجيا وسلبياتها في العصر الحديث، يتوقف على مدى استخدام الطفل لها، ولا نستطيع أن ننكر فضل التكنولوجيا في عصرنا الحديث، حيث إنها سهلت كثيراً حياتَنا اليومية وجعلها ميسرة، فالفرد يستطيع أن ينجز الكثير من الأعمال في أوقات قليلة، كما أنها جعلت العالم قرية صغيرة. تأثير سلبي ويؤكد جلال سعادة منسق المواد العربية الانعكاسات السلبية على التحصيل الدراسي، حيث يؤكد أن أغلب الطلبة الذين يستخدمون الأجهزة النقالة باستمرار يتدنى مستواهم الدراسي، بحيث يهملون أداء واجباتهم وتحضير دروسهم ومراجعة مواد الامتحان، ومنه نقوم بإرشادهم على تنظيم أوقاتهم في الدراسة واستخدام الموبايل بأوقات محددة، ويضيف: «إذا كان قد ثبت علمياً أن الهواتف المحمولة لها أثر كبير على صحة الإنسان، فإن لها أيضاً أعظم الأثر على قدرة أولادنا وبناتنا على التحصيل الدراسي، إذ كيف يستطيعون التحصيل، وقد امتلأت عقولهم وقلوبهم بكل ماهو غث ورديء على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا لا أقول إنها تؤثر على تحصيلهم الدراسي فقط... لا، بل إنها تؤثر أيضاً في كيفية تفكيرهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين ونمط حياتهم كلها، إن أبناءنا وبناتنا يرون في هذه البرامج عالماً خاصاً بهم، وهذا هو العالم الذي يفصلهم عن كل ما يحيط بهم، ليس عن الدراسة فقط، بل عن أقرب الناس إليهم. نصائح «في الصميم» قدمت الاختصاصية الاجتماعية أماني عطا مجموعة من النصائح لتحقيق الاستعمال الأمثل لوسائل التكنولوجيا، مؤكدة أهمية التعامل معها بشكل إيجابي: . عدم إعطاء أي جهاز للطفل قبل التأكد من مناسبته لعمره، والتحكم بإعدادات بعض الأجهزة، ومراقبته والجلوس معه، ولو بعض الوقت أثناء استخدامه الأجهزة. . تحديد أوقات يومية للاستخدام مع منعه أوقات العائلة والزيارات، وموعد الطعام، وموعد النوم. . عدم تجاهل أي علامات سلوكية أو نفسية تظهر على الطفل، فقد تكون نتيجة تحرش من أي نوع عن طريق برامج التواصل الاجتماعي. . السؤال المستمر عن سلوكه المدرسي، ومتابعة تحصيله العلمي. . مشاركته نشاطات بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية، الجلوس معه، والتحدث معه لفهم نفسيته ومشاكله، حثه على الشفافية والوضوح، خاصة إذا كان يستخدم برامج التواصل الاجتماعي. . تقديم النصح والتوجيه للطفل باستمرار حول مخاطر الجلوس الطويل على هذه الأجهزة. . أخيراً والأهم أن نكون قدوة لأبنائنا في استخدامنا للأجهزة الإلكترونية المختلفة، فلا ننشغل عنهم ونهملهم، ونبقى بعيدين عنهم وعن مشاكلهم.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©