الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العالم امرأة - السعد عمر المنهالي

20 مايو 2006
خضـوع فقاعة
السعد عمر المنهالي:
يعتقد كثيرون أن حبال الكذب قصيرة، غير انه في هولندا تبدو طويلة لما يقارب من عقد ونصف، ويبدو أنها فترة كافية لتتحول الكذبة إلى مجرد خطأ في المعلومات العامة، تصصح بسهولة، وذلك في تجاهل تام لما تبع الكذب من سلسلة لا حصر لها من الافتراءات والتهم الباطلة، فيتحول الكاذب إلى ضحية، والمفترى عليه إلى إرهابي، فتكبر الفقاعة بما تحمل من كذب حتى تنفجر، ولكن الهولنديين لا يرون أن فقاعتهم يجب أن تنفجر بما فيها، فالأمر لا يستحق ذلك، كل ما هنالك معلومات يمكن تصحيحها بسهولة!
أثارت النائبة الهولندية 'آيان حيرسي' بعد اعترافها في مؤتمر صحفي عقد في السادس عشر من مايو الجاري، أنها زورت في بيانات طلب اللجوء إلى هولندا منذ عام ،1992 موجة كبيرة من الجدل داخل المجتمع الهولندي، لم تبدأ بسحب جنسيتها كما أعلنت وزيرة الهجرة الهولندية، كما أنها لم تنته بإجماع البرلمانيين على خطأ تصرف الوزيرة، ليخرج النواب بإجماع ضمني يقر بأن الامر لا يستحق كل هذا!
مسلسل الكذب
بدأت أكاذيب النائبة 'آيان حيرسي' مبكرة جدا، فقد سجلت بيانات ولادتها في طلب الجنسية بتاريخ مغالط وهو عام ،1967 بينما الحقيقة أنها من مواليد مقديشو عام ،1969 واستمرت سلسلة الأكاذيب بعد ذلك لتسجل بيانات ترضى عنها سلطات الهجرة في هولندا وتمنحها الجنسية، فاستغلت انتقالها للعيش مع والدها 'ماغان عيسى' في المملكة العربية السعوديةعام 1976م لتنقل صورة سلبية عن المجتمع المحافظ هناك وتستثير مشاعر العطف لدى المجتمع الهولندي فيما بعد، سواء بسردها السلبي لتفاصيل عمليات الختان والطريقة الخاصة التي تُربى بها الفتاة المسلمة، أو بذكرها أنها أجبرت على الزواج من قريب لها الأمرالذي أثبت كذبها- فنجحت 'آيان' في الحصول على الجنسية الهولندية بعد ثلاثة أسابيع فقط من تقدمها بالطلب عام ،1992 بل وحصلت على منحة دراسية·
لم تكتف 'آيان حيرسي' بهذا القدر من كرم السلطات الهولندية، فعمدت إلى استغلال عواطف الهولنديين فاخترقت الإعلام بعد أن استغلت خبرتها في العمل كمترجمة بين المهاجرين الصوماليين والسلطات الهولندية المختصة، لست سنوات حتى عام 2001م، بعد أن استغلت وضع الحالات الإنسانية التي كانت تتواجد في ملاجئ النساء اللائي يتعرضن للعنف المنزلي، وتضخيم الأمر عند الحديث عن النساء المسلمات في هولندا، لدرجة تجرؤها للإساءة إلى بعض التقاليد الإسلامية، فتحولت من ضيفة مميزة تستقطبها وسائل الإعلام إلى وجه تسعى له الأحزاب السياسية، فبعد التحاقها بحزب العمل الهولندي، وجدت نفسها بعد فترة قصيرة تُطلب لكي تصبح عضوا في حزب 'الشعب من أجل الحرية والديموقراطية' في نوفمبر عام ،2002 وفي زمن قياسي درجت على قائمة مرشحيه في الانتخابات التشريعية، لتصبح في يناير عام 2003 نائبة في البرلمان الهولندي·
إحدى عشرة دقيقة وطعنة!
بدأ خطاب 'آيان حيرسي' يأخذ منحى أكثر واقعية بعد وصولها البرلمان، فدعت إلى اليقظة في منح التراخيص للمدارس الإسلامية، ونجحت بالفعل في الضغط لإقرار مشروع قانون ينص على اعتبار ختان الفتيات جرماً، ورغم مشروعية بعض مطالبها التي كان يمكن أن تجد صدى طيبا لدى الجاليات المسلمة في هولندا، إلا أنها كانت تصر أثناء مطالبها هذه على الإساءة للإسلام والمسلمين لدرجة التطاول على الرسول محمد وأمهات المؤمنين - كما كان في حديثها مع صحيفة 'تراو' الهولندية في الخامس والعشرين من يناير عام 2003-، المثير بالفعل هو تنبه الكثير من رجال السياسة في هولندا للخطر الذي تشكله 'آيان' في قدرتها على استثارة مشاعر المسلمين أينما حلت وتأثير ذلك على إمكانية تعايش هذه الجالية بسلام داخل المجتمع الهولندي، ولكن هذا لم يوقف جموح 'آيان' حتى بعد أن تسببت بقتل المخرج السينمائي 'ثيو فان كوخ' بطعنة في نوفمبر عام 2004!!
لم تكتف النائبة بمنبر البرلمان لاستثارة مشاعر المسلمين، بل سعت إلى السينما بعد أن كتبت سيناريو فيلم هولندي، تعمدت فيه استخدام القرآن بصورة مسيئة ومستفزة، فهيجت مشاعر المسلمين بعد عرضه، لم يستغرق زمن الفيلم سوى إحدى عشرة دقيقة فقط، تناول أربع قصص حول العنف ضد النساء المسلمات، غير انه تسبب بطعن مخرج الفيلم بسكين اخترق قلبه مرفق برسالة تهديد إليها· ساهمت هذه الحادثة بتضخيم الفقاعة الإعلامية حول النائبة، فوصفت بالبطلة والشجاعة التي تدافع عن المرأة من براثين تقاليد ديانة تناصبها العداء، وخصت لها حراسة مستمرة بعد أن عادت من الولايات المتحدة الأميركية التي هربت إليها بعد قتل المخرج·
خضوع العاصية!
كان هذا اسم الفيلم الذي كتبته 'آيان حيرسي'، وقصدت فيه خضوع المرأة المسلمة لديانتها التي تنتهك حقوقها الإنسانية، في حين كان اسم كتابها الذي نشر في عام 2005 'العاصية'، وفيه سردت سيرتها الذاتية، والذي لم يخل كذلك من مجموعة من الأكاذيب التي تثير عاطفة القارئ، وأهمها قصة إجبارها على الزواج بابن عمها المقيم في كندا وهروبها من هذا المصير إلى هولندا، وهي القصة التي اعتمدت عليها في الحصول على الجنسية الهولندية، غير أن ما أظهره برنامج تلفزيون أجرى تحقيقا عن حياة 'آيان' الماضية، اكد كذب النائبة الأكثر إثارة للجدل في هولندا·
أظهر البرنامج أن قصة 'آيان' حول إجبارها للزواج مفبركة ومحض افتراء، وهو ما دفع وزيرة الهجرة 'ريتا فردونك' إلى الإعلان أن 'آيان حيرسي' فقدت جنسيتها الهولندية لأنها منحت الجنسية عام 1997 بموجب معلومات كاذبة'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©