الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... مصدر انقسام بين السود

21 يونيو 2011 21:23
أوباما كان واحداً من تلك النقاشات المعزولة المقتصرة على السود التي لا تستأثر عادة باهتمام وسائل الإعلام، حتى في الأيام التي تعرف شحاً في الأخبار. ولكن بفضل الشخصية غير المسبوقة لأوباما، أشهر رجل أسود في التاريخ الحديث، فإن هذا النقاش كان ساخناً جداً. فخلال الشهر الماضي، وفي حوار مع "كريس هيدجز" على موقع Truthdig.com، وجه "كورنل ويست"الأستاذ بجامعة برينستون، انتقادات لاذعة لأداء أوباما الرئاسي حتى الآن. وكان كلام "ويست" ينضح بمشاعر استياء كانت تغلي منذ أشهر. وبشكل خاص، انتقد ما اعتبره تواطؤاً من جانب الرئيس الأسود مع أجندة النخب البيضاء الغنية، واصفاً أوباما بأنه "دمية سوداء" بالنسبة لـ"وول ستريت"، ومتهما إياها في إحدى التصريحات بعدم التصرف كـ"رجل أسود حر". الانتقادات أثارت رداً سريعاً ومزدرياً من زميلة "ويست" في جامعة برينستون وكاتبة العمود بمجلة "ذا نايشن"، الأستاذة "مليسا هاريس بيري"، التي وصفت شكاوى "ويست" بأنها شخصية في المقام الأول، وليست سياسية، أثارتها أشياء مثل عدم رد أوباما على اتصالات البروفيسور الهاتفية بسرعة. وذهبت إلى ما أبعد من ذلك، حيث تساءلت ما إن كانت حياة اليسر والرخاء التي يعيشها كأستاذ بجامعة عريقة ومرموقة مستحقة أكثر مقارنة مع حياة أوباما. ثم أدلى السود على المجال الافتراضي وأماكن أخرى بدلوهم في الموضوع وإن شعر بعضهم بالقلق والحرج لـ"نشر الغسيل "أمام الملأ بين اثنين من أشهر المثقفين السود في البلاد، حيث رموا بثقلهم مرجحين كفة هذا الجانب أو ذاك. ولكن الانقسام الحقيقي ليس بين "ويست" وأوباما أو "ويست" و"هاريس بيري"، بل بين استراتيجيتين قديمتين تبناهما الزعماء السود على مر التاريخ لضمان بقاء واستمرار السود في أميركا: القومية السوداء والاندماج. فأما الاندماج، فيتمثل في ضرورة أن يطالب السود بمكانهم ضمن التيار العام الغالب حتى يكونوا ناجحين. وأما القومية، فتتمثل في أن نجاح السود يبدأ (وينتهي ربما) مع بناء وصيانة وحدة الجماعة. ومما أثار هذه الزوبعة الأحدث سؤال يعد من التابوهات كان وراء التصريحات التي وردت على لسان "ويست" الغاضب: ما هي الفائدة التي جلبها لنا أوباما؟ ضمير الجمع هنا يعود إلى الجماهير السوداء التي تعد جزءاً أساسياً وتاريخياً من الطبقة العاملة الأميركية والفقراء الذي ينتصر لهم "ويست" دائماً. ورغم أنها انتقدت "ويست" لهجومه الشرس على أوباما الشهر الماضي، فإن "هاريس بيري" لا تختلف في الحقيقة مع رأيه بشأن المشهد الاجتماعي. ذلك أن دفاعها عن أوباما يشمل أيضا رأيا يتقاسمه العديد من السود – أن الرئيس، ولئن لم يكن مثاليا، فإنه يعرقَل من قبل حركات "اليمين" المنظَّمة التي تعود جذور معارضتها التلقائية له إلى العنصرية. والواقع أن "ويست" محق بشأن عدم استعجال أوباما بشأن مشاكل السود. كما أن "بيري" محقة بشأن عمق وقوة المقاومة التي يواجهها أوباما نفسه. إلا أنه من الصعب فهم المزاوجة بين هاتين الحقيقتين معا: ذلك أن أوباما هو في الوقت نفسه الممسك بزمام الأمور والسياسي الأسود الذي يواجه العرقلة من قبل النظام الذي يشرف عليه. وبشكل عام، يمكن القول إنه القامع والمقموع في الوقت ذاته. وهذه الحقيقة الجديدة الغريبة تبدو مثل اصطدام المادة مع المادة المضادة، شيء لا يفترض أن يحدث أبدا؛ والسود، ناهيك عن وسائل الإعلام، لا يعرفون عموما كيف يفهمون ذلك. ولكن "ويست" و"هاريس" و" بيري" على الأقل يُدخلان في الوعي الجماعي واقعاً عرقياً معقداً. ذلك أنه بعد انهيار "الفهود السوداء" و"القوة السوداء"في السبعينيات، غدا الاندماج استراتيجية النجاح بالنسبة للسود، لعدم وجود خيارات أخرى. وكانت النتيجة أن حدث الاندماج - النجاح المالي والتعليمي تحديداً - بالنسبة لبعض السود، ولكنه لم يكن في متناول عدد كبير من السود الآخرين. فالأرقام والإحصائيات الهائلة بشأن معدلات السجن، ونقص المدارس، وتفشي الفقر... تصف مواطنين مازالوا أبعد ما يكونوا عن الاندماج، مواطنين مازالوا يعيشون كدولة منفصلة. وذاك سبب إضافي يجعل السود يتوقون لرؤية أوباما كمتعاطف معهم على الأقل وواحد منهم، وليس كجزء من اللامبالاة المؤسسية التي أثبتت أنها مضرة بالسود تماما مثل التمييز العنصري ضد السود. ولكن أوباما هو نتيجة مؤسسات. فهو ابن محظوظ من الطبقة الوسطى ولد خلال المرحلة المؤيدة للاندماج، نجاحه يعود بشكل أقل إلى جهود تمكين السود منها إلى التمسك بعادات وقيم التيار العام السائد. والقومية السوداء، أو أي دعم واضح للوحدة السوداء أو العدالة العرقية، مخالفة ومناقضة تماماً لهذه القيم؛ ومما لا شك فيه أنها كانت ستحكم على أوباما بالفشل سياسياً. وهذا صحيح على الرغم من أنه من الناحية السياسية، فإن الرئيس مدين للسود قدر ما هو مدين لليهود أو أي مجموعة ناخبين أخرى صوتت له بأعداد كبيرة. وبغض النظر عن سؤال ما إن كان أوباما قادرا على القيام بشيء ما، فلنا أن نسأل: هل يمكن لمبدأي الاندماج ووحدة السود أن يتعايشا على مستوى القمة؟ وهل يمكنهما أن يتعايشا أصلا؟ الخوف الكبير غير المعلن بين العديد من السود، ومن بينهم ويست، هو أن يتضح لاحقا أن أوباما ليس سوى سياسي أسود آخر مخيب للآمال، سياسي يؤكد على احتياجات الأشخاص الذين في الأسفل، ولكنه لا يفعل شيئاً لتلبيتها في نهاية المطاف. وتلك أزمة من لون آخر في الحقيقة! إيرن أوبري كابلان محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©