الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أوبك ··· هل يقلقها ارتفاع أسعار النفط؟!

20 مايو 2006
تختلف الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار النفط وتتنوع إلى درجة أن المستويات التي تفوق 60 دولاراً للبرميل تبدو حتمية، بدءاً بارتفاع الطلب العالمي على الذهب الأسود وتأميم قطاع الطاقة في أميركا اللاتينية، وانتهاء بالأجواء المتوترة والمشحونة على خلفية برنامج إيران النووي·
والواقع أن كل هذه العوامل حقيقية ولها دور كبير في ارتفاع أسعار النفط إلى المستويات التي وصلت إليها اليوم· ولكن خلفها يقف عاملٌ كبير هو من الوضوح إلى درجة أننا لا ننتبه إليه كثيراً، ألا وهو منظمة 'أوبك'، إذ يرى بعض المحللين أنه لو لم تكن هناك تلك القيود التي تفرضها منذ عدة سنوات منظمة الدول المصدرة للنفط على الإمدادات النفطية، لكان سعر النفط اليوم أقل بكثير· وفي هذا الإطار، تقول 'إيمي مايارز جيف'، الخبيرة في شؤون الطاقة بـ'معهد بيكر للسياسة العامة' التابع لـ'جامعة رايس' في هيوستن: 'إننا نعيش في عالم توجد فيه منظمة نشطة في سوق النفط· غير أنه لو كان لدينا سوق نفط منفتح، لكان سعر النفط 15 دولاراً للبرميل فحسب'· والواقع أن ذلك رقم تقريبي يستند إلى تكلفة الإنتاج الحالية في الشرق الأوسط، وإلى مستويات الأسعار التي كانت معتمدة بالأمس القريب·
قد يختار خبراء آخرون رقماً أعلى مما أوردته 'جيف'، غير أن الرؤية السائدة في أوساط العديد من محللي النفط تتمثل في أن تلك الأسعار ارتفعت كثيراً إلى درجة أن مستوردي النفط باتوا يواجهون مستوى غير معتاد من حالة عدم اليقين أثناء قيامهم برسم سياسات الطاقة بالنسبة للمقبل من الأعوام· كما يرون أن القلق لا يستثني منظمة 'أوبك' نفسها· وفي هذا السياق، يقول 'جيمس سميث'، الخبير في إدارة النفط والغاز بـ'جامعة ساذرن ميثوديست' في دالاس: 'إن منظمة أوبك قوة غير تنافسية، وما من شك في أنها تتحكم في إمداد السوق بالنفط· ولكنني أعتقد أن أعضاءها قلقون إزاء مستوى 60 أو 70 دولاراً الذي تجاوزه سعر البرميل'·
ويطرح ارتفاع الأسعار تهديدين، إذ يمكن أن يدفع اقتصاد العالم نحو التباطؤ أو الركود، كما يمكنه دفع الدول المستهلكة إلى تقليص اعتمادها على النفط· ويعتقد العديد من المحللين أن 'أوبك' سعت إلى الإبقاء على أسعار النفط في حدود 22 دولاراً إلى 28 دولاراً للبرميل، رغم أن هذا الرقم ارتفع نظراً لرغبة الدول الأعضاء في جني أرباح كبيرة مع حرصها على ألا يدفع ذلك الاقتصاد العالمي إلى الركود·
والحقيقة أنه بالرغم من ارتفاع الطلب العالمي، فإن أعضاء المنظمة الأحد عشر مازالوا ينتجون كمية النفط نفسها التي كانوا ينتجونها سنة ،1977 وذلك استناداً إلى تقرير للكونغرس الأميركي أعده العام الماضي عالم الاقتصاد 'تيودور بول' من 'اللجنة الاقتصادية المشتركة' التابعة للكونغرس· وقد خلص التقرير إلى أن 'تكلفة الإنتاج في الشرق الأوسط هي أقل من 5 دولارات للبرميل، وحتى إذا أخذنا بعين الاعتبار المناطق حيث التكلفة مرتفعة، فإن الأسعار الحالية تعتبر مرتفعة جداً'·
وإذا كان البائعون يتنافسون في السوق، حيث التنافس على أشده، مع بعضهم بعضاً لإنتاج النفط وبيعه إلى المشترين وتحقيق الأرباح، فإن سياسات 'أوبك'، القائمة على تقييد قدرات الإنتاج، تسببت في ارتفاع الأسعار كما زادت من تقلباتها· ففي السوق العالمي الضيق الذي تتحكم فيه 'أوبك' بشكل كبير، نجد أنه على سبيل المثال، لا يستطيع أعضاء المنظمة، ولا أية دول أخرى، ضخ المزيد من النفط الجديد في السوق بسرعة، وهو ما يساهم في ارتفاع الأسعار·
وقد ارتكزت جيف من 'جامعة رايس' في التقدير الذي ذهبت إليه على تكلفة الإنتاج السائدة في كبريات الدول المنتجة للنفط، وعلى حقيقة أن تلك الأسعار هي التي كانت سائدة حتى عهد قريب، حيث كانت أسعار خام النفط تدور حول ذلك المستوى من نهاية الثمانينينيات إلى التسعينيات· والواقع أن دولاً أخرى رفعت حجم إنتاجها في السنوات الأخيرة، غير أنها تخشى الذهاب بعيداً في ذلك الاتجاه، كما أنها غير واثقة متى تقوم 'أوبك' بزيادة حجم الإنتاج، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار من جديد· والحال أن ثمة من المحللين من يرى أن 60 دولاراً للبرميل سعر منطقي بالنظر إلى ارتفاع الطلب على الذهب الأسود في آسيا وأماكن أخرى من العالم·
وبالإضافة إلى حصص الإنتاج التي تحدد بانتظام خلال اجتماعات منظمة 'أوبك' الدورية، ثمة قوة أخرى لا تسمح بالمنافسة ألا وهي التأميم· ففي فنزويلا، منحت أسعار النفط الزعيم 'اليساري' هوغو شافيز وسيلة لتنفيذ سياساته الشعبوية· وهو لا يستعمل 'سلاح النفط' كعصا، وإنما كجزرة حيث يعرض أسعاراً تفضيلية على عدد من البلدان بغية استمالتها وجلبها إلى حظيرته الأيديولوجية·
وقد أعلنت فنزويلا نهاية الأسبوع الماضي عن فرض ضريبة جديدة على شركات النفط الأجنبية، في مسعى إلى جمع حصة أكبر من عائدات النفــــط· وفي غضون ذلك، قامــــت بوليفيا بتأميم قطاعهــــا النفطي والغازي· وفي هذا السياق، يقول 'إي· إيف· ألحاجي'، المتخصص في اقتصاد النفط بـ'جامعة أوهايو نورذرن': 'إنه ليس ثمة من يراقب السوق'، ولكن 'ألحاجي' يرى أيضاً أن أشكالاً عديدة لتدخل الحكومة، مثل الضرائب والتقنين والإشـــــراف التام على القطــــاع، تؤثـــــر هي الأخرى سلباً على قوى الســـــوق·
مارك ترومبول
محرر في صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور'
ينشر بترتيب خاص مع خدمة 'كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©