الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقض سياسة أوباما.. مهمة مرشحي 2016

5 يوليو 2014 23:39
كاس سنشتاين أستاذ كرسي في كلية هارفارد للحقوق هنالك فكرة شائعة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية مؤداها أنه في أي وقت يصوّت فيه الناخبون الأميركيون لرئيس جديد للبيت الأبيض، فإنهم يختارون عادة الرئيس الذي تخلو أوصافه من الانتقادات الموجهة لمن كان قبله. وقد آثرت أن أطلق على هذه الظاهرة «فرضية الرئيس النقيض للرئيس الحالي». وقد يبدو مدى صحة هذه الفرضية من خلال المراجعة المتأنية للخصائص الشخصية للرؤساء الذين دخلوا البيت الأبيض خلال التاريخ الحديث الذي يبدأ بعيد نهاية الحرب العالمية الثانية وبالضبط منذ اختيار جون كنيدي خلفاً للجنرال دوايت آيزنهاور في عام 1960. وإذا تأكدت صحة هذه الفرضية بالفعل، فإنها توحي لنا بالتحديات والصعوبات الحقيقية التي يواجهها الحزب الديمقراطي عندما سيعمد إلى تسمية مرشحه للانتخابات المقبلة التي سيتم تنظيمها عام 2016. وربما تبقى هذه الفرضية صحيحة حتى لو وقع الاختيار على هيلاري كلينتون. وفي الأزمنة الراهنة، يبدو وكأن كل الانتخابات الرئاسية تكرّس هذه الفرضية. ففي عام 1960 قدم جون كنيدي نفسه في حملته الانتخابية على أنه النقيض للرئيس دوايت آيزنهاور. فقد كان جون كنيدي شاباً مفعماً بالطاقة والعنفوان، وكان يمثل صوت الجيل الجديد، وكلها صفات تتناقض مع شخصية آيزنهاور العسكرية الصارمة وتوجهاته المرتكزة على أساس تحقيق المصالح العليا لأميركا في بقاع العالم المختلفة، والغارق في السياسة حتى النخاع. وهو الذي نزل البيت الأبيض بين عامي (1951 و1963) وكان قد بلغ عامه الثالث والستين. وعندما جاء دور ريتشارد نيكسون، بدا وكأنه يكرّس المظهر القانوني البحت لسلطة الدولة بخلاف سلفه ليندون جونسون (الذي كان نائباً لجون كنيدي وتسلم مقاليد السلطة بعد ساعات قلائل من اغتياله في شهر نوفمبر من عام 1963) حيث اتهمه المنتقدون والمحللون بأن سياسته المتطرفة كانت كافية لإطلاق العنان للقوى الاجتماعية المتناحرة في الشارع الأميركي، ما أدى إلى اندلاع التظاهرات وأعمال العنف التي هددت السلم الاجتماعي في الولايات المتحدة كلها. وجاء دور جيمي كارتر الذي اشتهر بعمله كمزارع للفول السوداني في ولاية جورجيا، وكان نموذجاً للاستقامة والتكامل في الأداء السياسي على النقيض من سلفه الأسبق ريتشارد نيكسون ذي الصيت السياسي غير النظيف وصاحب فضيحة «ووتر جيت». وقد حل بينهما جيرالد فورد. وتفوق الممثل السينمائي رونالد ريجان الذي دخل البيت الأبيض وظل فيه بين عامي 1981 و1989، على سلفه المباشر جيمي كارتر بالدقة في الأداء والتروّي في إطلاق الأحكام والحساب المتأني للأمور، وكان صاحب قرار، ميّالاً بطبعه إلى التفاؤل، وشديد الاهتمام بحماية المصالح العليا للولايات المتحدة. وعندما وصل بيل كلينتون إلى الحكم رفع شعار «الشعب أولاً». وكان يعني بذلك أن مصالح الشعب الأميركي يجب أن تحظى بأولوية الاهتمام على مصالح أميركا الخارجية، وعكس شخصية سلفه بوش «الأب» من حيث كونه صعب المراس، يفتقد رقّة الجانب. وقد برزت نقاط التناقض بشكل أوضح بين بيل كلينتون وخلفه بوش (الابن) الذي تسلم سدة الحكم ليعلن عن مشروع يهدف بالدرجة الأولى لإعادة الاحترام والهيبة لمنصب الرئاسة. وعندما تم ترشيح أوباما للرئاسة خلفاً له عام 2008، تركزت حملته الانتخابية على انتقاد التورط الأميركي في حرب العراق، وهو الخطأ الجسيم الذي وقع فيه بوش الابن وكلّف الأميركيين المبالغ الطائلة والأعداد الكبيرة من القتلى. ويمكن لهذه الأمثلة أن تفسر السبب الذي يجعل الناخبين الأميركيين أكثر ميلاً لدعم مرشح الرئاسة الذي يحمل الصفات النقيضة للرئيس الذي أقام قبله في البيت الأبيض. وعلى رغم أن «فرضية الرئيس النقيض للرئيس الحالي» هي الأكثر بروزاً في توجهات الناخبين الأميركيين عادة، إلا أن نقطة ضعفها تكمن في أنها تقارن بين عيّنة قليلة العدد من الرؤساء الأميركيين لا تتعدى الفائزين منهم في الجولات الانتخابية الثماني التي تم تنظيمها منذ عام 1960. ولعل من غرائب هذه المقارنات والمفارقات بين الرؤساء السابقين واللاحقين الذين يدخلون البيت الأبيض ما لوحظ من أن الرئيس الجديد عادة ما يكون أصغر عمراً، وشعره أكثر ميلاً للسواد من سلفه بالرغم من أن من العسير علينا أن نحكم على ما إذا كان بياض أو سواد شعر الرأس يمكن أن يمثل حكماً فيصلاً على النجاح أو الفشل في إدارة البيت الأبيض أو في الانتخابات الرئاسية ذاتها. وحتى على ضوء هذه المقارنات المقنعة إلى حد ما، لا يمكننا أن نأخذ بفرضية «الرئيس الجديد النقيض لسلفه» باعتبارها تمثل حقيقة مطلقة لا مراء فيها على رغم أنه ربما لا يجوز إسقاطها أو إغفالها من الحساب في الوقت ذاته. وعندما تنخفض شعبية الرئيس الأميركي في ولايته الثانية (مثلما هي حال الرئيس أوباما)، فقد يتجه المصوّتون من ذوي الآراء المتقلبة سريعة التغير على الاهتمام بالمرشح المقبل ذي المواصفات النقيضة للرئيس المنتهية ولايته. ويمكن الأخذ بهذه الفرضية باعتبارها تمثل إشارة تنبيه وإنذار لمرشحي الحزب الديمقراطي في انتخابات عام 2016 بمن فيهم هيلاري كلينتون، كما أنها تمثل منهجاً ينبغي على الديمقراطيين الانتباه إليه عند اختيارهم مرشحهم للاستحقاق الرئاسي المقبل. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©