الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زواج المعاق ذهنياً وسيلة فعالة لرعايته وجلب المصلحة له

زواج المعاق ذهنياً وسيلة فعالة لرعايته وجلب المصلحة له
16 سبتمبر 2010 22:18
طالبت دراسات متخصصة في مجال التربية الخاصة للمعاقين ذهنياً بتيسير زواج المعاق من الفتيات السليمات عقلياً. كما أجازت بعض الفتاوى زواج المعاق ذهنيا من فتاة سوية. غير أن البعض اعتبر هذا الزواج مثيرا للعديد من المآسي والمشكلات أهمها رفض الأسر القبول بالزوج المعاق، وفى كثير من الحالات يتم قبول الزوج المعاق ذهنيا بسبب الطمع في ماله وثرائه وحسبه ونسبه على حساب الفتاة أو خوفا من بطش عائلته فيتم إكراه الفتاة على قبول الزواج ومن مآسيه الخوف من احتمال انتقال الإعاقة إلى أبناء المعاقين. إباحة الزواج للمعاقين وأفتى الدكتور علي جمعة- مفتي الديار المصرية- بإباحة الزواج للمعاقين ذهنيا قياسا على إباحة الشريعة الإسلامية الزواج للمجنون، لما فيه من مصلحة للمعاق الذي يشعر بالشهوة والعاطفة والمحتاج إلى سكن ونفقة ورعاية مثل بقية الناس، مع زيادته عليهم باحتياج في بعض النواحي التي مرجعها لحياته الخاصة. وأكد أن من حق المعاق ذهنيا أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوفرة، موضحا أن الشريعة الإسلامية أباحت زواج المجنون من مجنونة، وبالتالي يكون زواج المعاق إعاقة عقلية بسيطة جائزا من باب أولى، ولا حرج فيه ما دام محاطا بالحرص على مصلحته محفوفا برعاية منافعه. وقال الأصل أن القائم على رعاية المعاق ذهنيا تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة دائرة معها، فإن كان الزواج في مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية، فلا يجوز شرعا الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات والروابط التي تنظم حياة هؤلاء المعاقين. وشدد على أن تأخير زواج المعاقين ذهنيا وتأخير جلب المصلحة لهم، اذا توفرت مقوماتها، فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب على الظن حصوله للمعاقين، مؤكدا أن من يقوم بتحديد المصالح البدنية والنفسية من هذا الزواج هم الأطباء المتخصصون، وعند الاختلاف والنزاع في كون الزواج مصلحة للمعاق من عدمه يتم اللجوء للقضاء لرفع هذا النزاع. وقال إن هناك فرقا بين الزواج والإنجاب، فالزواج فيه أنس ورحمة ومودة وتعاون ومصاهرة ومعان سامية كثيرة، ولو كان الإنجاب ضروريا لازما مرتبطا كليا بالزواج، ما صح زواج الآيسين أو العقماء، مؤكدا أن عدم الإنجاب أو تأخيره أو تحديده يدلي فيه الخبراء وأهل الاختصاص بدلوهم بحسب المصلحة لكل حالة علي حدة. أمر ظني يقول الدكتور صبري عبدالرؤوف -أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- إن الشريعة الإسلامية جعلت للزواج أركانا وشروطا ومن أهمها وجود الولي والشهود العدول، وأن يكون الزوج والزوجة ليسا من المحارم، مضيفا أن الفقهاء اتفقوا أيضا على أن الزواج الصحيح هو الذي يقوم على السكون النفسي والمودة والرحمة عملا بقوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة». وقال إن الإنسان إذا كان مريضا ما دام المرض لم يمنعه من المعاشرة الزوجية فله الحق في الزواج حتى وان كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن المعاقين لهم متطلباتهم ورغباتهم ولا فرق بين ذكر وأنثى. وأوضح أن الطبيعة البشرية تقتضى أن يميل كل جنس إلى الآخر من أجل التناسل والتكاثر فإذا رغب أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة أيا كانت حالته في الزواج فعلينا إن نمكنه من ذلك لعله يجد في زواجه أنيسا ورفيقا في حياته، وإذا كان البعض يرى أن مثل هذا الزواج لن يحقق السكون النفسي وما يترتب عليه فإننا نقول له إن الله سبحانه وتعالى يقول: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا». ويضيف أن الفقهاء اتفقوا على أن فاقد العقل إن رغب في الزواج زوجناه ومن يتكفل بالإنفاق عليه ورعايته يتكفل بالإنفاق على زوجته ورعايتها لأن أمثال هؤلاء لا يمكن أن يعيشوا بمفردهم، بل هم في حاجة إلى عون. ويؤكد أن الخوف من أن يكون ثمرة هذا الزواج إنجاب أبناء ليسوا بأسوياء وما يترتب عليه من انتشار ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع أمر ظني يحتمل أن يكون أو لا يكون ونحن ننظر إلى مصلحة المجتمع ومصلحة أبنائه وتحقيق الأمن والأمان لأبناء المجتمع حتى لا نجد فيه انحرافا أو اعوجاجا أما ما يكون غير ذلك فمرجعه إلى الله سبحانه وتعالى وكل شيء عنده بمقدار. تحريم السخرية من جانبه يقول الدكتور أحمد محمود كريمة- الأستاذ بجامعة الأزهر- إن الإسلام ينظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة سواء كانت عقلية أو جسدية نظرة رعاية وعناية. انطلاقا من مبدأ عموم التكريم لبني آدم من دون اعتبار أو معتقد أو لون أو صحة أو مرض. قال الله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» 70 الإسراء، وخص الإسلام المعوقين وأصحاب العاهات بمزيد من الرعاية والاهتمام. ويوضح أن القرآن الكريم جعل الإعاقة أو العاهة بلاء يؤدي بالمبتلي الصابر إلى الجنة، يقول الله سبحانه:»إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب» 10 الزمر، وجعلت الشريعة الإسلامية الإعاقة كالعمى وقطع أو نقص بعض الأعضاء كالأقطع والأشل وما ماثل ذلك من الأعذار المبيحة للتخفيف والتيسير في الأحكام الفقهية العملية مثل الترخص في التخلف عن الجهاد في سبيل الله تعالى الذي قال في محكم آياته: «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج» 17 الفتح. وقال إن عظمة الإسلام تتجلى في حدبه على أصحاب العاهات والمعاقين ذهنيا وتقريره للعديد من الأحكام المخففة التي تيسر عليهم في أداء العبادات كالطهارات وكيفية أداء الصلوات فأصحاب العاهات يؤدون المقدور لهم وفق طاقاتهم في الوضوء والغسل والصلاة من قيام أو قعود، والأصل في هذا قوله تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها « 286 البقرة، وقوله- صلى الله عليه وسلم: « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»، وعدم حضور الجماعات في الصلوات لغير الأعمى كالمقعد، والإنابة في الحج للعاجز عن أداء بعض شعائره كرمي الجمرات، أو الطواف والسعي جالسا، أو سقوط الحج ابتداء ممن لا يمكنه الوصول إلى مكة لفقد شرط صحة البدن، والصور والأمثلة فيما سوى ذلك كثيرة غزيرة مستفيضة في المصنفات الفقهية المعتمدة. ويؤكد أن حقوق أصحاب العاهات والمعاقين ذهنيا في الإسلام تتضمن تحريم السخرية والاستهزاء منهم وبهم، مصداقا لقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم» 11 الحجرات، مضيفا أن الله- جل شأنه- عاتب رسوله محمدا -صلى الله عليه وسلم- لإعراضه وعبوسه مرة في وجه عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه- حينما قطع كلامه مع أكابر قريش «عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى» 1-4 عبس. ويقول إن الإسلام أوجب رعاية المعوقين ماليا من بيت مال المسلمين حتى لو كان المعوق غير مسلم كما فعل عمر- رضي الله عنه- مع المعوق الفقير اليهودي، وحرم وجرم الإسلام قتلهم في المعارك الحربية. وأضاف انه يجوز زواج المعاق ذهنيا، متى رضي الطرف الآخر بإعاقته وكان مطلعا عليها، لأن في هذا الزواج تحقيقا لمصلحته تتمثل في سد احتياجاته العضوية والنفسية، وهذا من أصول رعاية المعاق ومساعدته على ممارسة حياته بأقرب صورة إلى الحالة الطبيعية للإنسان. قصور في الإنجاب وفي الإطار نفسه يؤكد الدكتور محمود الضبع- أستاذ التربية والدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس- أن درجات الإصابة بالإعاقة الذهنية ليست واحدة بالنسبة للأشخاص فهناك إعاقة عقلية بسيطة ومتوسطة وعميقة أو خطيرة، موضحا أن هناك فئة من المعاقين ذهنيا تسمح لهم حالتهم بالقدرة على الزواج، وهم المعاقون ذهنيا بدرجة بسيطة فقط، بينما يوجد من تمنعه إعاقته من الزواج أصلا. ويحذر من خطورة أن يكون الطرفان معاقين عقليا من الدرجة الخطيرة، وقال إن الإقدام على تزويج أصحاب الإعاقة الذهنية العميقة والخطيرة يجلب الكثير من المشاكل النفسية والمجتمعية التي تحقق الضرر الفادح وتنتفي معه الفائدة من الزواج. ويضيف انه يجب أن يتم زواج أصحاب الإعاقة الذهنية بعد استشارة المتخصصين من الأطباء الذين لديهم قدرة على تحديد درجة الإعاقة، وأن يكون تحت إشراف الأهل ورعايتهم، ومن المهم إجراء تحاليل وفحوص قبل الزواج وعند حدوث الحمل وأثنائه والتأكد من حالة الجنين وما إذا كان يحمل إعاقة. ويوضح أن الدراسات العلمية تشير إلى أن أغلب المعاقين يعانون قصورا في الإنجاب، ولكن هناك فئة منهم لديها القدرة على الإنجاب، مضيفا أن أصحاب الإعاقات العميقة أو الخطيرة هم الذين ليست لديهم قدرة على الإنجاب إلا في حالات نادرة جدا تكاد تكون معدومة، ولكن في حالة زواج المعاقين ذهنيا سواء من أصحاء أو من معاقين مثلهم إعاقة بسيطة فلا يمكن الجزم بان أولادهم سيولدون معاقين مثلهم، وأننا سوف نحصل على جيل ثان من المعاقين ذهنيا لان هذا الموضوع تتدخل فيه عوامل وراثية وأشياء أخرى كثيرة لا يمكن التنبؤ بها.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©