مسرحية «عجيب غريب» ترصد تشوش منظومة القيم في المجتمع

تواصلت مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة عروض المسرحية الكوميدية الاجتماعية «عجيب غريب» والتي دشنت عروضها في أول أيام عيد الفطر المبارك وتستمر ثمانية أيام، برعاية وتنظيم مجموعة مسارح الشارقة وبحضور جماهيري كبير ومتواصل منذ اليوم الأول لعرض المسرحية. المسرحية من إخراج وإنتاج الفنان أحمد الجسمي ومن تأليف الكاتب جمال سالم، ويشارك بها نخبة من الممثلين المحليين وهم أحمد الجسمي ومرعي الحليان وسعيد بتيجا وموسى البقيشي وجمعة بن علي وعبدالرحمن الزرعوني ومنصور الفيلي والممثل المصري نصر حماد بالإضافة إلى الممثلات صوغة وأمل محمد ومروة راتب. حاول الجسمي ومعه المؤلف جمال سالم ومنذ المشهد الأول في المسرحية التي استمرت ثلاث ساعات أن يخلقا حالة من الفرجة المسرحية التي تجمع بين كوميديا الموقف والتعليقات والقفشات المضحكة وبين النقد الاجتماعي لقضايا وإشكالات يعاني منها المواطن البسيط الذي يتعرض لضغوط حياتية مختلفة ولكنه لا يستطيع الوصول لخلاص أو لحلول ناجعة وسط تركيبة اجتماعية مقلقة ومشوشة لهوية وهوى هذا المواطن، بالإضافة إلى غياب قنوات التواصل بين هذا المواطن وبين المسؤولين، وطرحت المسرحية قضايا أخرى حول تشوش منظومة القيم في المجتمع المحلي الحديث مقارنة بالمجتمع القديم وكذلك بقاء واستمرارية بعض القيم والعادات الدخيلة والسلبية في نسيج وثنايا هذا المجتمع. واستثمرت مسرحية «عجيب غريب» نجاح المسلسل الرمضاني الذي حمل نفس العنوان لموسمين متواصلين، كي تعيد إحياء المسرح الجماهيري أو المسرح التجاري ــ كما يسميه البعض ــ من أجل إنعاش تقليد مسرحي قديم بات مفقودا في المشهد المسرحي المحلي والذي طغى عليه لفترة طويلة المسرح النخبوي والفني في ظل الاهتمام الإعلامي الكبير الذي رافق المهرجانات المحلية التخصصية وأهمها مهرجان أيام الشارقة المسرحية وغيرها من المهرجانات التي حاولت تقديم أنماط وأساليب مسرحية معاصرة وحديثة. ناقش الجزء الأول من المسرحية قضية الانقطاع المتكرر للكهرباء وتأثير هذا الانقطاع على إيقاع الحياة اليومية للمواطن (غريب) ــ أحمد الجسمي ــ الذي يعيش مع عائلته في شقة بسيطة ويعيش معه في ذات البناية العديد من الجنسيات التي تسبب له بعض المشكلات والمواقف المحرجة والمضحكة في آن، ومن خلال التركيز على تبعات هذه المشكلة المستعصية يستغل الفنان جمعة بن علي ــ في دور زوج ابنة غريب ــ طاقته الأدائية والكوميدية العالية كي يبرز مفارقات وتقلبات الحالة الأسرية المربكة بعد سفر زوجة غريب للخارج هربا من حرارة الطقس والانقطاع الطويل للكهرباء، من جانب آخر يدخل أقرباء غريب (سهيل ) و (عبيد) ــ سعيد بتيجا وموسى البقيشي ـــ في سجالات ونقاشات كوميدية مع غريب للوصول إلى حل نهائي لمشكلة الكهرباء ولكن انقطاع قنوات الاتصال مع المسؤولين يزيد ويعمق من حجم المشكلة. وفي الجزء الثاني من العرض تبرز مشكلة أخرى لعائلة غريب عندما يتم العثور على جثة شخص آسيوي داخل البناية، حيث يتم استجواب عائلة غريب واستجواب جيرانه من قبل المحقق الذي يقوم بدوره الفنان عبدالرحمن الزرعوني، ومن خلال تناقضات مشهدية وشكوك واتهامات متبادلة بين الجميع، تطرح المسرحية قضية تداخل الهويات في مكان واحد، وأثر هذا التداخل في صياغة وتكوين أوضاع وحالات خطيرة ومقلقة للسوية الاجتماعية والعائلية في المجتمع.