حسام محمد (القاهرة)
قبل عدة أعوام كان الأوكرانيون عندما يقول لهم أحد المسلمين إنه صائم لا يفهمونه ، فهم لا يعرفون لكلمة الصوم مرادفاً، ولكن اليوم وبعد انتشار الدعوة الإسلامية بكثافة في الداخل الأوكراني أصبح كل الأوكرانيين تقريباً يعرفون أن هناك شهرا يصوم فيه المسلمون عن الطعام والشراب من بزوغ الفجر حتى غياب الشمس، وهم يحترمون ذلك الطقس جيداً حفاظاً على علاقتهم بالمسلمين الأوكران.
يقول الشيخ أحمد تميم مفتي أوكرانيا إن المسلمين الأوكران يستقبلون شهر رمضان بسعادة بالغة، ففور رؤية الهلال من خلال إدارة الإفتاء الأوكرانية نبدأ بتنظيم احتفال صوفي في اتحاد المنظمات الإسلامية، حيث يتبارى المسلمون لحضور تلك الاحتفالية التي تبدأ بآيات القرآن الكريم ثم تصدح الأصوات المتميزة بالأناشيد الإسلامية الجميلة التي تتناول روحانية الشهر الفضيل.
تعارف وتآلف
ويضيف الشيخ تميم وهو من أصل لبناني، أن عدد المسلمين الآن في دولة أوكرانيا يقترب من المليونين وكان الصيام منذ سنوات أمراً جديداً على الناس هنا والآن أصبح مألوفاً ومحبباً لدى الجميع وازداد التعارف والتآلف والتعاضد بين القوميات المختلفة وبين المسلمين . فرغم تعدد القوميات والعرقيات في أوكرانيا والتي يزيد عددها على أكثر من عشر قوميات منها العربية والروسية والأوكرانية والقرم والداغستانية وغيرها، فإنهم بفضل الله أصبحوا نسيجاً واحداً ورمضان فرصة طيبة يسعى المسلمون من خلاله لتفعيل الدعوة الإسلامية من خلال العلم والتعلم وقراءة القرآن وفهمه وتفسيره وحفظه .
ولا يقتصر نشاط مفتي أوكرانيا على كييف فقط بل يمتد إلى باقي المدن والقرى.
إفطار جماعي
ويتابع المفتي الأوكراني أننا ننظم حفلات إفطار جماعي والطريف هنا أن كل قومية تنظم يوماً رمضانياً، حيث تأتي بالأطباق والأكلات التي تميز بلادها ويحضر مندوبون من كل القوميات الإسلامية الأخرى ويعقب تلك المائدة الرمضانية ندوة دينية نجيب فيها على أسئلة المسلمين ولمن لا يعرف، فإن مسلمي أوكرانيا ينظرون إلى الإسلام نظرة حب وتقدير ولا سيما في المناسبات الدينية ولديهم شوق إلى الدين بعد سنوات طويلة من الحرمان والاضطهاد الديني، حيث نقوم بإحياء ليال رمضانية تبدأ بصلاة التراويح وتعقبها ندوات تستمر حتى ينصرف الناس لتناول وجبة السحور ويعودون لأداء صلاة الفجر والحمد لله نحن نشهد باستمرار تزايد إقبال المسلمين على إحياء الليالي الرمضانية في أوكرانيا.
ويشير إلى أنهم يقومون أيضاً باستضافة مشاهير القراء من العالم العربي لإحياء تلك الليالي الرمضانية وفور وصول هؤلاء تمتلئ المساجد عن آخرها بعشاقهم من المسلمين الأوكران الذين جاؤوا من كل حدب وصوب للاستماع إلى القرآن الكريم بأصواتهم.
قوميات مختلفة
ويلفت إلى أن أوكرانيا تقع وسط أوروبا وعدد سكانها 63 مليون نسمة يتكونون من خليط من القوميات المختلفة ويزيد عدد المسلمين عن مليوني مسلم، وفي العاصمة كييف وحدها 45 ألف مسلم، وقد حصلت جمهورية أوكرانيا على الاستقلال سنة 1990، وفي سنة 1993 تأسست أول إدارة دينية لمسلمي أوكرانيا، وقد استمر الوجود الإسلامي في هذا البلد نظراً لوجود قوميات مسلمة مثل التتار الذين كانوا يحافظون على هويتهم الإسلامية تحت غطاء الحفاظ على العادات والتقاليد، فكانوا يحفظون القرآن ويؤدون واجباتهم الدينية سراً، لكن بعد الاستقلال وخصوصاً بعد أن أصبحت للمسلمين إدارة دينية تعمل بقواعد معترف بها من طرف القوانين الأوكرانية عملنا على جمع شمل المسلمين من جميع القوميات واهتممنا بإظهار الشعائر عن طريق فتح المصليات والمقابر الإسلامية، كما أولينا أهمية خاصة بتغيير نظرة المجتمع الأوكراني غير المسلم للمسلمين من خلال إلقاء المحاضرات وطباعة بعض الكتب باللغة الروسية والحمد لله أصبحت لدينا الآن مدرسة للبنين والبنات وهي الأولى في المنطقة التي تعمل على تدريس التربية الإسلامية في هذه المجتمعات، ولدينا معهد لتعليم العلوم الشرعية، وأخذنا موافقة لبناء أول مسجد في العاصمة كييف، وهو الأول بعد 103 أعوام على بناء آخر مسجد قبل العهد الشيوعي.
عدد اليوم
