الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلغاء الاتفاق النووي الإيراني.. تساؤلات جوهرية

10 أكتوبر 2017 21:34
في وقت لاحق من هذا الأسبوع، من المتوقع أن يعلن الرئيس دونالد ترامب قراره بـ «إلغاء» الاتفاق النووي الإيراني، قائلاً إن هذا الترتيب ليس في مصلحة الولايات المتحدة، واستعد العالم لهذا القرار منذ فوز ترامب في الانتخابات في شهر نوفمبر، وكان ترامب سخر مراراً وتكراراً من اتفاق إيران ووصفه بأنه اتفاق فاشل وأحمق وواحد من أسوأ الاتفاقات التي رآها، بيد أن «الإلغاء» لن يقتل الاتفاق تلقائياً، فالأمر أكثر تعقيداً من هذا. وفيما يلي نستعرض ما قد يفعله ترامب، وكيف سيتطور ذلك على الصعيدين المحلي والدولي. لماذا يريد ترامب إلغاء الاتفاق؟ وزير الدفاع الأميركي ورئيس هيئة الأركان المشتركة أعربا الأسبوع الماضي، عن تأييدهما للاتفاق خلال جلسة أمام الكونجرس، بيد أن الرئيس ترامب وإدارته يقولون إن إيران لا تتبع روح الاتفاق، وهو ما يرونه عدم امتثال واقعياً، وقال وزير الخارجية ريكس تيلرسون ومسؤولون غيره إن إيران لم تساهم بشكل إيجابي في إرساء السلام والأمن الإقليمي والدولي، وهي «توقعات» تتضمنها ديباجة الاتفاق، وقد لاحظوا أن إيران ما زالت تؤيد الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» و«حماس» وتدعم الميليشيات في سوريا واليمن، كما تواصل إيران اختبار الصواريخ الباليستية، وهو الأمر الذي يثير غضب الولايات المتحدة. ماذا يعني «الإلغاء» في الواقع؟ يطالب الكونجرس الرئيس الأميركي بالتصديق كل تسعين يوماً على أن إيران تمتثل ببنود الاتفاق، وفعل ترامب ذلك مرتين، وآخر موعد للتصديق القادم هو 15 أكتوبر، لذا فإن مسؤولو الإدارة يقولون إن ترامب سيعلن أنه قرر إلغاء الاتفاق، ويشير إلى أنه ليس في مصلحة الأمن القومي الأميركي أن يستمر هذا الاتفاق، وهذا في حد ذاته لن يعني الكثير إذا كانت الولايات المتحدة لا تفرض عقوبات جديدة، فإنها لا تنتهك، من الناحية الفنية، التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق. ومن المثير للاهتمام، أن الإدارة كان من الممكن أن تختار أن تقضي على الصفقة من تلقاء نفسها، دون مساعدة الكونجرس، وكل 120 يوماً، تصدر الإدارة تنازلات لمنع إعادة فرض العقوبات القديمة، فإذا تخطينا هذه الخطوة، فإن الإدارة بإمكانها استئناف العقوبات من جانب واحد في شهر يناير المقبل، وآثر الرئيس ترامب عدم القيام بذلك، وفسر زميل في صحيفة «واشنطن بوست» هذه المناورة باعتبارها «حلاً وسطاً من نوع ما بين ترامب، الذي يريد منذ فترة طويلة الانسحاب من الاتفاق تماماً، والعديد من قادة الكونجرس وكبار المستشارين الدبلوماسيين والعسكريين ومستشاري الأمن القومي، الذين يقولون إن الصفقة تستحق الحفاظ عليها مع إدخال تغييرات إن أمكن ذلك». هل من الممكن أن يقرر الكونجرس إعادة فرض العقوبات؟ إذا ألغى ترامب الاتفاق، سيكون أمام الكونجرس 60 يوماً لاتخاذ قرار حول ما إذا كان سيعيد فرض العقوبات على إيران، وهي العقوبات التي كانت معلقة في مقابل قيام طهران بتجميد برنامجها للأسلحة النووية. وهذا يبدو غير مرجح للغاية، فالكونجرس سيكون بحاجة إلى 51 صوتاً لفرض هذه العقوبات، ولكن الأمر لا يبدو وكأن «الجمهوريين» لديهم التأييد الذي يحتاجون إليه لدفع شيء كهذا، وكما ذكرت «واشنطن بوست»، فإن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل» لا يريد إضافة قضية خلافية أخرى إلى الأنشطة التشريعية المقررة، لا سيما مع قرب إجراء انتخابات التجديد النصفي. وقال أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون «جيف فليك» و«جون ماكين» و«سوزان كولينز» أيضاً إنهم ليسوا متأكدين من أنهم سيصوتون بشأن العقوبات. وقال السيناتور «راند بول» ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب «إدوارد رويس» (كاليفورنيا) إنهما لا يعتقدان أن ترامب يجب أن يتراجع عن الاتفاق، ويبدو أن «الديمقراطيين» عموماً يعارضون فرض عقوبات جديدة. وبالنظر إلى ذلك، من الصعب تخيل أن «الجمهوريين» يحشدون الأصوات التي يحتاجون إليها لفرض أي عقوبات خطيرة. ما الذي يحاول الرئيس تحقيقه؟ حتى العديد من مؤيدي الإلغاء لا يعتقدون أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة فرض عقوبات، وهم يعتقدون أن إدارة ترامب بإمكانها استخدام العملية كوسيلة لإقناع الحلفاء الأوروبيين بالانضمام إلى الولايات المتحدة في الدعوة إلى إبرام اتفاق أكثر قوة مع إيران، وفي خطاب أمام مجلس العلاقات الخارجية الأسبوع الماضي، حدد السيناتور «توم كوتون» (جمهوري - أركانساس) الشكل المحتمل للاتفاق، ودعا إلى إصدار مشروع قانون يلغي «شروط الآجال المحددة» بالنسبة لرفع القيود المفروضة على بعض الأنشطة النووية الإيرانية بعد عدة سنوات، كما يود أن يرى عمليات تفتيش أكثر صرامة وقيوداً جديدة على برامج إيران للصواريخ الباليستية والقاذفات البحرية. هل سيوقع الحلفاء الأوروبيون؟ من المستحيل أن نعرف ذلك على وجه اليقين. ولكن المؤشرات المبكرة تشير إلى أنه إذا كانت الولايات المتحدة ستتراجع عن الاتفاق، فإنها ستفعل ذلك بمفردها. أما الأطراف الأخرى المشاركة في الصفقة والوكالة الدولية المكلفة بمراقبة امتثال إيران لبنود الاتفاق فيقولون إن الأمور تسير بشكل جيد. وقال مسؤول أوروبي لـ«واشنطن بوست» يوم الخميس الماضي: «إننا لن نتبع الولايات المتحدة في التخلي عن التزاماتنا الدولية بهذا الاتفاق». وليس من الواضح تماماً كيف سيستجيب المجتمع الدولي لترامب، لكن هناك أمراً واحداً مؤكداً: إذا تراجعت الولايات المتحدة عن الاتفاق، فإنها ستعزلن عن حلفائنا. كيف سيستجيب مجتمع الأعمال؟ منذ توقيع الاتفاق عام 2015، بدأت شركات كبرى عديدة في القيام بأعمال تجارية في إيران، ومن شأن العقوبات الجديدة التي ستفرضها الولايات المتحدة أن تجعل الأمور أكثر صعوبة، وكما أوضح موقع «فوكس»: «إن العقوبات الجديدة ستجبر الحلفاء الأميركيين على الاختيار بين القيام بأعمال مع إيران أو مع الولايات المتحدة، وقد بدأت إيران العام الماضي في الاندماج مجدداً في الاقتصاد العالمي، وطورت علاقات تجارية هادفة مع الشركات الكبرى التي تتخذ من الدول التي أبرمت الاتفاق مع إيران مقراً لها، وعلى سبيل المثال، فقد وقعت إيران خلال هذا الصيف اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار مع شركة «توتال إي إي» الفرنسية وشركة البترول الوطنية الصينية التي تديرها الدولة لتطوير حقل الغاز الطبيعي في جنوب باريس. وبالفعل بدأ الاتحاد الأوروبي في اتخاذ خطوات لحماية شركاته من الانتقام الأميركي، ويبحث المسؤولون في الإجراءات المستخدمة في تسعينيات القرن الماضي لحماية الشركات والأفراد من العقوبات الأميركية الثانوية، وخلال اجتماع في شهر سبتمبر، قال «ديفيد أوسوليفان»، سفير الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة «ليس لدي شك في أن السيناريو سيتحقق، لذا فإن الاتحاد الأوروبي سيتصرف لحماية المصالح المشروعة لشركاتنا». وقد تسهل العقوبات للأوروبيين تنافس الشركات الأوروبية في إيران. «إن قيام الولايات المتحدة بالإلغاء لن ينهي بالضرورة الاتفاق»، بحسب ما قال «روبرت ليتواك»، عضو مجلس الأمن القومي أثناء إدارة بيل كلينتون، وخبير في شؤون الأمن القومي بمركز وودرو ويلسون، لشبكة سي إن بي سي، وأضاف: «إن الأوروبيين لن يعودوا إلى العقوبات بهذه السرعة. كيف يمكن أن تستجيب إيران؟ ذكر الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي أنه لن يعيد فتح التفاوض، وقال وزير خارجيته «جواد ظريف» إن بلاده ستنظر في الانسحاب من الاتفاق إذا انسحبت الولايات المتحدة، بيد أن إيران قد تبقى في الاتفاق ما دامت الدول الموقعة الأخرى ملتزمة به، وكما ذكرت شبكة (سي إن بي سي): «إذا ألغت الولايات المتحدة الاتفاق، ستذهب الكرة مباشرة إلى ملعب إيران» بحسب ما قال مايكل أوهانلون، خبير السياسات الخارجية في مؤسسة بروكينجز. من الممكن أن تأخذ إيران الكعكة وتلتهمها أيضاً. «ويوضح أوهانلون قائلاً إنه سيكون من الممكن بالنسبة لإيران أن تحافظ على الفوائد من الاتفاق - أي الاستمرار في تصدير النفط بشكل قانوني، وبعد بضع سنوات من الممكن أن تقول إن الاتفاق لاغ بسبب عدم امتثال الولايات المتحدة، ومن الممكن بعد ذلك استئناف أنشطتها النووية. هذا ليس احتمالاً جاذباً بالنسبة لصناع القرار في الولايات المتحدة، لأنه سيجبرهم على الاختيار: إما الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، أو الدفع لفرض عقوبات جديدة من مجموعة من الدول التي ستكون بالتأكيد مترددة في التخلي عن العلاقات التجارية مع إيران. * محررة السياسة الخارجية بصحيفة «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©