الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغاضي الغربي عن التجاوزات الروسية

20 يونيو 2013 00:22
حنا ثوبورن محللة سياسية أميركية متخصصة في الشؤون الأوروبية كل ما تقوم به روسيا يمكن للآخرين أيضاً القيام به، هذه هي فحوى الرسالة التي تنقلها واشنطن إلى الحكومات المتسلطة حول العالم. فمع كل خطوة يتخذها «بوتين» لتقييد حريات الشعب الروسي يراقب زعماء من نفس النوعية ردة فعل الولايات المتحدة، وبعدما يتأكدون أن الرد ضعيف وغير مجد يتجرأون على انتهاك حقوق الإنسان بالطريقة نفسها التي تقوم بها الحكومة الروسية اليوم. فالحملة القمعية التي تشنها السلطة في روسيا على حقوق الإنسان تحركها الرغبة في إخماد حركة الاحتجاج التي انطلقت في ديسمبر 2011 عندما نزل مئات الآلاف من الروس إلى الشوارع للتظاهر ضد الانتخابات البرلمانية غير النزيهة والتي شابتها العديد من التجاوزات. وزادت حدة الاحتجاجات في مارس 2012 عندما غضب الشعب الروسي من الانتخابات المشكوك في نزاهتها والتي انتهت بإعادة بوتين مرة أخرى إلى سدة الرئاسة، فكانت ردة فعل الحكومة الروسية على التخاذل الأميركي هو تطوير أساليب قمعية جديدة، أهمها استخدام القانون كسلاح، في محاولة لتكريس سلطة بوتين والبقاء في الحكم مقابل تجاهل أميركي شبه تام لما يجري في روسيا. وبسبب ردود الفعل الأميركية الضعيفة، بدأت الأساليب الروسية تنتقل إلى بلدان أخرى تراقب باهتمام مدى نجاح بوتين في قمع المعارضة والتضيق عليها، وهكذا بدأ رئيس أذربيجان، إلهام علييف، يستعد لانتخابات شهر أكتوبر المقبلة على أمل تفادي المعارضة التي طاردت بوتين وتلافي الاحتجاجات التي اندلعت ضده، ومع نجاح بوتين فعلياً في إضعاف المعارضة ينتهج «علييف» نفس النهج عله ينجح هو الآخر في ضمان ولاية رئاسية جديدة، مستوحياً خطط وأساليب بوتين. فعندما تحركت الحكومة الروسية في شهر يوليو الماضي لتجريم التشهير وإدراجه تحت بند القانون الجنائي، قامت أذربيجان بتوسيع مفهوم «السب والقذف» لتشمل تصريحات الإنترنت ولتدرج ضمن إطار قانون التشهير، والهدف بالطبع هو التضييق على حرية التعبير والحد من الحريات العامة، وبالمثل راقب قادة أوكرانيا ردود الفعل الغربية على ما يجري في روسيا من تجاوزات باهتمام كبير واستنتجوا أن تصرفاتهم لن يكون لها ثمن في الولايات المتحدة، وهو ما شجع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش على المضي قدماً في خططه لتكريس نفسه في السلطة تماماً كما فعل بوتين قبل عشر سنوات، بل شرع في اتخاذ خطوات في الاتجاه نفسه على طريقة الرئيس الروسي. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى استمرار اعتقال رئيسة الوزراء السابقة، يوليا تيموشنكو، لأسباب سياسية واضحة، والذي يشبه إلى حد كبير اعتقال الحكومة الروسية لإمبراطور النفط ميخائيل خودوركوفسكي. ولم يقتصر الأمر في أوكرانيا على التضييق على السياسيين المعارضين والزج بهم في السجون، بل امتد أيضاً إلى الحد من الحريات الإعلامية، لا سيما بعدما سيطر مساعدو الرئيس على القناة التلفزيونية «إنتر»، ليتم بعدها تنحية صحفيين مستقلين والاستغناء عن برامج سياسية مهمة كانت تستضيف رموز المعارضة في البلاد، لتأتي مكانها برامج يديرها صحفيون محسوبون على النظام، والمشكلة في ضعف الردود الغربية عامة والأميركية خاصة على الهجمة التي تتعرضها الحريات العامة في روسيا والدول القريبة منها، أنها بدأت تمتد إلى البلدان البعيدة أيضاً. فعندما بدأت الحركة الاحتجاجية في روسيا ضد بوتين ونظامه سارع إلى اتهام بلدان أجنبية بدعم المتظاهرين وتأجيج المعارضة، فكان رده طرد منظمات المجتمع المدني الغربية الناشطة في روسيا، بما فيها تلك العاملة في مجال المساعدات الدولية مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي أُجبرت على الخروج من البلاد ومغادرتها بأقصى سرعة. هذا الأمر تنبه إليه على ما يبدو الرئيس البوليفي، إيفو موراليس، الذي عمد هو الآخر إلى طرد الوكالة نفسها بتهمة «التدخل والتآمر على الحكومة». وبعدما تفاقمت الاحتجاجات في تركيا ضد حكومة أردوغان، وتواصلت حدتها، بدأ الأخير يردد كلمات بوتين، مشيراً إلى أن الاضطرابات تحركها أياد أجنبية وتقف وراءها «قوى خارجية». وقبل ذلك بدأ أردوغان يفكر في تعديل الدستور لضمان استمراره في الحكم بعد انتهاء ولايته الثالثة كرئيس للوزراء وتولي الرئاسة بدلًا منها. لذا يتعين على الغرب والولايات المتحدة، أن يدركوا بـأن السوابق التـي تحدث في روسيا ويُغض الطرف عنها تجد صدى لها في بلدان أخرى، وسرعان ما تجد طريقها إلى حكومات متعطشة للسلطة، كما أن تصريحات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المقتصرة على عبارات الإدانة وإبداء الصدمة إزاء التضييق على الحريات ليست كافية. ورغم الإجراءات الأخيرة التي اتخذت في واشنطن، ومن بينها المصادقة على قانون يستهدف الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا تعد خطوات على الطريق الصحيح، إلا أنه لا بد من القيام بتدابير أكثر صرامة ضد الانزلاق الروسي نحو الاستبداد، وخطر انتقال ذلك إلى بلدان أخرى حول العالم، لأن البديل سيكون اهتزاز صورة الغرب وضرب لمصداقيته، كما سيعطي انطباعاً خاطئاً بأن مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان تم التضحية بها لأغراض مصلحية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©