الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بؤر توتر… وأطفال يدفعون الثمن

20 يونيو 2013 00:22
جيرمي رافينسكي محلل سياسي أميركي بات العالم أقل سلاماً بكثير منذ عام 2008، حيث فقد 5 في المئة من نسبة سلامه حسب التقديرات الأخيرة، وبالطبع تتحمل الجزء الأكبر من هذا العبء شريحة من المجتمع تعد هي الأكثر هشاشة متمثلة في الأطفال. وفيما شهدت بعض البلدان مثل كازاخستان والهند تحسناً في نسبة السلام، انحدر 110 بلدان في نسبة الأمن وفقاً لآخر تقرير صادر عن مؤشر السلام العالمي للعام 2013، وهو الأمر الذي يقع عبئه بالكامل على الأطفال الذين يعانون العبء الأكثر جراء غياب الأمن واستفحال الفوضى والاضطراب. والمشكلة بالنسبة لصغار السن تتجاوز التعرض المباشر للعنف والحروب، حيث يعاني العديد من الأطفال حول العالم من سوء المعاملة والحرمان على نحو يومي، وغالباً ما يكون ذلك على أيدي من يعتمدون عليهم لضمان الغذاء والمأوى، لتتزايد الأخطار المحدقة بالأطفال متوزعة بين الاستغلال الجنسي والجوع. وعلى سبيل المثال سلطت منظمة العمل الدولية في تقرير لها نشر في الأسبوع الماضي الضوء على الاستغلال الواسع للأطفال في العمالة المنزلية، بحيث يقدر التقرير وجود أكثر من عشرة ملايين طفل يعملون في المنازل حول العالم. وفيما يتعرض بعض الأطفال إلى الخطف والاستغلال، بل أحياناً يُستعبدون، في بؤر التوتر الساخنة التي تشهد أعمال العنف والحروب، يقدم الآباء في حالات أخرى على إرسال أبنائهم للعمل في المنازل من خلال وسطاء غالباً ما يضللون العائلات حول ظروف عمل أبنائهم والفرص التعليمية المتاحة لهم. ومن الصعب حماية الأطفال الذين يعملون في المنازل لعدم القدرة على رصدهم والوصول إليهم، بحيث يتم إخفاؤهم بعيداً في البيوت التي يعملون بها ويُحجبون عن الأنظار. لكن عمالة الأطفال في البيوت لا تمثل سوى جزء بسيط من إجمال عمالة الأطفال بصفة عامة، لا سيما في الأعمال القاسية التي تصل نسبة العمالة فيها إلى 215 مليون طفل. فأغلب صنوف الإساءة يتعرض لها أطفال المعامل، أو الذين يشتغلون في المناجم التي تنطوي على أخطار جسدية وساعات عمل طويلة، ولعل المثال الأبرز على عمالة الأطفال ما نشرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن غانا، حيث أكدت أن ثلث أطفالها المتراوحة أعمارهم بين 5 و14 سنة، يعملون في مناجم الذهب. وكشف تقرير آخر صادر عن أمين عام الأمم المتحدة، المعاناة التي تحيق بالأطفال في بؤر التوتر والحروب، ففي سوريا على سبيل المثال قتل الآلاف من الأطفال على مدى سنتي الحرب الأهلية. وبحسب التقرير ذاته، تم استخدام الأطفال في سوريا كدروع بشرية خلال المعارك، فيما تعرض آخرون للتعذيب والاغتصاب، أو الاستجواب بشبهة الارتباط مع الجماعات المتمردة، والأكثر من ذلك تُتهم القوات السورية النظامية بالهجوم على المدارس، أو استخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما يعبر عنه «زاما كورسين-نيف»، المدير التنفيذي لقسم حقوق الإنسان الخاص بالأطفال في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، قائلاً: «لقد وثقنا هجمات على المدارس والطلبة في 24 دولة على الأقل خلال السنوات السبع الأخيرة، وكلما كثفنا البحث وجدنا حالات أكثر»، وهكذا وبدلاً من أن تبقى المدارس مكاناً يوفر الأمن للأطفال، تحولت إلى مصدر للرعب ليمتنع العديد منهم عن التوجه إلى المدرسة. وبالإضافة إلى رصد ما يجري في سوريا من انتهاك واضح لحقوق الأطفال، تطرق التقرير الأممي أيضاً إلى ما يعانيه الأطفال في مالي، لا سيما تجنيدهم في الصراع الدائر بالشمال. فالمعارك المحتدمة في شمال مالي بين القوات الحكومية والمتمردين الذين يرتبط بعضهم بالقاعدة جاءت على حساب الأطفال الذين دفعوا ثمناً باهظاً من أمنهم واستقرارهم. فالأطفال الذين يشكلون أكثر من نصف سكان مالي غالباً ما كانوا جزءاً من الأضرار الجانبية للمعارك، فيما يتم اختطاف البعض وتجنيدهم في الوحدات المقاتلة، ويوثق التقرير هذا الأمر قائلاً «أكد سكان جاو وكيدال وتمبكتو أنهم رأوا أطفالاً يحملون أسلحة بالكاد تصل إلى طولهم ويرتدون زياً عسكرياً فضفاضاً أكبر منهم، بل في حالات كان الأطفال صغاراً لدرجة أنهم كانوا يجرون أسلحتهم». ومن مظاهر المعاناة الأخرى حالات الاغتصاب الذائعة في الحروب والعنف الجنسي الذي يتعرض له الأطفال، بما في ذلك الزيجات المفروضة، ورغم أنه من الصعب العثور على أرقام تحدد نسب الاغتصاب والاعتداء الجنسي على وجه الدقة، فإنه ومن خلال قصص الأهالي والضحايا تكثر وتتكشف العديد من حالات الاغتصاب في مناطق الصراع، لا سيما في مالي التي تعيش وضعاً هشاً في الشمال، كما أن العديد من الفتيات الماليات يتم إجبارهن على الزواج تحت تهديد السلاح، أو من قبل آباء يريدون الحصول على المال. لكن رغم هذه الأخطار التي يواجهها الأطفال في مناطق مختلفة من العالم هناك جهد تبذله العديد من الجهات بدءاً من المنظمات غير الحكومية على مستوى القاعدة وليس انتهاء بالمنظمات الدولية الكبرى بهدف حماية الأطفال والحؤول دون استغلالهم. كما أن منظمة العمل الدولية صادقت على عدد من الاتفاقيات والتوصيات المتعلقة بتنظيم عمالة الأطفال والحد منها، ومنذ المصادقة على تلك المعاهدات وبعض الدول مثل البرازيل وتايلاند والهند وفيتنام، تعكف على تطوير منظوماتها التشريعية ومواءمتها مع المعايير الدولية المرتبطة بعمالة الأطفال وضمان حقوقهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©