الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

النفط سلاح ذو حدين في المواجهة الإيرانية- الغربية

21 مايو 2006
في عام 1973 استخدمت خمس من الدول العربية ما أسمته بـ'سلاح النفط' قاطعة بذلك إمداداتها النفطية للولايات المتحدة الأميركية وحليفاتها الأوروبية· غير أنه تبين لاحقاً أن ذلك السلاح لم يكن فاعلاً ولا بتاراً، إثر تمكن الولايات المتحدة الأميركية من رفع إنتاجها من النفط إلى حوالي مليون برميل يومياً، إلى جانب رفع ثلاث دول حليفة أخرى لإنتاجها بمعدلات معقولة· وقد أسهم كل ذلك في نزع فتيل الأزمة النفطية· واليوم ومع تصاعد الضغوط التي يمارسها مجلس الأمن الدولي على طهران، بما في ذلك احتمال فرض عقوبات دولية عليها، أو اتخاذ أي إجراءات صارمة ضدها، بسبب إصرارها على تطوير التكنولوجيا النووية التي ربما تسفر عن إنتاج السلاح النووي، ها نحن نرى الرئيس محمود أحمدي نجاد ووزير داخليته يلوحان بتهديد نشر سلاح النفط في وجه المجتمع الدولي·
وفي المقابل يأخذ الكثيرون هذا التهديد مأخذ الجد ويتعاملون معه على ذلك الأساس· وبالنتيجة فقد سرى القلق في أوصال تجار النفط وأسواقه العالمية· بل ذهب البعض إلى القول إن سلاح النفط ربما يكون أمضى من أي سلاح نووي ربما تستخدمه إيران يوماً· ومن رأي هؤلاء أن في استخدام إيران للسلاح النووي ما يجر عليها الخراب والدمار المؤكدين، في حين أن استخدامها لسلاح النفط، عن طريق خفضها لإنتاجها اليومي منه، وقطع إمداداتها للأسواق العالمية، ما يسفر عنه ارتفاع مذهل في أسعار النفط العالمي، ومن ثم احتجاز الاقتصاد العالمي كله رهينة بيد طهران· وغني عن القول إن كل ذلك إنما يمنح إيران نفوذاً دولياً غير مسبوق، ويدعو الدول الأخرى المناوئة لها لتقديم التنازلات، علاوة على احتمال عودته إلى إيران بمليارات الدولارات المضافة إلى إجمالي ناتجها القومي، دون الدخول في معركة أو اشتباك عسكري مع أحد أياً كان·
وبدافع فضولهم وتطلعهم لاختبار مدى جدية إيران في استخدام سلاح النفط، بادر الدبلوماسيون الأوروبيون إلى تقديم باقة من الحوافز والمغريات لإيران -وليست العقوبات- على أمل إقناعها بالتخلي عن برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم· بيد أن مصادر عليمة قالت إن صناع السياسات داخل إدارة بوش ونظراءهم الفرنسيين والبريطانيين، توصلوا لاستنتاج مؤداه أن طهران ستواصل بيعها لمنتجاتها النفطية في الأسواق العالمية، حتى وإن تصاعدت الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية المفروضة عليها من قبل الدول الغربية· وضمن ما أخذ به مسؤولو إدارة بوش ووضعوه في اعتباراتهم، احتمال قطع إيران لإمداداتها النفطية، سعياً منها لتجفيف قسط مقدر من حجم العرض العالمي من النفط·
ولكن خبراء مختصين بالشؤون الإيرانية، أشاروا إلى جملة من الأسباب التي لن تشجع طهران على قطع صادراتها النفطية· ضمن هذه الأسباب ألمح تقرير صادر عن صندوق النفط الدولي الشهر الماضي، إلى أن صادرات النفط تمثل حوالي 85 في المئة من إجمالي الصادرات الإيرانية، وأن عائد هذه الصادرات يمثل حوالي 65 في المئة من إجمالي الدخل الحكومي· كما لاحظ الخبراء أن إيران استخدمت مبلغاً مقدراً من تلك العائدات في رفع أجور ورواتب العاملين في القطاع الحكومي، إضافة إلى دعم الحكومة لأسعار الوقود المستهلك محلياً· وتلك استراتيجية تأتي ثمارها في امتصاص الغضب الشعبي، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة إلى نحو 12 في المئة من مجموع القوى العاملة، إلى جانب بلوغ نسبة التضخم نحواً من 13 في المئة·
ومن رأي 'غياندومنيكو بيكو'، المستشار والوسيط الدولي إبان الحرب الإيرانية-العراقية، فإننا إذا ما نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية، فسرعان ما ستنحدر إلى الحضيض مصداقية إيران باعتبارها شريكاً اقتصادياً· ذلك أن اقتصادها القومي برمته سوف يتأثر، ليس بفعل تراجع الدخل القومي فحسب، وإنما بسبب عدة عوامل أخرى، منها على سبيل المثال التردد السائد الآن في أوساط عدد من البنوك الأوروبية عن القيام بأي استثمارات جديدة في إيران، مضافاً إليه احتمال تأجيل تنفيذ عدد من المشروعات البتروكيمياوية الجارية حالياً· والأكثر من ذلك والأهم منه أن إيران ستكون في مقدمة المتضررين من سياسات قطع صادراتها النفطية· فالملاحظ أنها وجهت صادراتها هذه بعيداً عن الغرب في السنوات القليلة الماضية· وبدلاً من الغرب، فهي تبيع كميات كبيرة منها إلى كل من الصين والهند، في حين بقيت دول أخرى حليفة للولايات المتحدة الأميركية مثل اليابان وإيطاليا وفرنسا، في مقدمة الدول المستوردة للنفط الإيراني· إلى ذلك فالمعلوم أن إيران لا تبيع شيئاً من صادراتها للولايات المتحدة نفسها، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها منذ أزمة الرهائن الأميركيين في عام ·1979 وبما أن أي انخفاض في حجم هذه الصادرات، وبصرف النظر عن الدول أو الأسواق التي يطالها قرار كهذا، فإنه لا شك سيؤثر مباشرة على السوق العالمي· وفي ذلك ما يرمز إلى إلحاق الأذى بكل من الصين واليابان والهند· فهل تحتمل طهران ردة فعل هذه الدول الصديقة على العقوبات المفروضة عليها من قبل كل من الولايات المتحدة الأميركية وحليفاتها؟
ستيفن مفسون
محرر الشؤون الخارجية في الواشنطن بوست
ينشر بترتيب خاص مع خدمة 'لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست'
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©