الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ميليباند»: زعامة مع وقف التنفيذ

18 يناير 2012
أنتوني فايولا لندن بالنسبة لحزب العمال البريطاني المعارض، يُفترض أن يشكل الظرف الراهن لحظة ألق وتوهج. فتحت قيادة رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون، واصلت البطالة الارتفاع، وبدأت اقتطاعات الميزانية تؤثر على جيوب البريطانيين، وأدت معارضة الحكومة لاتفاقية اقتصادية جديدة للاتحاد الأوروبي إلى عزلة متزايدة للبلاد عن جيرانها. ولكن المفارقة أنه بدلاً من أن يواجه كاميرون أوقاتاً عصيبة، فإن زعيم حزب العمال، "إيد ميليباند"، هو الذي يواجه أزمة شعبية عميقة هذه الأيام. إذ بعد مرور 16 شهراً فقط على تغلبه على شقيقه وظفره بتاج زعيم المعارضة، تدنت معدلات التأييد الشعبي لميليباند إلى مستويات قياسية. وفجأة، بدأت سهام النقد تتخطفه، ليس من قبل خصومه على الجانب الآخر من قاعة البرلمان فحسب وإنما أيضاً من بعض الشخصيات الوازنة والمؤثرة داخل حزبه هو نفسه، وبهذه الطريقة أصبح كثيرون يطرحون التساؤلات صراحة بشأن زعامته. والواقع أن ميليباند واجه منتقديه هذا الأسبوع، حيث كشف النقاب عن الخطوط العريضة لاتجاه جديد لحزب العمال في مسعى لإنعاش ولايته والصمود لوقت كافٍ لتحدي كاميرون في الانتخابات المقبلة المرتقبة في غضون ثلاثة أعوام. وقد تطرق لبعض النقاط المألوفة بالنسبة لبرنامج حزب العمال -حيث دعا إلى توزيع أكثر عدلاً للثروة، ونوع أرحم من الرأسمالية. ولكنه، فيما بدا تقليداً لكاميرون، تساءل أيضاً حول ما إن كان في وسع بريطانيا المثقلة بالديون الاستمرار في السماح لنفسها بالتوفر على "حكومة كبيرة". غير أن المشكلة، كما يقول محللون كثيرون، لا تكمن في رسالة حزب العمال وإنما تكمن في الرسول الذي يحملها. فعن حق أو عن باطل، يتعرض ميليباند لسهام الانتقاد عن كل شيء، من فشله في الظهور كزعيم ذي مصداقية، إلى تهجم شخصيات قاسية في وسائل الإعلام البريطانية مشيرة إلى أنه قد يكون "أقبح" من أن يتولى المنصب الأول في بريطانيا (ويبدو أن العملية الجراحية التجميلية التي خضع لها على مستوى الأنف لم تساعده كثيراً أيضاً). غير أن السبب الرئيسي، وربما الحقيقي، هو ضعف ميليباند في رياضة العصف الذهني والفكري التي تميز الحياة السياسية البريطانية وتقام كل أسبوع تحت قبة البرلمان حيث يتواجه كاميرون وميليباند في معركة شفهية كثيراً ما تكون محتدمة ومريرة. وفي هذا الإطار، يقول بيتر كيلنر، رئيس "يوف جوف"، وهي واحدة من أكبر شركات استطلاعات الرأي في بريطانيا: "أعتقد أن أبسط طريقة لوصف الوضع هي أن معظم الناس لا يرون فيه رئيساً ممكناً للوزراء"، مضيفاً: "وذلك له علاقة بأسلوبه وافتقاره للتجربة، وحقيقة أن الناس لا يرون فيه قوة الشخصية. والناس على مستوى ما يعتقدون أن منصب رئاسة الوزراء هو منصب يصلح لرجل، ولكنهم يرون في ميليباند ولداً". يذكر أن إيد ميليباند، هو ابن الأكاديمي الماركسي الشهير والناجي من الهولوكوست رالف ميليباند، ويبلغ 42 عاماً وقد انتخب في البرلمان قبل سبع سنوات فقط، حيث ارتقى المراتب بسرعة إلى أن أصبح رئيس لجنة الطاقة وتغير المناخ في عهد رئيس الوزراء العمالي السابق جوردون براون. وفي سباق 2010 على زعامة الحزب، هزم ميليباند شقيقه الأكبر الأكثر تجربة ديفيد ميليباند -وزير خارجية براون السابق- بفضل حشده دعم النقابات. غير أن كثيرين في حزب العمال بدأوا اليوم يتساءلون حول ما إن كانوا قد اختاروا ميليباند المناسب. صحيح أن الحزب، خلافاً لخصومه المحافظين، لديه تاريخ من التمسك بالزعماء الذين يفتقرون إلى الشعبية، وهذا أمر يصب في مصلحة ميليباند، إلا أن الانتقادات الحزبية الداخلية حول عدم قدرته على التواصل مع الناخبين بدأت تصعد إلى الواجهة. وفي هذا السياق، كتب المطلع على خبايا الحزب موريس جلاسمان يقول: "يبدو أنه ليست ثمة استراتيجية، ولا خطاب، والقليل من الحماس فقط". وهذا الأسبوع، كتب المحامي العمالي ألان جونسون في صحيفة "ديلي ميرور" يقول: "في هذه اللحظة، يشبه حزب العمال لؤلؤة عالقة بقوة داخل صدفة. في الداخل توجد جوهرة ولكن الناس لا يرون سوى الصدفة". والواقع أن وضع ميليباند يبدو أسوأ عند مقارنته مع نجاح كاميرون. ذلك أنه من عدة نواحٍ، يمكن القول إن رئيس الوزراء فند التكهنات السلبية حيث حافظ على معدل تأييد شعبي جيد نسبيّاً على رغم حملته غير الشعبية، حسب استطلاعات الرأي ضد الإنفاق الحكومي. بل إن كاميرون حظي بالتأييد بعد أن عارض اتفاقية جديدة في بروكسل لدعم "اليورو"، حيث تلقى دعماً كبيراً من قبل الجمهور البريطاني المشهور بتشككه في العملة الأوروبية. وفـي استطلاع للــرأي حديـث أجرتـه "آي. سي. إم" لحساب صحيفة "ذا جارديان"، حصل كاميرون على 48 في المئة من معدلات التأييد الشعبي، مقارنة مع 21 في المئة لحزبه، حزب المحافظين. وفي المقابل، حصل ميليباند على معدل تأييد بلغ 32 في المئة في حين حصل حزب العمال على 23 في المئة. وهذه هي أول مرة منذ 16 شهراً يحصل فيها ميليباند على معدل أدنى من نك كليج، نائب رئيس الوزراء ورئيس حزب الديمقراطيين الأحرار. غير أن ما يصب في مصلحة ميليباند هو غياب خلف واضح له في حال قرر التنحي. ومن بين الأسماء التي يتم تداولها هناك المحاميان العماليان والوزيران السابقان يفيت كوبر وأليستر دارلينج، ولكن في الوقت الراهن يبدو أن المخلصين لحزب العمال يراهنون على عودة ميليباند إلى الواجهة بقوة. ويقول توني ترافيس، المحلل السياسي في كلية "مدرسة لندن للاقتصاد": "إن كاميرون نفسه هو أحد أكبر مشاكل ميليباند"، مضيفاً "ذلك أن رئيس الوزراء شخصية مهيمنة ويتمتع بقدرة استثنائية على الحديث بثقة حول جميع القضايا. وعلى أي زعيم لحزب العمال أن يكون قادراً على إيجاد نقاط الضعف ومكامن الخلل في ذلك الخطاب، غير أن إيد ميليباند يبدو في الوقت الراهن عاجزاً عن القيام بذلك". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©