السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان كان ···انحياز للفن الخالص في زمن التسطيح والتسلية

21 مايو 2006

إبراهيم الملا:
'صراع الفن مع التكنولوجيا'، 'صراع سينما المؤلف مع سينما الإبهار'، 'سقوط الخيال الذاتي أمام هجمة الميكنة والجرافيك'··· تظل هذه العناوين المقلقة مصدرا لإحياء الإشكالات الكبيرة الذي تواجهها المهرجانات العتيدة والعريقة مثل مهرجان 'كان' الذي ينتشي حاليا بدورته التاسعة والخمسين التي تقام من 17 إلى 28 من شهر مايو الجاري، وهو محاصر من كل الاتجاهات بآليات السوق التجارية ونهم المعلنين وأباطرة الإنتاج السينمائي·
كيف يمكن للفن الخالص في السينما أن ينجو من تيارات الترفيه والتسطيح والفنون المتبخرة والمحمولة والسريعة الهضم، تماما مثل وجبات 'الفاست فوود' المجيّرة على فكرة الإشباع المؤقت والضرر المستديم!
لا لموت الفنون
لننظر الآن إلى الأهداف المعلنة لإدارة مهرجان'كان' والمتمثلة في: البحث عن أصوات متفردة في الثقافات المختلفة، التميز النوعي في أساليب الإخراج، ممارسة السينما كفن لا كسلعة، البحث عن العالم الروائي في السينما والذي يتعرف على ذاته من خلال الشاشة، إعادة الروح لعلاقة المتفرج بالسينما الحقيقية·
تساهم كل هذه الأهداف الذي يصر مهرجان كان على التمسك بها في صياغة هذا التمازج أو هذه الكيمياء القادرة على الجمع بين الخيال والصنعة السينمائية المتقنة وبين النقد الجمالي والجمهور المتعطش للسينمات الأخرى·
يحفر مهرجان 'كان' باتجاه مغاير ومضاد لكل النظريات المتشائمة والمروجة لموت الفنون، ولـ 'كان' الحق في التمسك بهذا الأمل المعني بإنقاذ السينما من ثقافة الفرجة العابرة والمسلية والتأكيد على أهمية الفرجة المتأملة والمفكرة·
تبقى رهانات 'كان' قائمة من أجل مقاومة العولمــــــة الســــينمائية ومن أجل الاحـــتفاظ على الأقل بالصورة النقية للإبداعات والثقافات الأخرى المجهولة والمغيبة عن خارطة العالم·
شيفرة دافنشي
نال فيلم 'شيفرة دافنشي' للمخرج 'رون هوارد' والمقتبس عن رواية شهيرة بذات الاسم للكاتب 'دان براون' شرف الانضمام لأفلام الافتتاح في هذا المهرجان العريق، وعادة ما يمنح مثل هذه التدشين الدعاية المناسبة والمضاعفة للفيلم المعني، وكانت الرواية قد أثارت ضجة كبيرة ولغطا هائلا ونقاشات مثيرة في العالم وفي الأوساط المسيحية بشكل خاص لأنها زلزلت الثوابت القديمة المتعلقة بحياة السيد المسيح، وتركز الرواية على الصراع القائم بين أنصار نظرية 'الكأس المقدسة' التي ظهرت بشكل رمزي في لوحة العشاء الأخير لدافنشي وبين جمعية 'أوبوس داي' التي ترفض هذه النظرية وتحاربها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ومن المنتظر أن يترك الفيلم الذي صورت أجزاء منه في متحف اللوفر الأثر نفسه والنقاشـــــــات ذاتها التي أثارتهـــا الرواية في أذهان القراء في مختلف بقاع الأرض، هذه البداية الساخنة للحدث السينمائي الأهم في فرنسا ستتحول بلا شك إلى إشارة إيجابية للمفاجآت والاكتشافات المنتظرة في البرامج الرئيسية والفرعية للفعاليات الثرية والمتنوعة في أروقة المهرجان·
حضور متواضع
يظل الحال كما هو عليه بالنسبة للتواجد العربي في مهرجان 'كان'، فهو دائما أقل من مستوى الطموح، وهذه السنة لم يختلف الوضع كثيرا، لكن ورغم ذلك فإن الحضور العربي الأبرز في المهرجان تمثل هذه السنة في اختيار المخرج الفلسطيني 'إيليا سليمان' ضمن لجنة تحكيم أفلام المسابقة الرسمية، كما أن المخرج الجزائري 'رشيد بو شارب' متواجد في المسابقة الرسمية بفيلمه 'إنديجنس'، والترجمة الأقرب لهذا العنوان هو 'السكان الأصليون'، وأتى اختيار 'سليمان' ضمن كوكبة من الأسماء اللامعة استنادا على تجربته الإبداعية المميزة، خصوصا بعد تقديمه لفيلم 'يد إلهية' الذي ناقش مشكلة الحواجز الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بشكل فانتازي ومختلط في ذات الوقت بالواقع المؤلم للحصار ولنتائجه المدمرة والقادرة على محو وتشويش أكثر العواطف الإنسانية لطفا وبراءة والتي جمعت بين بطلي الفيلم روحيا وفرقت بينهما جسديا·
ضمت لجنة التحكيم أيضا رموزا سينمائية لامعة لعل أهمها المخرج 'وونغ كار واي' ـ رئيس اللجنة ـ صاحب الفيلم التحفة: 'مزاج رائق للحب' والذي أطلق شهرته في الأوساط السينمائية العالمية كواحد من أبرز مخرجي الموجه الجديدة في هونج كونج (سابقا) ـ الصين حاليا ـ، ومن المشاركين الآخرين في اللجنة يبرز اسم المخرج الفرنســي 'باتريك ليكونت'، والممثل الأميركي 'صامويل جاكســـــــون'، والممثل البريطـــــــاني 'تيم روث'، والإيطــــــالية الساحرة 'مونيكا بيللوتشي'، والصينية 'زيهانج زيوي'، والبريطانية 'هيلينا بونهام كارتر'·
منافسة 'ذهبية'
بالنسبة للأفلام المتنافسة على السعفة الذهبية فبجانب الجزائري 'رشيد بو شارب' تبرز أسماء قوية وحاضرة في معظم دورات 'كان' السابقة أمثال: الإسباني 'بيدرو ألمودفار' صاحب الفيلم الاستثنائي 'كل شيء عن أمي'، حيث يشارك هذه السنة بفيلمه الجديد 'فولفر'، وتشارك 'صوفيا كوبولا' القادمة من عائلة سينمائية ضاربة بجذورها في أرض الفن السابع بفيلم يتناول الشخصية التاريخية الشهيرة 'ماري أنطوانيت'، وهناك أسماء اخراجية شهيرة مشاركة في المسابقة أمثال: 'آكي كوريسماكي' و'نيكول جارسيا' و'جويليرمو ديل تورو' والبريطاني 'كين لوش'، والإيطالي 'ناني موريتي'·
أما الأقسام الأخرى في المهرجان مثل 'نظرة ما' و 'أسبوع النقاد' و 'نصف شهر المخرجين' و 'كل سينمات العالم' و'الكاميرا الذهبية' فما زالت هي الأقسام المفضلة للباحثين عن مغامرات ورؤى سينمائية جديدة، كما أنها تتيح الفرصة لمتابعي السينما المجهولة كي يتعرفوا عن قرب إلى المواهب السينمائية البعيدة عن صخب الشهرة وفلاشات المصورين وإغراء الشركات المسيطرة على سوق الفيلم في الغرب!
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©