الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحات سهير عثمان تستلهم الموروث الثقافي بروح عصرية

لوحات سهير عثمان تستلهم الموروث الثقافي بروح عصرية
6 يوليو 2014 23:04
مجدى عثمان (القاهرة) ارتبطت شهرة الفنانة التشكيلية سهير عثمان بالنسيج كتخصص أكاديمي وخامة مسطحة يمكن العمل عليها بتقنيات مختلفة من طباعة وصباغة وحياكة للخيامية بشكل معاصر يتفق ورؤيتها التي تستقي من عناصر التراث المصري بأنماطه وفنونه المختلفة، ما يتوافق والتقنية التي تنفذه بها، وهي رغم ذلك لا تغفل في منتجها الفني الذي يزين معارضها الخاصة، استخدام الخامات الأخرى وخاصة الورق لإنتاج أشكال متعددة ترتبط معاً وتُمزج في شكل مستحدث خاص بها، غير منقول أو مقلد من تاريخ مصر الحضاري، وإنما مُطوع لهدف التأصيل والانطلاق نحو آفاق معاصرة في آن واحد. وتوضح أن أعمال كل معرض تقيمه ما هو إلا امتداد متصل مع ما قبله من معارض سابقة، تنبع من فلسفتها الخاصة التي تعتمد على الخليط المركب أو المزج ما بين فنون الحضارات المصرية جميعاً، لكنها في معرضها الأخير الذي أقامته في قاعة دار الأوبرا انتجت أعمالاً ارتكازها الرئيس على العناصر المستلهمة من الفنون الإسلامية. الفنان القديم وتؤكد سهير أن الفنان المصري المعاصر لم ولن يستطع تقليد الفنان القديم الفرعوني أو القبطي أو المسلم، ولكن يمكنه أن يستمد أو يستلهم من فنونه، وأنها تطبق ذلك فعلياً من خلال أعمالها الفنية التي أنتجتها مؤخراً معتمدة على المنطق الفلسفي للفنون الإسلامية في شكلها العام، واستنباط الطرق التي تناول بها الفنان المسلم عناصر الفن الإسلامي الكتابية والزخرفية سواء الهندسية أو التوريقات النباتية، وكذلك معالجته للأشكال الحيوانية والآدمية. وتضيف أنها تستلهم تلك العناصر وتطوعها لتركيبتها الخاصة المعاصرة، مع احترامها لخصوصية كل مجال فني وما يتطلبه من معالجات، حيث يرتبط كل عنصر بالمجال الذي تناوله، فلا تستخدم العناصر الهندسية الواضحة في أعمال الجرافيك، بينما تتغير العناصر التي تدخل في تصاميم السجاد أو المنسوجات القماشية. وتقول: إن الفنان المسلم تفرد بلانهائية الشكل من خلال فلسفته المعروفة للوصول إلى اللامنتهى، التي تعتمد على خلق هيئات جمالية لا تستدعي التنميط من ذاكرة المشاهد رغم اعتمادها على نغمة الترديد من العنصر الواحد بعد تكراره في أماكن ومستويات مختلفة فلا تجعل المشاهد يمل النظر إليها، فهي تتولد وتتخلق بشكل متصل متماثل ومتغير معاً يخدمها الإيقاع المتوازن، وإنها تحاول الوصول بأعمالها الفنية إلى تلك الغاية بالانطلاق بالخط الحر اللانهائي أيضاً، باستخدام الدائرة والمستطيل والنقطة. رسومات تحضيرية وتنتج سهير عثمان أعمالها في فرع السجاد على النوع المسمى منه «طافتنج» أو نصف اليدوي ونصف الميكانيكي، وتتناول العناصر الإسلامية فيه من خلال رسومات تحضيرية كثيرة حتى تصل إلى الفكرة التي تحاول أضافتها على خامة الصوف الخالص، ورغم أنها اشتهرت بتكوينات السجاد في الأبيض والأسود، إلا أنها في أعمال معرضها الأخير بدأت في الانتقال إلى لون الحجر الذي يمثل لون الحضارات القديمة، كما أنه يمثل لون البيئة المصرية. تؤمن سهير بأهمية تعدد التقنيات والخامات، وكذلك المجالات التي تنتج بها أعمالها الفنية، لما تعتبره من أن ذلك في محصلته النهائية سوف يؤدي إلى غنى وثراء لرؤية المتلقي، فتجتمع في معرضها أعمال الجرافيك بأنواعه والطباعة المسطحة أو الشاشة الحريرية والحفر الغائر، وأعمال المسطحات النسجية التي استخدمت في إنتاجها الطباعة المباشرة على القماش، في تكوينات من العناصر الهندسية الإسلامية، والمزج بين الفن الإسلامي والفن المصري القديم باستخدام الرمز. خياطة القماش ومن خلال فن الخيامية تعاملت سهير مع المسطحات النسجية بتطوير فني خاص بها، بعد تجهيز القماش بطباعته باللون المطلوب للبناء الهندسي وصياغته على مسطح النسيج، والتعامل معه جزءاً جزءاً، ثم خياطة القماش والتي تحتاج إلى الكثير من الصبر، حيث تقع كل غرزة في مساحة لا تتجاوز الملي، مبتعدة بذلك عن الاستخدام المعروف بالخيامية كفن حرفي. كما قامت باستخدام تقنية الباتيك في المسطحات النسجية، وهو طريقة تنسب إلى أندونيسيا وتعني صباغة القماش بطريقة المناعة، أي منع دخول الصبغة لبعض الأجزاء، بعد أن يغطى النسيج بخليط من المواد الشمعية المختلفة، ثم تقوم بتكسيرها فتدخل الصباغات إلى التشققات التي وجدت على السطح الشمعي، وبعد إزالة تلك الطبقة الشمعية تبقى التأثيرات ذات الشكل المتشعب الناتج عن التشققات بعد أن تكون قد تلونت بالصبغة، لذلك فالباتيك نوع من الصباغة وليس الطباعة، وقد تناولت في الأعمال المنفذة بتلك التقنية التوريقات النباتية والعناصر الهندسية المستلهمة من الزخرفة الإسلامية. وتحدد مشاكل الاستلهام من الفن الإسلامي في صعوبة تناول العنصر الزخرفي على المسطح وتحريكه ومزجه بعنصر آخر أو عناصر من حضارة أخرى، وكذلك تناول العناصر الهندسية صارمة الشكل والتكوين، وأنها عند استخدامها للعنصر الزخرفي تنسى تماماً المسطح الأول الذي وجدته مرسوماً أو منقوشاً عليه في الفنون الإسلامية، وطريقة تطبيقه أو تنفيذه من قبل الفنان المسلم. وبنظرة غير فاحصة قد يظن البعض أن سهير تستخدم التقنية الرقمية في إنتاج أعمالها الجرافيكية، إلا أنها تؤكد أنها لا تفضل استخدام الكمبيوتر في إنتاجها الفني، لما ترى فيه من آلة إنتاج أعمال عددية مستنسخة جافة تماماً، وتفتقد إلى الروح أو الحس الآدمي أو بصمة الفنان التي وهبها الله له. وتقول إنها تحاول الاستفادة من أحدث الاتجاهات العالمية مع الاحتفاظ بهويتها وجذورها المصرية، وإنه ليس مطلوباً من الفنانين المعاصرين تكرار الفنون القديمة، وإنما محاولة التأكيد على استمراريتها دون تقليد، فلا قيمة للعمل الفني المكرر، حيث إن الفن يتغير بينما العلم يتقدم، ولذلك يمكن أن تُلغى فيه نظرية حديثة القديمة التي سبقتها، أما الفن فيتراكم رأسياً فلا يمكن إلغاء القديم الذي يمثل القاعدة الأولى التي يبنى عليها الفن الحديث والمعاصر بعد ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©