الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة محمد: صمت في عمر التاسعة

6 يوليو 2014 23:08
خولة علي (دبي) جلست فاطمة محمد، منهمكة في سف الخوص، الحرفة التي زاولتها وهي في التاسعة من عمرها، حتى أتقنت فنونها ومهارتها، منطلقة بشغفها بهذا الحرفة، التي أعادت لها ذكريات سنوات من طفولتها البسيطة، على سواحل المنطقة الشرقية، بنسماتها البحرية العليلة، وشواطئها التي داعبت خطواتها الأولى، وتمرغت قدماها برمالها البيضاء الناعمة، فالبحر شهد لهوهم وعبثهم حيث اعتاد الصبية زيارته كل يوم. ويبقى لرمضان في الماضي لدى فاطمة روحانيته التي تتجسد في منظومة الحياة اليومية وتفاصيلها العالقة في ذاكرتنا نستعيدها ما إن يلوح الهلال فـي الأفق، إيذاناً بدخول الشهر الفضيل، فتجتاح النفوس الطمأنينة ويعم الحي حالة من السكون والأمان، ويهم كل فرد في المضي إلى عمله بهمة ونشاط طــلباً للرزق وتوفير قوت اليوم. وتبقى ليالي رمضان مضاءه نيره، بالفنر أو الصراي، حيث تنشط المنازل بالذكر وتلاوة القرآن وتبادل الأحاديث المفيدة فيبقى الحي متوهجاً بالإضاءة التقليدية ترحيباً بكل زائر، والبيوت مشرعة أبوابها لاستقبال الزوار والضيوف. بداية الصيام في عمر التاسعة كما تروي: بدأت الصوم، فكان الأمر شاقاً علي أنا وإخوتي خصوصاً في ساعات النهار الطويلة وتحت موجة الحرارة العالية، في الصيف. واذكر حينها أن في رمضان عادة ما يتم عمل مشروب وهو نوع مخصص في رمضان، لم نستطع أنا وأخوتي أن نقاوم لونه البراق المنعش، فسرعان ما شربنا منه، فهرولنا مسرعين إلى البحر لنزيل أثاره، خوفاً من أن ينكشف أمرنا ونتعرض لعقوبة. وقالت: كان الأهالي حريصون على تعود الأطفال على الصوم وهم صغار، وتعريفهم بفضل الصيام وأهميته، إلى جانب بعض الحرف التي أعتاد الأهالي قديماً على مزاولته وهي حرفة سف الخوص لها له من أهمية في بيئة قائمة على ما يتمتع به المرء من حرفة. الحرف وتظل الحرف التراثية القديمة نافذة يمكن أن تكشف واقع حياة الأجداد قديما، وكيف استطاعوا أن يطوعوا الخامات البسيطة، في إنتاج أدوات ومقتنيات تلبي احتياجاتهم، وتسهل عليهم حياتهم، وبدافع الحاجة سعى الحرفيون - كما تذكر- إلى ابتكار مجموعة من هذه الأدوات التي لا تخلو منها المنازل قديماً. حيث بدأت في تعلم هذه الحرفة في مرحلة الطفولة، فبقدر ما كان العمل شاقاً عليّ كنت مستمتعة وأنا أتعلم هذه الحرفة خطوة خطوة، وأنتجت الكثير من الأدوات التي تحتاج إليها المنازل قديماً، كالمهفة وهي المروحة اليدوية، والسفرة والحصير والسلال، والميزان والأوعية، لحفظ التمور، وأيضاً حياكة، المكبة وهو غطاء على شكل مخروطي يتم استخدامه لحفظ الطعام المقدم على السفرة والسرود، والجفير والمشبه والكثير غيرها. استعدادات وتضيف: هذه الأدوات أيضاً يتم تجهيزها بفترة زمنية طويلة استعداداً للشهر الفضيل، سواء في عمل حصير أو السرود الذي يجتمع حوله الأفراد للفطور، وأيضاً المكب لتغطية الطعام، وحفظها من أن تطالها الحشرات وغيرها من الدواب، فبقدر الجهد الذي نبذله إلا أن النتيجة تدخل السعادة على النفس بما حققته من إنجاز. ودائماً ما كنت أشعر بإيجابية الأشخاص تجاه ما أنتجته وهذا ما يجعلني استمر في هذه الحرفة وأتواجد في الكثير من الأنشطة والمحافل الدولية، فنحن لنا حضارة وتاريخ وتراث وثقافة لا يمكن أن يترك عبثا ليندثر ويضيع أمام التمدن والتحضر فالجيل مكلف بأن يحافظ على هذه الحرف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©