الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثنائية العرض والطلب.. العمود الفقري لاقتصاد السوق

ثنائية العرض والطلب.. العمود الفقري لاقتصاد السوق
24 نوفمبر 2016 21:25
إعداد: مصطفى عبد العظيم تشكل ثنائية «العرض والطلب» بالنسبة لكثير من خبراء الاقتصاد، العمود الفقري لاقتصاد السوق، والمحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، فضلاً لكونها أحد القوانين الأساسية في علم الاقتصاد، الذي يؤدي دوراً أساسياً في تحديد الأسعار وتشكل الأسواق. ويتحدد العرض والطلب بدورهما حسب التقدم التكنولوجي والظروف التي يعمل في ظلها البشر، فمن ناحية، قد يزدحم السوق بعدد كبير ومتماثل تقريباً من البائعين والمشترين لسلعة ما، ومن ناحية أخرى، قد لا يوجد سوى بائع واحد ومشترٍ واحد لسلعة أخرى. ووضع خبراء الاقتصاد نماذج توضح الأنواع المختلفة من الأسواق، وأعمقها هو المنافسة الكاملة، حيث توجد أعداد كبيرة متماثلة من الموردين والمشترين للمنتج نفسه، ويمكن للبائع والمشتري الالتقاء من دون أي تكلفة، ولا توجد حواجز تحول من دون دخول موردين جدد إلى السوق. وفي ظل المنافسة الكاملة، لا يملك أحد القدرة على التأثير في الأسعار، فيأخذ الجانبان سعر السوق كما هو، وسعر توازن السوق هو ذلك السعر الذي لا توجد فيه زيادة في العرض أو زيادة في الطلب، ويواصل الموردون الإنتاج ما دام في استطاعتهم بيع السلعة بسعر يزيد على تكلفة صناعة سلعة أخرى (التكلفة الحدية للإنتاج). ويواصل المشترون الشراء ما دام رضاؤهم عن استهلاك السلعة يزيد على الثمن الذي يدفعونه، وهو ما يسمى (المنفعة الحدية للاستهلاك). وإذا ارتفعت الأسعار، فإنها تغري المزيد من الموردين بالدخول إلى السوق. ويزيد العرض حتى يتم التوصل إلى سعر توازن السوق مرة أخرى. أما إذا انخفضت الأسعار، فإن الموردين غير القادرين على تغطية نفقاتهم ينسحبون من السوق. وعادة ما يقوم خبراء الاقتصاد عموماً بتجميع الكميات التي يرغب الموردون في إنتاجها بكل سعر في شكل معادلة تعرف باسم منحنى العرض. وكلما ارتفع السعر، ازدادت احتمالات إنتاج الموردين للسلعة. وعلى النقيض من ذلك، يتجه المشترون إلى زيادة مشترياتهم من المنتج كلما قل سعره. وتعرف المعادلة التي تعبر عن الكميات التي يقبل المستهلكون على شرائها عند كل سعر بأنها منحنى الطلب. وعادة ما يعتبر العرض في حالة ميل صعودي، لأن ارتفاع السعر يحفز الموردين على زيادة الإنتاج، بينما يعتبر الطلب في حالة ميل هبوطي، لأن ارتفاع الأسعار يثبط المستهلكين عن الشراء. والنقطة التي يتقاطع عندها المنحنيان هي سعر توازن السوق – أي السعر الذي يتماثل عنده العرض والطلب. ويطلق على العلاقة بين العرض والطلب على السلعة (أو الخدمة) والتغيرات السعرية عبارة المرونة، فالسلع التي لا تتمتع بالمرونة لا تتأثر نسبياً بالتغيرات في السعر، بينما تكون السلع المرنة ذات استجابة عالية للتغير في السعر، وتعتبر الطاقة أحد الأمثلة التقليدية على السلعة غير المرنة (على المدى القصير على الأقل)، فيحتاج المستهلكون إلى الطاقة في الذهاب إلى العمل والإياب منه ولتدفئة بيوتهم، وقد يكون من الصعب عليهم أو المستحيل على المدى القصير أن يشتروا سيارات أو بيوت أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. الحواجز أمام المنافسة في الأوضاع الاحتكارية، عادة ما يوجد حاجز طبيعي أو قانوني أمام المنافسين المحتملين. فالمرافق على سبيل المثال غالباً ما تكون محتكرة. فليس من الكفاءة أن تقوم شركتان للمياه بإدارة مستجمعات المياه والتفاوض على حقوق الاستخدام ومد المواسير إلى المنازل، ولكن المستهلكين ليس أمامهم خيار سوى الشراء من المحتكر، وقد لا يكون ذلك في مقدور البعض. ونتيجة لذلك، تقوم الحكومات عادة بتنظيم هذه الاحتكارات لضمان عدم إساءة استخدامها لقوتها السوقية في وضع أسعار مغالى فيها. وفي مقابل السماح للشركة بالعمل كمورد وحيد، قد توجد اشتراطات بالحد الأدنى من الخدمات الواجب تقديمها لكل فرد أو يوجد حد أقصى للأسعار المفروضة. وعادة ما تتيح هذه الحدود القصوى للشركات استرداد التكاليف الثابتة. بائع واحد فقط لكن المحتكر يسيطر على المبيعات كافة، وفي هذه الحالة، إذا بيعت مائة ألف وحدة بمكسب قدره خمسة سنتات لكل حصة يكون الربح خمسة آلاف دولار، وقد يؤدي تخفيض السعر إلى زيادة إجمالي المبيعات، لكن ذلك قد لا يكون كافياً لتعويض الإيرادات المفقودة من المبيعات القائمة. ولنفترض أن المحتكر خفض السعر (والربح المترتب عن كل عملية بيع) بمقدار بنس واحد، بما يؤدي إلى زيادة في الطلب قدرها ألف وحدة. فإن ذلك سوف يضيف 40 دولاراً إلى الإيرادات، لكن المحتكر سوف يخسر أيضا بنساً واحداً من الأرباح عن كل مائة ألف وحدة يبيعها، أي ألف دولار. والمحصلة الرئيسة للاحتكار هي الأسعار والأرباح التي تكون أعلى من مستواها في ظل المنافسة الكاملة والعرض الذي غالباً ما يكون أقل. وتوجد أنماط أخرى من الأسواق يتمتع فيها المشترون والبائعون بنفوذ سوقي أكبر مقارنة بالمنافسة الكاملة لكنه أقل مقارنة بالاحتكار. وفي تلك الحالات، تكون الأسعار أعلى والإنتاج أقل مقارنة بحالات المنافسة الكاملة. وقد يتأثر العرض والطلب أيضاً بالمنتج نفسه. ففي ظل المنافسة الكاملة، يقوم كل المنتجين بصناعة المنتج نفسه، ويسعى المشترون للحصول على المنتج نفسه أو على بدائل مقاربة له، أما في ظل الاحتكار، فلا تتوافر للمشترين بدائل سهلة، إلا أن التنوع يسمح ببدائل للاختبار بين أنماط مختلفة. فمثلاً، سوق الطماطم تتضمن أكثر من مجرد المواءمة بين المشترين والبائعين لطماطم نموذجية، فالمستهلكون قد يرغبون في أنماط مختلفة، ويمكن للمنتجين الاستجابة لهم. ويمكن للداخلين الجدد في السوق المنافسة المباشرة مع المنتجين الموجودين بتطبيق تقنية الإنتاج نفسها، لكنهم قد ينتجون، بدلاً من ذلك، أنواعاً جديدة ترضي الأذواق المختلفة (كالطماطم الصغيرة أو الكبيرة الصلبة أو المتوارثة). ونتيجة لذلك، لا يتوافر للمنتجين سوى نفوذ سوقي محدود لتحديد الأسعار في حالة وجود منافسة في الأسواق مع تنوع في المنتجات. احتكار مؤقت تنشأ التعقيدات عندما يكون وضع الملامح الرئيسة المميزة لمنتج عن غيره من المنتجات أمراً مكلفاً، بينما تقليدها قليل التكلفة مثل الكتب وبرمجيات الحاسوب. وقد يكون تأليف كتاب أمرا صعبا، لكن التكلفة الحدية لطباعة نسخة منه منخفضة. وقد يشتري المستهلكون كتباً كثيرة، لكن عندما يشتهر أحداها قد يجد المنافسون الحافز لتخفيض سعرهم عن سعر الناشر وبيع نسخهم الخاصة. ومن أجل السماح للمؤلف والناشر باسترداد التكلفة الثابتة، غالباً ما تمنح الحكومات احتكاراً مؤقتاً لهذا الكتاب (حقوق الطبع) لكل من المؤلف والناشر. ويتجاوز السعر التكلفة الحدية للإنتاج، لكن حقوق الطبع تحفز المؤلفين على مواصلة الكتابة والناشرين على مواصلة إصدار الكتب وتسويقها، بما يضمن عرضها مستقبلاً. روبـرت شيللر.. «عَراف» الفقاعات المالية كثيراً ما جرى وصف روبرت ج.شيللر باعتباره حالماً، وقد أورد في بعض من أكثر كتبه مبيعاً مثل «الأسواق الكلية» و«النظام المالي الجديد» مبرر خلق أسواق مالية جديدة يستطيع الأفراد فيها أن يتفادوا أهم الأخطار التي تؤثر فيهم، مثل أخطار الدخل أو أسعار المساكن. ولد روبرت جيمس شيلر والذي يعتبر من أهم 100 اقتصادي تأثيراً في العالم ومن أكثر المؤلفين رواجاً، في 29 مارس 1946 وحصل على جائزة نوبل عام 2013 مع لارس بيتر ويوجين فاما عن التحليل التجريبي للأصول الاقتصادية. ومع حصوله على براءتي اختراع للابتكار المالي باسمه، بدأ شيللر يحول حلمه إلى حقيقة، ففي 2006 بدأ تداول العقود الآجلة الخاصة بأسعار المساكن في 10 من مناطق العواصم في الولايات المتحدة في بورصة شيكاجو التجارية. وظل شيللر أكاديمياً يحظى بالاحترام (وهو أستاذ كرسي آرثر م.اوكون للاقتصاد في جامعة بيل وأستاذ التمويل في كلية الإدارة في بيل). ولكنه حظي بالشهرة عندما دلف إلى ميدان علم الاقتصاد، فقد جعلته كتبه عن الأسواق المالية وأزمة الديون دون الممتازة اسماً مألوفاً، وظهر في سلسلة من إعلانات التخطيط لمرحلة المعاش نشرت على صفحات بأكملها في الصحف الشعبية في الولايات المتحدة. وفي دراسة أوراق بروكنجز التي أصدرها في 2003 مع كارل كيس، وفي الطبعة الثانية من الوفرة غير الرشيدة (2005)، أثبت شيللر أن أسعار المساكن بدأت تشبه «صاروخاً يقلع منطلقاً» على الرغم من عدم حدوث تطورات في عوامل أساسية مثل تكاليف البناء، والسكان، أو أسعار الفائدة يمكن أن تفسر هذا الإقلاع في الانطلاق. والواقع أن شيللر باستخدام سلاسل بيانات عن أسعار المساكن لفترة تمتد قرناً من الزمان والتي لم يتم تجميعها من قبل قد بين أن أسعار المساكن طفقت ترتفع على نحو أسرع من أي وقت مضى كنسبة من إيجارات المساكن أو الدخول الشخصية. وكما هو معروف فإن أسعار المساكن في الولايات المتحدة تهاوت بصورة مثيرة منذ 2006، وفي هذا الصدد، كان شيللر يسمى المتنبئ بالكوارث، وذلك ليس عدلاً، لأنه يعتقد أنه على الرغم من أن الانهيار الأخير في أسعار المساكن فرض تكاليف جمة على المؤسسات المالية والاقتصاد بصفة أعم، فإنه في ظل الظروف الطبيعية بصورة أكبر سيسعد معظم الناس عندما تصبح أسعار المساكن في المتناول. وانتقد بعض المعلقين أحدث كتب شيللر عن المشكلات التي نشأت في أسواق الإسكان والرهونات، وهو كتاب «حل مشكلة الديون دون الممتازة»، باعتباره مشروعاً كتب في تعجل، وسارع بدفعه إلى الناشرين لضمان جاذبية الموضوع. ومع ذلك فإن الكتاب يقدم تحليلاً جوهرياً لسبب ظهور فقاعة أسعار المساكن، وتاريخاً دقيقاً للمؤسسات الجديدة الرئيسة التي أقامتها حكومة الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي لانتشال سوق المساكن والاقتصاد من الكساد الكبير، والمقترحات الخلاقة التي وضعت لتقليل احتمال حدوث فقاعات مماثلة في المستقبل. والواقع أنه طوال مسيرته المهنية، فإن شيللر نفسه الذي أكد أن الأسواق المالية تعمل بصورة غير رشيدة، اقترح أيضاً تمويلاً أكثر، وليس أقل، كجزء من الحل، وهو يؤكد أن طريق المضي قدماً للأمام يتضمن «مزيداً من التمويل، التمويل الأكثر ابتكاراً، التمويل الأكثر ديمقراطية (المتاح للجميع)، وتمويل في ظل إطار مؤسسي محسن».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©