الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المصالحة في الجزائر ستقتل الأطراف التي أوقفت المسار الإنتخابي

22 مايو 2006
الجزائر- حسين محمد:
في سنة 1992 حمل مدني مزراق وثلة من صحبه السلاح ردا على إيقاف المسار الإنتخابي وأسس 'الجيش الإسلامي للإنقاذ' الذي عُدّ الجناح المسلح لـ'الجبهة الإسلامية للإنقاذ' وتولى مزراق إمارة التنظيم وقارع به السلطة لمدة تناهز 6 سنوات، وحينما لاحظ أن العنف بدأ يشهد إنحرافا خطيرا في الجزائر إثر المجازر المهولة التي حدثت في 1996 و،1997إرتأى الدخول في مفاوضات مع الجيش في صيف 1997 وتوّجت المفاوضات بإتفاق غير مكتوب بين الطرفين تقضي بدخول 'جيش الإنقاذ' في هدنة، وأعلن عنها مزراق في 1 أكتوبر من نفس العام، لكن الهدنة بقيت تفتقر إلى غطاء سياسي إلى أن جاء الرئيس بوتفليقة إلى سدة الحكم فرسّمها بـ'قانون الوئام' في 13 يوليو 1999 وكرسها بإعلانه عفوا شاملا بحق كل عناصر 'جيش الإنقاذ' في 11 يناير ،2000 فأعلن مزراق فور ذلك،حل التنظيم ونزوله رفقة 6 آلاف من رفاقه من الجبال ليتفرغ للنضال من أجل تحقيق المصالحة الوطنية·
وفي هذا الحوار يتطرق الأمير السابق لجيش الإنقاذ إلى محطات الهدنة ثم المصالحة الوطنية، وعلاقته بقادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقبل ذلك كيف كانت الجزائر في 1994 وكيف أصبحت الآن،كما يتحدث عن مواضيع أخرى ندعوكم لإكتشاف تفاصيلها في ثنايا هذا الحوار:
ساندتم بقوة ميثاق السلم والمصالحة الصادر في 14 أغسطس الماضي وقمتم بحملات ميدانية لإقناع الجزائريين بالإستجابة له ثم أبديتم برودا مفاجئا تجاه قانون المصالحة··على أي أساس إتخذتم هذين الموقفين المتباينين مع أن قانون المصالحة ليس إلا تجسيدا للميثاق؟
نعم أيّدنا ميثاق السلم والمصالحة في أوانه ودون تردد لسبب واضح وهو أن الميثاق جاء ليحقق ثلاثة أهداف رئيسية؛ الأول لصالح اللوبي التغريبي الإستئصالي الذي أوجد الأزمة، والثاني والثالث لصالح الشعب الجزائري··أما الأول فهو منع قادة جبهة الإنقاذ من العمل السياسي وتحميلهم مع أتباعهم المسؤولية الكاملة لما وقع في الجزائر خلال سنوات المحنة، في حين ذهب الثاني إلى تسوية الوضعية الاجتماعية والقانونية لفئة عريضة تضررت كثيرا طوال سنوات الأزمة إلى يومنا هذا،وذهب الثالث إلى غلق الباب نهائيا في وجه أي تدخل أجنبي، وتجنيب الجزائر ما وقع ويقع في العراق وأفغانستان·
وقد سبق وأن صرحنا أن هذا الميثاق مجحف وظالم لسبب بيّن صريح وهو تبرئة المجرم وتجريم الضحية، إلا أننا قبلنا به تماشيا مع الإستراتيجية المسطرة التي إعتمدناها، ونحن نستعد لمباشرة الخطوات الأولى من مشروع المصالحة الوطنية الذي مثلت فيه الهدنة المعلنة سنة 1997 خطوة مهمة لفتح الباب واسعا للوصول إلى الحلول النهائية التي تعيد للدين مكانته وللشعب حقه وللوطن أمنه وإستقراره·
الشرعية الدستورية
ينص قانون المصالحة على حرمان كل من شارك في العنف ويرفض الإقرار بمسؤوليته في ذلك، من الحياة السياسية··هل تشعرون أن هذه الفقرة تعنيكم شخصيا وأنها جاءت لوضع حد لطموحاتكم بتأسيس حزب سياسي؟
- لا·· هذه الفقرة لاتعنينا لا من قريب ولا من بعيد لسبب بسيط وواضح وهو أن مرسوماً صدر بإسم الدولة الجزائرية ممثلة في شخص رئيس الجمهورية في 11 يناير 2000 يقضي بعفو كامل في حق كل أفراد الجيش الإسلامي للإنقاذ، ويؤكد بالنص المكتوب والمنشور في الجريدة الرسمية تمتّع كل الأفراد المذكورين آنفا بجميع الحقوق المدنية والسياسية·
تحدث رئيس الجمهورية مرارا عن 'التوازنات الوطنية' التي قال إنه راعاها أثناء صياغة ميثاق السلم·· برأيكم، ما هو الدور الذي لعبته الأطراف المقصودة بهذه العبارة في صياغة قانون المصالحة؟
إن الأطراف المقصودة بعبارة 'التوازنات الوطنية' ، هي تلك التي أوقفت المسار الإنتخابي منذ 11 جانفي 1992 وزجت بالبلاد في مستنقع الدماء والدموع، وهي المستفيد الأول من الأزمة، وهي من يقف وراء عرقلة كل مقترح أومشروع تشتمّ منه رائحة إنقاذ الجزائر والجزائريين؛ ولأن الرصاص لايصل إلى هذه الفئة، فإن مشروع المصالحة الوطنية - وبالتالي العودة إلى الشرعية الدستورية- أضحى السبيل الوحيد الذي يقوّم هؤلاء أو يقتلهم· وقد ظهرت نجاعته فعلا منذ إقرار الهدنة في 1997 إلى يومنا هذا· والبقية آتية إن شاء الله والصبر مفتاح الفرج·
لم يستجب سوى حوالي 80 عنصرا مسلحا لقانون المصالحة الصادر في 1 مارس ·2006 ما هي أهم أسباب ضعف وتيرة الإستجابة برأيكم؟ وهل تعتقدون أنها سترتفع في الأشهر الأربعة المتبقية في ظل تغييب الحل السياسي؟
إن خلاصة التجربة التي خضناها مع أفراد الجماعة المسلحة تؤكد أن أفراد هذا التنظيم الذي لم يبق منه إلا عددا قليلا، سيعودون إلى المجتمع متى صدرت قوانين المصالحة في قالب جاد ومنصف، وقدّرنا يومها أن سنةً ونصف سنة بعد دخول القوانين حيز التنفيذ كافية لعودة الأغلبية،والآن وبعد صدور القوانين وبرغم أنها لم تكن في المستوى المرجو، فإن الوقت لايزال مبكّرا لكي نقدم أي حكم على العملية برمتها·
تغيّر الحقائق
برأيكم، ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه قادة 'الجبهة الإسلامية للإنقاذ' المحظورة في حل الأزمة بعد تحول ولاء 'الجماعة السلفية' إلى 'القاعدة' وإصرارها على إقامة 'الدولة الإسلامية ' بالقوة وحدها بعيدا عن العمل السياسي؟
تسألني عن الأزمة وكأننا نعيش سنة 1995 حينما كانت الحقائق كالتالي:
1- عدد المقاتلين كان يفوق 15 ألف·
2- أغلبية الشعب الجزائري يقف إلى جانب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بسبب الظلم الذي سلّط على أتباعها·
3- المجتمع الدولي متفهمٌ جيدا لمطالب جبهة الإنقاذ، بل أيدها في أغلب الأحيان، بما في ذلك الولايات المتحدة·
4- النظام دخل في حالة الإحتضار بداية من سنة ،1994 ولكن الطبقة السياسية بمختلف توجهاتها أظهرت عجزا مريعا ولم تأخذ زمام المبادرة لإستلام السلطة كما حدث في كثير من بلدان العالم·
5- ديون الجزائر تجاوزت 30 مليار دولار·
6- الخزينة فارغة تماما·
7- حصار كلي مضروب على البلد حيث أصبحت كالحصان الأجرب لايقربه إلا أهله·
أما اليوم، فنحن في سنة 2006 بحقائقها التالية:
1- عدد المقاتلين دون الألف·
2- أغلب الجزائريين إنحازوا إلى العملية السلمية على ما فيها من نقائص، مفضلين الصلح والمصالحة على الفوضى والمجازر·
3- المجتمع الدولي غيّر مواقفه كلية تجاه الحركات القتالية في العالم الإسلامي وأعلن الحرب عليها·
4- بعدما كانت مؤسسات الدولة إنتقالية وغير شرعية وضعيفة، أصبحت منتخبة مع مؤسسة رئاسية قوية إلى حدّ ما·
5- الديون أصبحت أقل من 15 مليار دولار مع الإستعداد لإنهاء مشكلتها في أقرب الآجال·
6- أكثر من 62 مليار دولار إحتياطي صرف يملأ الخزينة·
7- الحصار المضروب على الجزائر تبدّد ، وأصبحت بحمد الله قبلة للقيادات والشخصيات العالمية ومسرحا للملتقيات الدولية·
8- فُتحت الورشات في كل مكان فأصبح المُنصف يرى الطرقات تُعبد والعمارات تُبنى والجامعات تُشيّد ، وعدّد ماشئت من شواهد التنمية والإنجازات·
وبناء على كل هذا، وإستكمالا لما تحقق حتى الآن، ولأننا والجبهة الإسلامية أدوات بناء لا هدم، فإنه يتوجب علينا وعلى كل غيور صادق في هذه البلاد، النضال من أجل ثوابت تلزم كل الجزائريين على إختلاف توجههاتهم، وتشمل الإسلام دين الدولة و إقامة دولة جزائرية مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادىء الإسلامية (مشروع المجتمع النوفمبري)، والعمل من أجل أن تكون الجزائر أمة إسلامية الروح، عربية اللسان، أمازيغية الأصول، إنسانية التطلعات، وهي جزء لايتجزأ من الأمة العربية الإسلامية، وأت تظل واحدة موحدة،وترسيخ حرية التعبير والممارسة الديمقراطية في إطار القيم الوطنية الأصيلة·
العلاقة بقادة الإنقاذ
كيف تقيمون علاقتكم بالقادة التاريخيين لجبهة الإنقاذ، وما هي حدود التنسيق حاليا بعد أشهر من التوتر على خلفية رغبتكم ببعث 'الإنقاذ' بإسم آخر؟
- تربطنا بالقادة التاريخيين للجبهة علاقتان؛ الأولى دعوية أخوية أبدية وهي الأصل،والثانية حزبية تنظيمية وهي الفرع··فالأولى فهي جيدة وقوية لانترك أواصرها وروابطها تفتر أو تهتز مهما كانت الظروف والمحطات· وأما الثانية فهي ظرفية مرحلية لإرتباطها بوسيلة متغيرة متطورة، وهي التنظيم أو الحزب· ولايخفى على أحد يفقه في هذا المجال أن هذه العلاقة محكومة بتطابق القناعات وتقارب وجهات النظر مع توافق أساليب العمل· وبهذا المنطق يتبين لكم أن علاقتنا تتقوى مع هذا وتضعف مع ذاك والله المستعان·
صرحتم بأن الصحافة الفرنكفونية في الجزائر أفسدت العلاقة الودية بينكم وبين جبهة التحرير الوطني··هل من تفاصيل أكثر؟
- جبهة التحرير هي نتاج الحركة الوطنية بمختلف مكوناتها، وهي تحظى بمكانة خاصة في قلب كل جزائري شريف يعرف معنى الإستقلال والسيادة الوطنية، وبرغم أن جبهة التحرير تحولت بعد 1962 إلى حزب، فإن إحترام الشعب الجزائري لها لم يتزعزع كثيرا لتمسكها بالمشروع النوفمبري ودفاعها عن القيم والثوابت، إلا أن السنوات الطويلة فعلت فعلتها في هذا الصرح السياسي الكبير، فحولته إلى ما هو عليه الآن· ومع كل ما وقع ويقع، فإن ثقتنا في الخيّرين الغيورين أصحاب المروءة والوطنية داخل جبهة التحرير تجعلنا نطمئن إلى التحولات السريعة التي سيعيشها الحزب مستقبلا، مما يؤهله لتبؤ مكانة متقدمة في الساحة السياسية إلى جانب القوى الأصيلة في المجتمع، ونسأل الله تعالى أن لاتسلك جبهة التحرير طريقا غير طريق الشرفاء فيذهب ريحها وتخمد جذوتها وتصبح أثرا بعد عين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©